الصور الفوتوغرافية توثق لحظات لا تنسى من محاولة اغتيال ترامب

15 يوليو 2024
للصور آثار سياسية لا تُمحى غالبًا لسنوات، 13 يوليو 2024 (ريبيكا دروك/ فرانس برس)
+ الخط -

انتشرت العديد من الصور الأيقونية التي تجسد محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. كان أبرزها تلك التي أظهرته ملطخاً بالدماء وقبضته في الهواء والعلم الأميركي يلوح في الخلفية، كصورة محورية تجسد حادثة إطلاق النار يوم السبت، ولم تكن لترى الشمس بدون صحافي تصرف بسرعة معتمداً على حدسه.

ملأ مقطع فيديو لمحاولة اغتيال دونالد ترامب في تجمع حاشد في بنسلفانيا شاشات التلفزيون. ومع ذلك، فإن صوراً التقطها كل من إيفان فوتشي من وكالة أسوشييتد برس وآنا موني ميكر من "غيتي" ودوغ ميلز من صحيفة نيويورك تايمز. أثبتت الفعالية الدائمة للتصوير الفوتوغرافي الثابت في عالم تحركه فيضانات من الصور المتحركة.

يمكن أن يكون لصورة فوتشي أيضاً، وهي واحدة من صور كثيرة التقطها يوم السبت، آثاراً سياسية من اتجاهات عديدة، كما تفعل الصور التي لا تمحى غالباً في الأيام والسنوات التي تلي وقوع الأحداث الزلزالية. ويرى باتريك ويتي، محرر الصور السابق في مجلة تايم و"نيويورك تايمز" و"ناشيونال جيوغرافيك": "بدون شك، ستصبح صورة إيفان الصورة الأبرز لمحاولة (الاغتيال)". ويضيف: "إنها تلتقط مجموعة من التفاصيل والمشاعر المعقدة في صورة ثابتة واحدة: القبضة المرفوعة بتحد، والدماء، والعملاء الذين يطالبون بدفع ترامب عن المسرح، والأهم من ذلك، العلم. وهذا ما يرفع الصورة."

ونشرت صحيفة نيويورك بوست الصورة على صفحتها الأولى يوم الأحد بعنوان رئيسي يصف الرئيس السابق بأنه "ملطخ بالدماء لكنه لا ينحني"، كما وضعتها مجلة تايم على غلافها، وكتبت مجلة ذا أتلنتك في عنوان رئيسي: "صورة أميركية أسطورية". لقد أوضح كل ذلك شيئاً واحداً، بعد أكثر من 175 عاماً من التصوير الفوتوغرافي، يظل تجميد لحظة من الزمن للأجيال القادمة بنفس قوة سردها في الفيديو. وفي بعض الأحيان، أكثر من ذلك.

إدراك فوري لقوة اللحظة المُلتقطة

كان العديد من مصوري الأخبار في مواقع مختلفة حول تجمع يوم السبت في بتلر، بنسلفانيا، على بعد نحو 30 ميلاً شمال بيتسبرغ. كان فوتشي واحداً من أربعة مصورين كانوا متمركزين بين المسرح والجمهور، وكانت تغطية تجمع سياسي بالنسبة للصحافي إيفان فوتشي مهمة روتينية قام بها مئات المرات. لكن عندما سمع أصوات فرقعة، علم فوتشي، الذي غطى الأوضاع القتالية في العراق وأفغانستان، على الفور أن هناك إطلاق نار. فهرع إلى المنصة على يمين ترامب، لكن رؤيته الرئيس السابق سرعان ما حجبها عملاء الخدمة السرية. لقد شعر أن العملاء سيحاولون دفع ترامب خارج المسرح إلى سيارة من الجانب الآخر، لذلك اندفع إلى هناك.

لكن محاولات دونالد ترامب الوقوف على قدميه والتلويح بقبضته أعطت فوتشي زاوية رؤية واضحة للرئيس السابق. وصرح أن السماء الزرقاء والعلم في الخلفية كانا جزءاً مهماً من التكوين، "أعتقد أن هذا النوع من القصص يحكي قصة ما نحن فيه الآن". وقارنها ويتي، مثل كثيرين، بصورة  لـ"أسوشييتد برس" التقطها جو روزنتال لمشاة البحرية الأميركية وهم يرفعون العلم الأميركي في جزيرة إيو جيما في الحرب العالمية الثانية، وهي صورة لا ينساها كثيرون لدرجة أنها كانت ملهمة لإقامة نصب تذكاري.

