19 نوفمبر 2024
فلكلور سياسي عربي
تضرب قوات تابعة للمتمرد، خليفة حفتر، مواقع عسكرية ومنشآت وطنية، في ليبيا، بينما تُستأنف جولة مفاوضات مباشرة وغير مباشرة، بين طرفي النزاع في هذا البلد، برعاية الأمم المتحدة، في مدينة الصخيرات المغربية، وكأن المذكور، بما يمثله من قوى محلية ودول مساندة لها، يعمل على فرض حقائق يتوخّاها على المؤتمرين. وفي اليمن، ثمّة ترتيبات لعقد حوار وطني بين تكتلات وقوى وأحزاب سياسية في البلد، سينتظم في الرياض، ويقال، في الوقت نفسه، إن حواراً يجري برعاية مبعوث الأمم المتحدة، جمال بنعمر، في صنعاء، غير أن الحوثيين لا يجدون أنفسهم معنيين بهذه الثرثرات، طالما أن في وسع مليشياتهم المسلحة، وقد صارت أقوى وأمضى، أن تحتل مطاراً في تعز، وفي مقدورها أن تضرب في عدن، بل وتستطيع أن تعلن أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، في عرفها، "فار من العدالة"، ويستهجن القائمون على أمر هذه المليشيات دعوة الرئاسة المصرية الرجل إلى مؤتمر القمة العربية. أما في سورية، فالنظام غاصب السلطة هناك، لا يرى سبباً للاستغراب من ترحيبه بعقد نوبةٍ ثانيةٍ من منتدى موسكو، يدردش ممثلون عنه مع معارضين، بالتزامن مع إجهازه على سوريين كثيرين، ببراميل متفجرة في غير مكان، وأيضاً بغاز الكلور في سرمين وجوارها. ذلك أن هذا الصنف من الحوارات، كما سابقاته، في جنيف وغيرها، لا يفرض عليه احترام حق السوريين في الحياة.
هذه بعض تنويعات في جديد الأخبار المتوالية من سورية واليمن وليبيا، وتكاد تدفعنا إلى اعتبار موضة الحوارات الوطنية العربية فلكلوراً ظريفاً، ففي البال أن اليمن شهد حواراً داخلياً مطولاً، وانتهى إلى مخرجات محددة في غير موضوع، وقيل، في غضونه، إن تطبيق قراراته وتوصياته تنقل البلاد من طور انتقالي راهن، ومن عملية سياسية جارية، إلى استقرار مؤسساتي ودستور جديد وتنمية شاملة. أما في لبنان، فلم يعد مسلياً مزاح نبيه بري أن يدعو، بين مساحة وأخرى من الضجر والرتابة، إلى جلسات حوار وطني، كما عشرات غيرها سابقة، لم نلتفت، في إحداها، إلا لرواية لأمين معلوف مع وليد جنبلاط وهو يدخل القاعة، وإلى بقلاوة دمشقية، يتذوقها سمير جعجع، جاء بها بري من الشام، أما حديث فؤاد السنيورة عن آلية دفاعية عن البلد، وحديث محمد رعد عن دولة قوية عادلة، فذلكما، كما غيرهما، من تفاصيل نافلة لا تغري بالانتباه إليها. وأن يقول لنا أحد إن لبنان في حاجة ملحة، الآن، لحوار وطني للخروج من مأزق خلو كرسي رئاسة الجمهورية، فهذه نكتة غير مضحكة.
إنها القوة تصنع حقائقها، وهذه ليست تغريدة منثورة في "تويتر"، بل هي أحد دروس التاريخ المعلومة، وإنْ توضح هذه الدروس أن الزهو بالقوة لا يعني أنها أبدية، فثمة أصناف من القوة لها وزنها وفاعليتها في تغيير أوضاعٍ هنا وأخرى هناك. وليس من التنجيم في شيء أن يقال هنا، وبحسم، إنه لا مستقبل لسلطةٍ سياسية يفرضها الحوثيون في اليمن، ليس فقط لأن إدارة دولة مستقرة وآمنة ليس في مقدور هؤلاء، بل هي مفاعيل عويصة، اجتماعية خصوصاً، في البلاد، لن تمكّن الأمن والاستقرار لنظامٍ يصوغه الحوثيون وحدهم، على هواهم. ومن أسفٍ كثير أن ضحايا هذا الحال هم اليمنيون، وقد قضى منهم أزيد من 140 مصلياً في مسجدَين، يوم الجمعة الماضي، في جريمة إرهابية، مطبوعةٌ سفالتها بسمتٍ مذهبي ظاهر ومرذول.
