عن محترفات للرواية

24 مايو 2015

نجوى بركات ومنيرة سوار في محترف "كيف تكتب رواية"

+ الخط -
بدا نيْل رواية البحرينية منيرة سوار، "جارية"، واحدة من جوائز كتارا للرواية العربية، في فئة الرواية المنشورة، تكريماً لتجربة شابة وجديدة، وأيضاً للمحترف الذي أنجز فيه هذا العمل، وهو "كيف تكتب رواية"، وتشرف عليه الروائية اللبنانية نجوى بركات، في دورته الثانية التي انتظمت في البحرين، وكانت "جارية" واحدة من سبع روايات صدرت عن المحترف في دورته هذه التي اكتملت أخيراً. ويجيز الفوز تهنئة زميلتنا نجوى بركات بهذا الإنجاز الذي ييسّر مناسبة للتنويه بمحترفها الذي يكاد يعد الوحيد عربياً الذي يحوز حضوراً إعلامياً بيّناً، بالنظر إلى نشاطه وجدية عمله، والمأمول أن يواصل فاعليته، وأن تتوفر له كل أسباب الدعم من المؤسسات والهيئات الثقافية العربية التي تتوخى إسناد المواهب الإبداعية العربية الشابة، وتظهير منجزها ورعايتها. وفي البال أن ثلاثة أعمال صدرت عن الدورة الأولى للمحترف الذي نشأ بدعم مادي من وزارة الثقافة اللبنانية، وتواصل بدعم بحريني، وأنجز أخيراً اتفاقية تعاون مع الصندوق العربي للثقافة والفنون. وربما كان في وسع مركز كتارا للرواية العربية، والذي تم تدشينه، الأسبوع الماضي في الدوحة، في إطار تظاهرة جائزة كتارا للرواية العربية، أن يلتفت إلى هذا المحترف، ويقيم معه صيغة من التعاون والتلاقي، ولا سيما أن إحدى رواياته استحقت واحدة من هذه الجائزة الطموحة، والقوية. 
مؤكد أن ثمة عدة ورشات ومحترفات عربية، في المغرب مثلاً، تعمل على تأهيل مواهب شابة على كتابة الرواية، وقد أحسنت صنعاً الجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" أنها تنظم سنوياً ورشة في هذا الخصوص، تستمر أياماً في الإمارات، يشارك فيها كتّاب عرب مخضرمون ومكرسون في الإشراف على تمرين كتّاب شبان عرب على كتابة الرواية. ومن المحمود إعلان المشرف العام على جائزة كتارا، خالد السيد، عند تدشين مركز كتارا، الاثنين الماضي، أنّ من المهام التي يسعى المركز إلى تحقيقها العام الجاري السهر على تكوين 12 روائياً قطرياً ناشئاً، وتعليمهم أبجديات الكتابة الروائية وسرد القصص، من أجل تكوين جيل جديد من المبدعين القطريين، خدمة لتوجّه المركز الذي يسعى إلى نشر الثقافة الروائية في صفوف الأجيال القطرية الحديثة. وأمام بادرةٍ من هذا الطراز، لا يملك المرء إلا تشجيعها، والدعوة إلى نجاحها، وإلى تطويرها لتكون فاعلية خليجية وعربية، تنفتح على أكبر عدد ممكن من المواهب الناشئة في كتابة القصة والرواية، للدفع بها، بإشراف من أهل الخبرة والدراية والاختصاص.
"جارية"، رواية ثالثة لمنيرة سوار، بعد "نساء المتعة" و"حسين المسنجر"، تقوم على حكاية فتاة تحمل هذا الاسم وتحوّله إلى جوري، تحب شاباً لا يحبها، وتدير صالوناً نسائياً لها، وتكتشف أن والدها المعلوم ليس والدها الحقيقي. وفي سرد تفاصيل تتوالى في العمل، ثمّة أنوثة مستهدفة، مهجوسة بتحقيق ذاتها. سيتيح فوز هذه الرواية بجائزة كتارا مقروئية عريضة من الجمهور العربي الذي سيكون له حكمه، النقدي والانطباعي، ما يعني أن انتباهنا المستجد على هذا النص ما كان ليكون لولا "كتارا"، الأمر الذي لا يُلزم أحداً بأن يعتبره حكماً مؤكداً بالجودة والإتقان الموفق، فالجوائز كلها، وخصوصاً للرواية العربية، إنما هي أحكام لجان تحكيم، تصدر عن أذواق أعضائها وانحيازاتهم وخياراتهم. وربما يكون جائزاً أن تُقرأ "جارية"، وفي البال أنها من نتاج محترفٍ للرواية، تم فيه تدريب وتمرين مكثفان على الكتابة، بمعنى أنها منتوج مختبر سردي، ربما احتكمت فيه الكتابة إلى معايير محددة دون غيرها.
يجوز الاجتهاد بالذهاب إلى أن هذا الفيضان من الإصدارات الروائية في العالم العربي بات يشكّل مظهراً مقلقاً ومفرحاً في آن، من ناحية استسهال الكتابة والنشر، من دون تأهيل كاف واقتدار مطلوب، ومن ناحية هذا الانجذاب الجماهيري الواسع إلى قراءة الرواية. تُرى، كيف ترى محترفات كتابة الرواية هذه الحالة؟
معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.