تقاطع الصورة والسياسة

قد يكون وجود العلم بمثابة مانع للصواعق، لأنه يجعل الصورة صورة سياسية قوية أيضاً، تماشياً مع التسييس المتزايد للعلم الأميركي في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر. وكتب الصحافي البريطاني بيرس مورغان على موقع إكس: "إنها بالفعل واحدة من أكثر الصور شهرة في التاريخ الأميركي - وأظن أنها ستدفع دونالد ترامب إلى البيت الأبيض".

وبحسب المؤسسة الإخبارية فإن الصورة التي تحتوي على العلم الكامل استخدمت 2327 مرة منذ يوم السبت، في حين استخدمت الصورة بدون العلم 1759 مرة من عملاء وكالة أسوشييتد برس. عادةً، تتم مشاهدة الصورة الأكثر استخداماً لمدة أسبوع كامل 700 أو 800 مرة. وصرح  فوتشي، الحائز على جائزة بوليتزر عام 2021 عن عمله في تغطية المظاهرات التي أعقبت إطلاق النار على جورج فلويد: "الطريقة التي أنظر فيها إلى الأمر هي أنني كنت حاضراً وقمت بعملي. لقد احتفظت برأسي وأخبرت القصة."

رصاصة تحلق باتجاه رأس دونالد ترامب

صورة دوغ ميلز من صحيفة نيويورك تايمز هي واحدة من سلسلة صور تظهر دونالد ترامب وهو يمد يده إلى أذنه بعد أن أصيبت برصاصة. وفي إحداها، يظهر هناك خط خلف رأس ترامب يوضح على الأرجح إزاحة الهواء من مقذوف سريع الحركة، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن عميل خاص متقاعد من مكتب التحقيقات الفيدرالي. ويشرح العميل مايكل هاريجان للصحيفة: "بالنظر إلى الظروف، إذا لم يكن ذلك مسار الرصاصة في الهواء، فلا أعرف ما سيكون".

وتكلم ميلز، المصور المخضرم لصحيفة نيويورك تايمز، ويلتقط صوراً للرؤساء منذ عام 1983، عما حدث في ذلك اليوم عندما كان يقف على بعد أقدام فقط من الرئيس السابق، عندما بدأ إطلاق النار. لقد كان تجمعاً نموذجياً وقياسياً للغاية، وصل دونالد ترامب متأخراً حوالي الساعة وهو يلوح للجمهور، كما يفعل تماماً في أي تجمع آخر. كان هناك مجموعة من المصورين في ما يسمى بالمنطقة العازلة على بعد قدمين فقط من الرئيس السابق.

وفجأة، سمع ثلاث أو أربع فرقعات عالية. في البداية اعتقد أنها سيارة، آخر شيء اعتقده أن يكون الصوت من مسدس. واصل التقاط الصور. لكن بعد أن نزل دونالد ترامب خلف المنصة، فكر ميلز: "يا إلهي، لقد حدث شيء ما". ثم بدأ جميع العملاء بالركض على المسرح، وقاموا بتغطيته بالكامل. كان يسمعهم يصرخون. في البداية صرخ أحدهم: "سيدي، سيدي، سيدي". ثم بدأ القناصون، وهم أيضاً في الخدمة السرية ونادراً ما يراهم أحد إلا إذا كانوا على سطح مبنى أو شيء من هذا القبيل، يظهرون من العدم ويصعدون إلى المسرح وهم يحملون بنادق آلية.

فانتقل ميلز من جانب المسرح إلى جانب آخر ليرى إن كان بالإمكان رؤيته بشكل أفضل. وعندما نهض ترامب ورفع قبضته في الهواء. فكر ميلز حينها: "إنه حيّ، إنه حيّ". واصل التقاط الصور، وبقدر ما بدا دونالد ترامب قاسياً في تلك الصورة وقبضته تبدو متحدية للغاية، إلا أنه بدا منهكاً تماماً في الصورة التالية التي التقطها. وعندما نزل السلّم، قام رجال الخدمة السرية بتغطيته بالكامل ببطانية وساروا به طوال الطريق إلى سيارته ذات الدفع الرباعي.

كانت هناك كذلك أعمال أخرى مثيرة للإعجاب لمصورين في مكان الحادث. على سبيل المثال، الصورة التي التقطتها آنا موني ميكر من "غيتي"، حيث استطاعت التقاط صورة حميمة للغاية لترامب وهو على أرضية المسرح، تم التقاطها على شكل ثقب الباب من خلال ساقي عميل الخدمة السرية الذي كان يحميه.

 

المساهمون