على مبعدة من اليمن، سبق أهل الإجرام فيه ممن أقدموا على مذبحة المسجدين، داعشيون آخرون في تونس، أرادوا قتلاً في بلدهم، ليست قراءة في الفناجين أن يحسم، هنا، القول إنهم مهزومون، فالربيع التونسي أمضى وأقوى، نظيف من أمثال خليفة حفتر وأشباه الحوثيين، ولا مطرح فيه لشبيحة من أي صنف أسدي أو غيره.
هذه بعض تنويعات في جديد الأخبار المتوالية من سورية واليمن وليبيا، وتكاد تدفعنا إلى اعتبار موضة الحوارات الوطنية العربية فلكلوراً ظريفاً، ففي البال أن اليمن شهد حواراً داخلياً مطولاً، وانتهى إلى مخرجات محددة في غير موضوع، وقيل، في غضونه، إن تطبيق قراراته وتوصياته تنقل البلاد من طور انتقالي راهن، ومن عملية سياسية جارية، إلى استقرار مؤسساتي ودستور جديد وتنمية شاملة. أما في لبنان، فلم يعد مسلياً مزاح نبيه بري أن يدعو، بين مساحة وأخرى من الضجر والرتابة، إلى جلسات حوار وطني، كما عشرات غيرها سابقة، لم نلتفت، في إحداها، إلا لرواية لأمين معلوف مع وليد جنبلاط وهو يدخل القاعة، وإلى بقلاوة دمشقية، يتذوقها سمير جعجع، جاء بها بري من الشام، أما حديث فؤاد السنيورة عن آلية دفاعية عن البلد، وحديث محمد رعد عن دولة قوية عادلة، فذلكما، كما غيرهما، من تفاصيل نافلة لا تغري بالانتباه إليها. وأن يقول لنا أحد إن لبنان في حاجة ملحة، الآن، لحوار وطني للخروج من مأزق خلو كرسي رئاسة الجمهورية، فهذه نكتة غير مضحكة.
إنها القوة تصنع حقائقها، وهذه ليست تغريدة منثورة في "تويتر"، بل هي أحد دروس التاريخ المعلومة، وإنْ توضح هذه الدروس أن الزهو بالقوة لا يعني أنها أبدية، فثمة أصناف من القوة لها وزنها وفاعليتها في تغيير أوضاعٍ هنا وأخرى هناك. وليس من التنجيم في شيء أن يقال هنا، وبحسم، إنه لا مستقبل لسلطةٍ سياسية يفرضها الحوثيون في اليمن، ليس فقط لأن إدارة دولة مستقرة وآمنة ليس في مقدور هؤلاء، بل هي مفاعيل عويصة، اجتماعية خصوصاً، في البلاد، لن تمكّن الأمن والاستقرار لنظامٍ يصوغه الحوثيون وحدهم، على هواهم. ومن أسفٍ كثير أن ضحايا هذا الحال هم اليمنيون، وقد قضى منهم أزيد من 140 مصلياً في مسجدَين، يوم الجمعة الماضي، في جريمة إرهابية، مطبوعةٌ سفالتها بسمتٍ مذهبي ظاهر ومرذول.
على مبعدة من اليمن، سبق أهل الإجرام فيه ممن أقدموا على مذبحة المسجدين، داعشيون آخرون في تونس، أرادوا قتلاً في بلدهم، ليست قراءة في الفناجين أن يحسم، هنا، القول إنهم مهزومون، فالربيع التونسي أمضى وأقوى، نظيف من أمثال خليفة حفتر وأشباه الحوثيين، ولا مطرح فيه لشبيحة من أي صنف أسدي أو غيره.