فكرة خارج الصندوق لإنقاذ السيدة عائشة
أرجوك انسَ موضوع غادة والي ولوحاتها المسروقة قليلا، انسًَه لأنك لن تغيّره، وانسََه لأنه مهما زاد عن حدّه فلن ينقلب إلى ضدّه، انسََه لأن غادة ليست شخصا بل دولة، ولن تستطيع تغيير هذه الدولة أو إصلاحها، على الأقل الآن، كما أن تغيير غادة والي لن يحلّ شيئا، فإذا ذهب "شهبوري" فكلكم "شهبوري"، أو كما قال صاحب البيضة والحجر. الآن لدينا "لوحاتٌ حقيقيةٌ" تفرمها الدولة المصرية، وتسوّيها بالأرض حتى باتت سرقتها أو إعارتها لدولة أخرى حلما بعيد المنال. فكّر معي أو مع نفسك كيف ننقذها، نريد حلا، بدلا من الصراخ على "السوشال ميديا".
يقف الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويبكي. يتساءَل مغرّدون عن سبب "معقول"، فيجيب بعضُهم بأن الرئيس يتألم لأنه أمام قبرٍ لن يستطيع هدمه ليبني فوقه "كوبري". قد يبدو "إفيه" لكن الواقع أكثر هزلا، وبمراحل. تتعرّض مقابر تاريخية في محيط جامع السيدة عائشة بحي الخليفة إلى الإزالة، لا نتحدّث عن واحدة أو اثنتين، بل أكثر من 2700 مقبرة تاريخية، أغلبها غير مسجّل "أثر"، رغم كونها، من دون شك، آثارا. تتجاوز القيمة التاريخية والمعنوية حدود المباني (المتحفية) إلى المعاني، الأشخاص، سيرهم، دورهم، أسماء، لا حصر لها، قيثارة مصر الشيخ محمد رفعت، صوت الوحي الشريف في كل شارع وحارة وزقاق، رائحة شهر رمضان، قرآنا وأذانا، شيخ الطريقة الذي سار على دربه أساطين الأنغام الإلهية، ولم يتجاوزه أحدُهم قبل اليوم، واليوم يتجاوزه محور، ويحوم حول سيرته كوبري. خطّاط مصر الأول عبد الله بك الزهدي بن عبد القادر أفندي النابلسي، حفيد الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري، أشهر خطّاط في التاريخ، آثاره على حوائط الحرمين الشريفين، حول الكعبة، والروضة الشريفة، وعلى جدران إسطنبول، يوم كانت حاضرة الخلافة الإسلامية، وبتكليف من السلطان العثماني عبد المجيد الأول، خطوط يده منحوتةٌ على جدران مصر الخديوية، وباستدعاء وتكليف من الخديوي إسماعيل، الجوامع، المدارس، الأسبلة، المنشآت الحكومية، اللوحات، حتى كسوة الكعبة التي كانت تخرُج من مصر، تحمل خطوط يده، لم يمحُها الزمان، لكن بلدوزرات الهيئة الهندسية تستعد، الآن، لمحو صاحبها محوا. الإمام ورش، صاحب قراءة ورش المصري عن نافع المدني، أكثر روايات القرآن انتشارا في القرون الأولى، وأكثرها شيوعا في تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والسنغال وليبيا وتشاد والنيجر ونيجيريا وبعض نواحي مصر وأشهرها، الآن، بعد رواية حفص عن عاصم. ورش القفطي، نسبة إلى مركز قفط بمحافظة قنا، "بلده"، العوامي نسبة إلى جده مولى الصحابي الجليل الزبير بن العوام، تاريخ طويل، تستعد الدولة المصرية الآن لتحويله إلى أسفلت، وماذا بعد؟
لا حلّ، لا أحد يسمع أو يفهم، لا كلام عن القيمة والمعنى والتاريخ والتراث يقنع السادة الضباط، وقد سبق لهم بيع آثار مصرية، من العصور كافة، أو إهداؤها، عرابين محبة، في عهود جمال عبد الناصر وأنور السادات، بل وسرقتها وتهريبها في عهد حسني مبارك وأنجاله ورجاله، فما العمل؟ "الفلووووس"، أهم حاجة الفلوس، كما قال فخامة الرئيس السيسي، وعليه يمكننا التواصل مع المستشار تركي آل الشيخ، أو تدشين حملة مناشدات لسموّه، طال عمره، على مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكنه اعتبار مقابر السيدة عائشة والخليفة والإمام الشافعي "قوة ناعمة" تستحق الاستثمار فيها وبها، وسوف يهديه المختصون في تاريخ القاهرة -وهذا وعد- خططا في تحويل هذه "التحف" إلى مزارات دينية، وليكن عم الشيخ رفعت مثل محمد الموجي، والإمام ورش مثل هاني شنودة، وعبد الله الزهدي مثل عبد الله السعيد، لتكن المدارس مثل الأهلي والمقابر مثل الزمالك والأسبلة مثل بيراميدز. جرب يا عم والله لن تخسر، "وربنا يخلي "باور فاميلي" وينجح له المقاصد"، أو كما قالت الحاجة فوزية.