16 نوفمبر 2024
إلى المعارضة السوريّة
واحدةٌ من أوجه العوار العديدة في أداء المعارضة السورية، وفي مقدمها الائتلاف الوطني لقواها، انعدام الحيوية في محاورة الأوساط الثقافية والحزبية والإعلامية في أوروبا، بل وانعدام التواصل بينها وبين مثل هذه التمثيلات في عدة ساحات عربية أيضاً. يصرف ناس هذه المعارضة وقتاً كثيراً في محاورة أنفسهم، ومناوشة بعضهم بعضاً، من دون أن يدروا أن العالم أوسع من حجرات مجالسهم، ويتعدّى شاشتي "الجزيرة" و"العربية"، وأن الدوحة وباريس والرياض وأنقرة عواصم صديقة، من الغريب أن يواظب أصحابنا في المعارضة السورية على المكوث فيها، فيما الأدعى سفرهم إلى الجزائر التي تستقبل أحمد حسّون، وكذلك إلى مسقط التي يُجري فيها وليد المعلم محادثات سياسية مع وزير الخارجية العماني. لم نطالع أن رئيس "الائتلاف"، خالد خوجة، حاول التواصل مع المسؤولين الجزائريين، وأبدى رغبة بزيارة بلدهم، للقائهم، وللاتصال بفعاليات إعلامية وثقافية وحزبية هناك. ولم نصادف خبراً عن أن خوجة أَعلم الحكومة العمانية برغبة "الائتلاف" بالاطلاع على اجتهاداتها بشأن الأزمة السورية، بعد أن اتصلت بها حكومة النظام في دمشق، ممثلة بالوزير المعلم.
تُقيم نخب سورية عديدة في بلدان الغرب، وينشط كثيرون فيها في اعتصامات ومظاهرات، غير أن حضور شخصيات معتبرة منها، ذات قيمة فكرية ووطنية وازنة، في وسائل الإعلام هناك، معدوم، وإنْ يحسن التنويه بالجهد الخاص الذي يبادر إليه برهان غليون، على هذا الصعيد، وهو الذي وازى صفته الأكاديمية في "السوربون" مع فاعلية سياسية تفاعلية في الوسط الفرنسي، واشتبك مع قضية وطنه وثورة شعبه في أداءٍ سياسي متنوّع، حاور في غضونه العالم، شرقاً وغرباً، في موسكو كما في واشنطن. ويجيز كاتب هذه الكلمات لنفسه سؤالاً، هنا، عن التعفّف الذي يبديه مثقفون سوريون، لهم مواقعهم في أكاديميات غربية، تجاه الظهور في وسائل الإعلام في البلاد التي يقيمون فيها، وعن السبب وراء قلّة اتصالهم بأوساط مدنية وأهلية لها تأثيرها في هذه البلاد. والتأشير هنا، مثلاً، إلى صادق جلال العظم وجورج طرابيشي وعزيز العظمة، مع كل التقدير للمواقف التي يتوجهون بها، إلينا نحن قراؤهم، بشأن المحنة السورية، فيما الأَولى والأوجب أن يخاطبوا غيرَنا، الأوروبيين الذين يقيم الأساتذة الثلاثة بين ظهرانيهم، في الجامعات والأحزاب ووسائل الإعلام مثلاً.
المهمة شديدة الصعوبة، بالنظر إلى أن أوساطاً نافذة عديدة، منها قوى اليسار وأحزابه في الديمقراطيات الغربية، تكاد تتبنى موقف نظام الأسد، بشأن مواجهته إرهاباً في سورية، من دون أي نظر في استبداد هذا النظام وجرائمه التي تتواصل منذ سنوات تجاه الشعب السوري. وهذه الصعوبة هي التي تجعل ما يدعو إليه صاحب هذه الكلمات شديد الإلحاح، والشاهد الجديد أن بهجتنا العربية الواسعة، والمحقّة، بانتصار جيرمي كوربين في زعامة حزب العمال البريطاني، بالنظر إلى مواقفه المتقدمة والشجاعة في الموضوع الفلسطيني، لا تحدّق في موقف الرجل بشأن الموضوع السوري، مع كل التقدير الواجب لمطالبته باحترام اللاجئين، فهو يرى أن الحوار مع الأسد من مستلزمات الحل السياسي المطلوب في سورية، ويُعارض أي أداء عسكري تجاه داعش. ونظن أن حواراً بين المعارضة السورية وهذا الزعيم البريطاني من المهم أن يُباشر فوراً، لا من أجل إقناعه بتغيير أفكاره، وإنما، أقله ليعرف أن ثمة ممثلين للشعب السوري، من الجدير أن يستمع إليهم، وأن تكون بينه وبينهم قنوات اتصال وتواصل.
