الأطفال والنجومية: هل تدمّر الشهرة... الطفولة؟

27 فبراير 2016
"ذا فويس كيدز" (mbc)
+ الخط -
يترك جواد 9 سنوات "الآيباد"، خاصّته وينتظر بشغف دخول مشتركين برنامج "ذا فويس"، في أولى نسخه التي تُعرض على قناة MBC، تقول والدته: "لم يكن جواد يهتم كثيراً ببرامج المواهب الغنائية التي كانت تشغل أحياناً اهتمام الاطفال، أو من هم في مثل عمره، خصوصاً، وان ابنتيّ الاثنتين تعلقتا ببرنامج "ستاراك"، وكانتا تتابعان الطلاب المشتركين، وتطالبانني ببطاقات لحضور السهرات المباشرة. لكن جواد، ومنذ الإعلان عن عرض برنامج "ذا فويس كيدز"، وهو ينتظر هذا البرنامج بفرح عارم، ويحاول أن يُنمي موهبته الفنية الغنائية، فيعيد ما يُنشر على موقع يوتيوب، وقد أغرم بصوت كل من نور قمر، والطفل أحمد السيسي فقط، ويسأل إن كان بالإمكان لقاء أحمد، لكننا علمنا أن البرنامج مُسجل".

ليست قصة جواد الوحيدة التي فتحت الباب أمام اهتمام الأطفال بالموسيقى والفن والغناء. ففي لبنان، توجد عشرات المواهب الغنائية لأطفال دون الخامسة عشر. وبعضهم يحاول كسب مزيد من الخبرات، قبل استعداده لدخول إحدى برامج "الهواة" المُنتشرة بوفرة على الفضائيات العربية.
لكن، هل بالإمكان أن يحظى هؤلاء بفرص حقيقيّة لدخول عالم الفن والغناء؟ سؤال من الصعب الإجابة عليه، لكن المنتج المنفذ، جان ماري رياشي، يعتبر في تصريح لـ"لعربي الجديد"، أنّ شركته الخاصة بالتسجيلات والإنتاجات الغنائية سوف تُصدِر بعد "ذا فويس كيدز"، ألبوماً غنائياً كاملاً ببعض الأطفال الذين شاركوا في البرنامج، "وهذا دليل واضح على اهتمامنا بهذا النوع من المغنين، وإرشادهم إلى الطريق السليم للفن والغناء، والتعرف على وجهتهم في الاختيار، وبالتالي تصقيل أصواتهم، وتوفير الرعاية العلمية لهم، ولو لفترة وجيزة. نحن نقوم بمحاولات، وعلى الأهل والمدارس أيضاً مساعدتنا في ذلك".

