واحد كشري.. لابن بطوطة

07 يونيو 2015
الكشري المصري وجبة شعبية مميزة (Getty)
+ الخط -
في مطاعم "الكشري" الشعبية الشهيرة في القاهرة أو حتى عربات الكشري المتنقلة، نستمع إلى صياح أحد العمال؛ وهو ينادي على العامل الذي بيده "المغرفة" بعبارة: "واحد كشري مخصوص"، ويقصد به طلباً لأحد الزبائن، وقد يصف الطلب بدلاً من "مخصوص" بأوصاف أخرى، مثل "لوكس" أو "عادي" أو "سوبر" أو "كمالة"، وفقاً لحجم طبق الكشري المطلوب ومحتوياته.

ويُعدّ الكشري المصري وجبة شعبية مميزة، فهو غني بالسعرات الحرارية، إضافة إلى احتوائه على الكربوهيدرات والبروتينات، بالرغم من كونها نباتية خالصة؛ حيث يتكون الكشري من العدس (عدس بجبه) وأرز ومكرونة، إضافة إلى البصل المقشر المقلي والحمص، ويكون ذلك بمصاحبة صلصة طماطم مخصوصة "دقة"، وشطة، وليمون. وهو يختلف عن الكشري العادي الذي يتكون من الأرز مطبوخاً مع العدس الأصفر فقط، وأحياناً يضاف إليه البيض المسلوق لدعم عنصر البروتينات.

الكشري الشاميّ والعراقيّ

ويطلق على الكشري في الشام اسم "المجدّرة" وقد يستبدل فيه الأرز بالبرغل. هناك نوعان من المجدرة بحسب العدس المستعمل. فإذا استعمل العدس الأصفر المفقوش يسمى الطبق "مجدرة صفراء". أمّا إذا استعمل العدس البني الكامل فيسمى الطبق "مجدرة سوداء". ويفضّل كثيرون تناول المجدرة مع اللبن الرائب. وهو غذاء صحي بامتياز إذ تخلو من أي استعمال للإضافات الكيميائية مثل المرقة الجاهزة وغيرها. وتخلو أيضاً من اللحم والدهون الحيوانية. بينما الكشري في العراق لا يعد وجبة منفصلة، بل يمثل وجبة مكمّلة تقدم عادة مع كبة الحامض، ويتكون من
الأرز والعدس الأصفر المجروش.

وقد تختلف المجدرة داخل نفس البلد. ففي لبنان مثلاً تطبخ كل منطقة المجدرة على طريقتها، فهناك المجدرة الجنوبية، المجدرة الشمالية، المجدرة البيروتية، وهناك أيضاً الطبق اللبناني القريب المسمى "مدردرة"؛ والذي يؤكل كما الكشري المصري مع البصل المقلي، لكنه غالباً ما يترافق مع طبق من اللبن.

قصّة الكشري

توجد روايتان حول أصل الكشري المصري، الأولى تنسبه إلى الفراعنة، حيث كان الفراعنة يعتمدون في طعامهم بشكل أساسي على الحبوب والبقول كالعدس وكذلك البصل والثوم. وفي كتاب "الجبتانا أسفار التكوين المصرية" الذي جمعه مانيتون السمنودي المولود 270 ق.م، يسمي المؤلف السفر الثامن من كتابه باسم "سفر القمح والكوشير"، معلناً أن المصريين اكتشفوا القمح وزرعوه، وصنعوا منه "البتاو" ويعنون بهذا اللفظ "الحياة"، وربما يقصدون به الخبز، الذي يطلق عليه في مصر "العيش". ويضيف أنهم عرفوا طعام الكوشير، وهو الكشري الآن، وكان يختلف فقط في أنهم كانوا يصنعونه من القمح، والذي استبدلوه بالأرز.

أما الكشري الحديث؛ فإن الرواية الرائجة لأصله التاريخي تعود إلى ما ذكره الرحالة ابن بطوطة في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، إذ قال إنهم في الهند يطبخون المنج (الشعير) مع الأرز ويأكلونه بالسمن، ويطلقون عليه كشري ويفطرون به كل يوم.

وبناءً على ذلك حاول المفسرون أن يربطوا بين مصر والهند؛ فجاء التفسير بأن المصريين عرفوا الكشري عند اندلاع الحرب العالمية الأولى، وقت مجيء الجنود الهنود مع القوات البريطانية عام 1914، وكان الكشري الهندي خليطاً من الأرز والعدس أبو جبة ويطلقون عليه "كوتشري". فأضاف له المصريون الصلصة الحارة والدقة، كما أضافت الجاليات الأجنبية للكشري بصماتها، فقد أضاف الإيطاليون له عنصر "المكرونة".

إقرأ أيضاً: "الشاورما" اللبناني... الأطيب في العالم
دلالات
المساهمون