وفي حين ذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن التوصل إلى التهدئة أتى بعد اتصالات مصرية وقطرية وأممية تركزت على حركتي حماس والجهاد الإسلامي، أعلن المتحدث باسم "حماس"، فوزي برهوم، في تصريح لـ"الأناضول"، "أن جهوداً من أطراف عدة بذلت منذ بداية التصعيد والقصف الإسرائيلي على غزة لوقف العدوان، توجت بنجاح الجهد المصري في العودة إلى التهدئة ووقف التصعيد".
كما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي، في وقت سابق، موافقتها على الاتفاق ذاته، إذ صرّح المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي لـ"الأناضول" قائلًا "تعاطينا مع الجهد المصري، ووافقنا على وقف التصعيد العسكري الذي دخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من الساعة الثامنة من مساء اليوم، على أن يلتزم الاحتلال بوقف العدوان".
وأضاف "جاء ذلك عقب اتصالات مكثفة خلال الساعات الأخيرة لتثبيت وقف إطلاق النار"، مؤكدًا في الوقت ذاته "حق الرد على أي انتهاك عدواني"، وأنهم "سيلتزمون بالهدوء ما دام الاحتلال يلتزم به".
ومنذ فجر السبت، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات على مواقع عدة تابعة لحركة حماس وأراضٍ زراعية في مناطق مختلفة من قطاع غزة، ردا على ما يقول إنه إطلاق صواريخ من القطاع على مدن إسرائيلية.
ولم يصدر إعلان رسمي من القاهرة أو تل أبيب بشأن الاتفاق حتى الساعة 18:00 (ت.غ).
وبعد أن ردت المقاومة الفلسطينية على هذا العدوان بإطلاق أكثر من مائة قذيفة وصاروخ على مستوطنات غلاف غزة، تثبيتاً لمعادلة القصف بالقصف التي بدأتها قبل أسبوعين، توقفت الغارات الإسرائيلية، وأوقفت كذلك المقاومة ردودها على العدوان عند الساعة 9 مساء بالتوقيت المحلي.
في المقابل، أقرت مصادر في جيش الاحتلال للمواقع الإسرائيلية، أن جيش الاحتلال استهدف، بحسب ادعائه، 40 هدفًا لحركة حماس في قطاع غزة، فيما تمكنت المقاومة من إطلاق نحو 160 صاروخًا وقذيفة باتجاه إسرائيل، تجاوز بعضها خط الأربعين كيلومترًا ووصلت حتى عسقلان وسديروت. ولم يتمكن جيش الاحتلال من اعتراض أكثر من 30 صاروخًا، بحسب اعترافه، في حين أشار موقع "معاريف" إلى أن صفارات الإنذار انطلقت منذ الليلة الماضية 190 مرة.
وكانت حركة حماس، قد أعلنت مساء السبت، أنه لا تراجع عن معادلة القصف بالقصف التي فرضتها المقاومة بكل قوة على العدو الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، أكد فوزي برهوم، في بيان صحافي، وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه، إن "تعمد استهداف الاحتلال لأطفال غزة، وقتله الطفلين أمير النمرة، ولؤي كحيل، يكشف حجم جرائمه ووحشيته الذي أخذ على عاتقه نقل معركته مع أطفال غزة، بعد ما فشل في كسر إرادة وعزيمة المقاومة التي تعاملت بكل مسؤولية وواجب وطني في الدفاع عن الشعب وحماية مصالحه".
وحمّل برهوم الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن كل تداعيات هذا التصعيد ونتائجه واستمرار هذه الحماقات، مؤكداً أن "المقاومة ستبقى الدرع الحامي لهذا الشعب، ولن تتخلى عن واجبها تجاهه والدفاع عنه والتصدي للعدوان مهما بلغت التضحيات، داعياً الاحتلال إلى إعادة حساباته وفهم المعادلة جيدًا"، على حد قوله.