المساحة التي منحها "ذا فويس كيدز" للأطفال، أسهمت أيضاً في تعزيز قدرة هؤلاء على الخروج إلى الضوء بطريقة مدروسة، وفق مسؤول في إنتاج البرنامج. يقول: "درسنا بداية كيفية التعاطي مع لغة الأطفال، والتفاعل الواجب في اختيارهم، اعتمدنا على الفيديوهات، وأرقام الهواتف للتواصل مع ذويهم. كل ذلك جعلنا أمام مسؤولية كبيرة، تلا ذلك سؤال أخصائيين في علم النفس حول الدور المفترض لعبه، بعد وصول المشتركين إلى لبنان، والخضوع إلى الاختبار أمام المدربين. وقد تمَّ إخطارنا بأن بعضهم قد يُصاب بالدهشة، أو وقع المفاجأة عند رؤيته المباشرة للفنان النجم، وهذا ما حصل وظهر من شدة الخوف أو الدهشة على الهواء مباشرة. حتى اتهمنا أننا لا نهتم بشعور الأطفال، وهذا غير صحيح البتّة. وعملنا كل محاولاتنا من أجل التخفيف عما يُسمى بالصدمة، وتحويلها إلى "صدمة إيجابية"، بكل المعايير النفسية التي تبناها المدربون وطبقوها. حتى أننا لم نحذف موقف نانسي عجرم التي تأثرت وخرجت من المسرح، واستطاعت بعد وقت من تأثرها الشديد العودة والجلوس على الكرسي نفسه".
هذه المواقف مدّتنا بخبرةٍ ممتازة في كيفيّة التعاطي مع جيل مختلف، يظهرُ للمرة الأولى مباشرة على الهواء. لقد حمل معظم المشتركين من الأطفال "الآيباد" إلى الاستديو. وكانوا من خلاله يتدربون على الأغنيات أو الصوت، ومقدرتهم في تحقيق إنجاز ما، بعيداً عن مفهوم النجومية، التي نجدها عند من هم أكبر سناً، أي "فويس الكبار"، الذي أنتجنا منه ثلاثة مواسم.
تقول والدة إحدى المشتركات في البرنامج : "لم يحالِف الحظّ ابنتي في البقاء إلى النهائيات، نعم كانت متحمسّة جداً، بعد أن أرسلنا الفيديو إلى إدارة شركة "تالبا"، لمقطع غنائي تؤديه ابنتي، ولا يتجاوز دقيقتين مع رقم الهاتف، وجاء الرد بأنَّها قُبِلت للاختبارات الأولى. فرحت ابنتي كثيراً، وأخبرت صديقاتها في المدرسة. بداية، خفت على ابنتي، لكنني قويّتها وأعطيتها مزيداً من الدعم، ورغم صغر سنّها 11 عاماً، فهمت من اللحظة الأولى، أنّ ذلك لا يعدو كونه امتحاناً مصوراً على الهواء. لحظة وصولنا إلى الاستديو، التقينا بأخصائيين شرحوا لنا كيفية التعامل أثناء وبعد بلوغ مرحلة الاختبار، وهذا ما حاولنا أن نُفْهِمه لابنتي. تماسكنا أنا ووالدها، وادّعينا القوة، رغم الخوف. لكننا كنا نهرب، ونقول إن هذه التجربة موثّقة للمستقبل، وكنت أردد أمامها، بأنّها، غداً، عندما تصبح نجمة مشهورة، سيُنْشَر فيديو بأنّها شاركت في أهم برنامج للمواهب العربية، وأنتج من أجل الأطفال الموهوبين في الغناء، هذا كان يرضيها جداً، وكانت تعود لضحكتها، وذلك بعدما رفضها المدربون بسبب عدم وضوح تقنية صوتها، وطلبوا منها الحضور والاستعداد للمشاركة في العام المقبل".
"هذه مسؤوليتنا كأهل"، تقول والدة المشتركة. "وعلينا توظيفها لمصلحة ابنتنا، إضافة إلى متابعة دراستها. علينا توظيف أو الاستعانة بأستاذٍ للصوت والتدريبات الموسيقية، وذلك كي نعلمّها الخطأ من الصواب. وبالتالي، يجب أن نصقل موهبتها الغنائية، بما لا يتناقض مع دراستها العلمية، والنجاح آخر العام الدراسي، وكيفية الرد على زملائها بأن التجربة وحدها تكفي. خصوصاً، وأنها قبلت للمرحلة الأولى التي يتقدم إليها آلاف الأطفال من جميع أنحاء العالم للمشاركة، وهي لا تزال في مقتبل العمر، وعليها أن تتقن فن الغناء لتصبح نجمة معروفة". هكذا يصبح الغضب العربي، اليوم، على "فويس كيدز"، مجرَّد أمرٍ غير دقيق ومبالغ به، خصوصاً لمن يدّعون حبّ الطفولة، ويغيب عنهم كل القتل والدمار واستعباد الأطفال في العالم العربي.
كلُّ الدراسات التي أجريَت على البرنامج، في معظم الدول التي عُرض فيها، بينت شعوراً بالرضى عند الأطفال، مهما كان ردُّ فعل المدربين في قبولهم أو إقصائهم. ربما حتى اليوم، لم يعتد العالم العربي على الأحلام البعيدة عن القتل والدمار الذي نعانيه.

اقرأ أيضاً: 24 أغنية رسوم متحركة ستعيدك فوراً إلى طفولتك
المساهمون