لقائل أن يقول إنه لا رجاء يُؤمل من ناس المعارضة السورية (المعتدلة طبعاً!)، بعد أن أخفقوا في غير شأن وموضوع، فخلافاتهم وانشقاقاتهم واتهامات بعضهم لبعضهم هي الأوضح في نشاطهم، غير أن المقترح الملح الذي تتبناه هذه السطور إنما يتوجه إلى أهل الثقافة والإعلام والفكر بين سوريين عديدين في العالم، نظن أن عبئاً خاصاً يقوم عليهم، موجزه أن العالم قدامهم شاسع، وأن لمخاطبة هذا العالم عن الألم السوري، وعن وجوب التحرّر من الاستبداد الإرهابي، أكثر من لغة وأكثر من قناة.
تُقيم نخب سورية عديدة في بلدان الغرب، وينشط كثيرون فيها في اعتصامات ومظاهرات، غير أن حضور شخصيات معتبرة منها، ذات قيمة فكرية ووطنية وازنة، في وسائل الإعلام هناك، معدوم، وإنْ يحسن التنويه بالجهد الخاص الذي يبادر إليه برهان غليون، على هذا الصعيد، وهو الذي وازى صفته الأكاديمية في "السوربون" مع فاعلية سياسية تفاعلية في الوسط الفرنسي، واشتبك مع قضية وطنه وثورة شعبه في أداءٍ سياسي متنوّع، حاور في غضونه العالم، شرقاً وغرباً، في موسكو كما في واشنطن. ويجيز كاتب هذه الكلمات لنفسه سؤالاً، هنا، عن التعفّف الذي يبديه مثقفون سوريون، لهم مواقعهم في أكاديميات غربية، تجاه الظهور في وسائل الإعلام في البلاد التي يقيمون فيها، وعن السبب وراء قلّة اتصالهم بأوساط مدنية وأهلية لها تأثيرها في هذه البلاد. والتأشير هنا، مثلاً، إلى صادق جلال العظم وجورج طرابيشي وعزيز العظمة، مع كل التقدير للمواقف التي يتوجهون بها، إلينا نحن قراؤهم، بشأن المحنة السورية، فيما الأَولى والأوجب أن يخاطبوا غيرَنا، الأوروبيين الذين يقيم الأساتذة الثلاثة بين ظهرانيهم، في الجامعات والأحزاب ووسائل الإعلام مثلاً.
المهمة شديدة الصعوبة، بالنظر إلى أن أوساطاً نافذة عديدة، منها قوى اليسار وأحزابه في الديمقراطيات الغربية، تكاد تتبنى موقف نظام الأسد، بشأن مواجهته إرهاباً في سورية، من دون أي نظر في استبداد هذا النظام وجرائمه التي تتواصل منذ سنوات تجاه الشعب السوري. وهذه الصعوبة هي التي تجعل ما يدعو إليه صاحب هذه الكلمات شديد الإلحاح، والشاهد الجديد أن بهجتنا العربية الواسعة، والمحقّة، بانتصار جيرمي كوربين في زعامة حزب العمال البريطاني، بالنظر إلى مواقفه المتقدمة والشجاعة في الموضوع الفلسطيني، لا تحدّق في موقف الرجل بشأن الموضوع السوري، مع كل التقدير الواجب لمطالبته باحترام اللاجئين، فهو يرى أن الحوار مع الأسد من مستلزمات الحل السياسي المطلوب في سورية، ويُعارض أي أداء عسكري تجاه داعش. ونظن أن حواراً بين المعارضة السورية وهذا الزعيم البريطاني من المهم أن يُباشر فوراً، لا من أجل إقناعه بتغيير أفكاره، وإنما، أقله ليعرف أن ثمة ممثلين للشعب السوري، من الجدير أن يستمع إليهم، وأن تكون بينه وبينهم قنوات اتصال وتواصل.
لقائل أن يقول إنه لا رجاء يُؤمل من ناس المعارضة السورية (المعتدلة طبعاً!)، بعد أن أخفقوا في غير شأن وموضوع، فخلافاتهم وانشقاقاتهم واتهامات بعضهم لبعضهم هي الأوضح في نشاطهم، غير أن المقترح الملح الذي تتبناه هذه السطور إنما يتوجه إلى أهل الثقافة والإعلام والفكر بين سوريين عديدين في العالم، نظن أن عبئاً خاصاً يقوم عليهم، موجزه أن العالم قدامهم شاسع، وأن لمخاطبة هذا العالم عن الألم السوري، وعن وجوب التحرّر من الاستبداد الإرهابي، أكثر من لغة وأكثر من قناة.