وكانت المصادر الإسرائيلية، قد ذكرت أن الجيش كان أعد مسبقًا "بنك أهداف" لحركة حماس، وأنه استعد لجولة مواجهة عسكرية محدودة، بهدف ضرب أكبر كم ممكن من الأهداف في المرحلة الحالية.
ونقل موقع "هآرتس" عن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قوله إن "إسرائيل ستوسع نطاق ردها على صواريخ وقذائف حماس، وأنه في حال لم تدرك حماس ذلك اليوم ستدرك ذلك غدًا".
كما أشار موقع "هآرتس" إلى أنه على الرغم من التصريحات الإسرائيلية، فإن التصعيد العسكري الحالي لا يبدو كبداية لعملية عسكرية أو حملة جديدة، بقدر ما هو محاولة من إسرائيل لكسر معادلة الردع التي كرستها حماس مؤخرًا.
في المقابل، اعتبر رون بن يشاي، على موقع "يديعوت أحرونوت"، أن الجيش يسعى لتحقيق أهدافه باستهداف مواقع للحركة خلال يومين أو ثلاثة، قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، على غرار عدوان "عمود السحاب" في عام 2012.
من جهةٍ أخرى، من المقرر أن يعقد الكابينيت السياسي والأمني لحكومة الاحتلال جلسة، ظهر غد الأحد، لتقييم التطورات.
وكان الاحتلال الإسرائيلي تذرع، منذ الليلة الماضية، بعملية إصابة ضابط إسرائيلي، أمس، عند الحدود مع غزة، للتصعيد العسكري، مع استخدام الطيران الحربي لضرب أهداف للمقاومة في عمق القطاع، كجزء من ضرب القدرات العسكرية لـ"حماس"، وإضعافها في حال تدهور الأوضاع واستمرار التصعيد العسكري، علمًا بأن الاتصالات للوساطة بين "حماس" ودولة الاحتلال بدأت في وقت مبكر من بدء الغارات الإسرائيلية، بوساطة مصرية وأممية، اشترط خلالها الاحتلال، حسب ما ذكرت المواقع والإعلام الإسرائيلي، أن توقف حركة "حماس" إطلاق الطائرات الورقية الحارقة من القطاع، التي سببت لحكومة الاحتلال حرجًا شديدًا في إسرائيل بسبب عجزها عن مواجهتها، وجعلت نتنياهو في حالة إرباك في ضوء مزايدات المعارضة في إسرائيل عليه، واتهامه بالعجز عن تحقيق الأمن الذي وعد به.
ويشكل هذا البعد، إلى جانب الضغوط داخل الائتلاف الحكومي من وزراء في الحكومة لشن عمليات حربية ضد القطاع، عاملًا يفسر سبب التصعيد الإسرائيلي في هذه المرحلة بالذات، بعد أسابيع من أحاديث عن محاولات دولية لإطلاق مبادرات لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، والسعي للتوصل لوقف إطلاق نار بعيد الأمد مع حركة "حماس"، أو تهدئة.
وقد باءت هذه الجهود، على ما يبدو، بالفشل، خاصة في ظل تعنت إسرائيل وإفشالها مبادرات الوساطة المختلفة، وآخرها رفض حكومة الاحتلال السماح بدخول خمسة آلاف عامل فلسطيني من قطاع غزة للعمل في إسرائيل، كبداية لوقف ظاهرة الطائرات الورقية الحارقة، والتمهيد لمحادثات واتصالات بشأن مسألة إقامة ميناء بحري يخدم قطاع غزة من قبرص، لكن الاحتلال رفض اقتراحات الوساطة المختلفة، وأصر على مقايضة الميناء بصفقة مع "حماس" لاستعادة جنود إسرائيليين محتجزين لدى الحركة، دون التزام بالإفراج عن معتقلي صفقة شاليط، حيث وضعت حماس معادلة الأسرى مقابل الأسرى، وفق ما كان كشف عنه رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، السفير محمد العمادي، الأسبوع الماضي.