الساعات الذكية... كيف بدأت وما هي خدماتها المنتظرة؟

17 اغسطس 2017
(فيليب ميرل/ فرانس برس)
+ الخط -
عندما نتحدّث عن الساعات الذكية، يتبادر للذهن على الفور ساعتا "آبل" و"سامسونغ" الذكيتان بسبب شهرتهما واستعمالهما الواسع عالمياً. لكن الساعة الذكية موجودة منذ عقود، طبعاً بتطوّر مختلف وفقاً للزمن الذي طُرحت فيه.

فأولى محاولات تطوير الساعة كانت في أوائل الثمانينيات، وذلك بالتزامن مع انتشار الحاسب الشخصي حيث تفرّدت شركة "سايكو" اليابانية بالعمل على تطوير ساعة ثورية يمكن من خلالها احتساب الأرقام وليس فقط إعطاء الوقت والتاريخ الزمني.

"سايكو" كانت الشركة التي فتحت آفاق تحويل الساعة لأكثر من مجرّد أداة لتحديد الوقت، وأولى تجاربها الناجحة كانت ساعة "NL C01"، والتي كانت تتّسع لـ 24 خانة تخزين. بالطبع، عملت "سايكو" على تطوير هذا النموذج لنماذج أكثر قدرة على التخزين كساعة "UC-2000" عام 1984، والتي تتمتّع بقدرة تخزين تصل لألفي حرف. استخدم مطوّرو "سايكو" معالج "Z80"، إذ كان يتمّ إدخال البيانات عبر لوحة مفاتيح متّصلة بالساعة عبر تماس إلكترومغناطيسي، مع إمكانية شراء وحدة إدخال أكبر حجماً وهي "UC-2200" بالطبع مع طابعة ومنفذ توسعة ذاكرة ROM. كل ذلك كان يعمل بلغة "Microsoft Basic" مع ذاكرة عشوائية تصل لـ 4 كيلوبايت. تلك الساعة المتطوّرة آن ذاك كانت تُباع بـ 300 دولار أميركي. تطوّر الاحتساب على الساعات طيلة فترة الثمانينيات لتزوّد ساعة "Seiko Epson RC-20" عام 1985 بشاشة حساسة للمس مع ذاكرة عشوائية تصل لـ 2 كيلوبايت. بعدها بخمس سنوات، طرحت شركة "سايكو" أوّل ساعة ذكية متّصلة بالعالم الخارجي لاسلكياً، والتي هي عبارة عن جهاز مناداة أو ما يُعرف حالياً بالـ "Pager" لكن على شكل ساعة يد. كانت الساعة تستقبل إشارات الراديو المرسلة من شركات الهاتف لتحوّلها إلى رسائل نصيّة مؤلفة من 16 خانة، مع قدرة تخزين قصوى تصل لـ 8 رسائل.

استمرّت "سايكو" بالريادة في ما يختصّ بتطوير الساعات الذكية حتى عام 1999، عندما طرحت شركة "سامسونغ" ساعة SPH-WP10، والتي هي أوّل ساعة وهاتف جوّال في آنٍ معاً. تتمتّع الساعة بشاشة من الكريستال السائل مع بطارية قابلة للشحن وتدوم لغاية 60 ساعة. هذا وتقدّم الساعة 90 دقيقة من التحدّث المستمر بواسطة المايكروفون ومكبر الصوت المدمجين. سعر الساعة كان 700 دولار أميركي.

بعدها تهافتت الشركات لصنع وتطوير ساعاتها، منها شركة "سوني ايريكسون"، "فوسّيل"، "مايكروسوفت" وغيرها. لكن أنجح المحاولات وأكثرها مبيعاً تُختزل بثلاث وهي: "فيتبيت"، "سامسونغ جير" و"آبل ووتش".

ببطارية ثورية وقدرات متنوّعة، طُرح سوار "فيتبيت" منذ سنوات في الأسواق العالمية. السوار يُعطي الوقت، يقيس دقات القلب والنبض، يحفّز على ممارسة الرياضة وغيرها من الخدمات. السوار متين، بطاريته تدوم لأيام، كما أنّه يأتي بألوان متعددّة. لكن أبرز ميزة في "فيتبيت" هي قدرة السوار على الاتصال بهواتف "آندرويد"، "مايكروسوفت" و"iOS". هذا ما يُعطي السوار قيمة مضافة كونه يعمل مع أي هاتف ذكي موجود في الأسواق عكس ساعة "آبل"، والتي لا تعمل إلّا مع أجهزة "آيفون".

وكانت شركة "سامسونغ" من أولى الشركات التي طوّرت قدرة الساعة الذكية على التحوّل لمساعد للهاتف الذكي. ترجمة لذلك طرحت الشركة ساعات "سامسونغ غير"، والتي أحدثت ثورة في ما يُعرف بالساعة الذكية. الساعة تتّصل بالهاتف الذكي عبر البلوتوث، وهي تأتي بشاشة 1.63 بوصة عالية الدقة مع معالج رئيسي بسرعة 800 ميغا هرتز وذاكرة عشوائية 512 ميغابايت (RAM) وكاميرا رئيسية 1.9 ميغابيكسل. إذاً أدخلت "سامسونغ" الكاميرا إلى الساعة الذكية، بالإضافة لتطوير ملحوظ في وظائف النشاطات وقدرة الساعة على مقاومة المياه والغبار.

وأخيراً دخلت شركة "آبل" عالم الساعات الذكية عام 2014 بساعة "آبل ووتش"، والتي تحوّلت في غضون عام ونصف العام لثاني أكثر ساعة مباعة عالمياً بعد ساعات "روليكس" الفاخرة. الأمر يعود لعوامل عدة منها شكل الساعة الهندسي والأساور المتعددة، وطبعاً تركيز "آبل" على التحفيز على الحركة، وذلك من خلال تطبيقات مدمجة بالساعة كتنبيهات الوقوف لدقيقة كاملة كل ساعة، والتنفّس بعمق لمدة دقيقة كاملة كلّما انخفض مستوى دقات القلب، التحفيز على حرق مزيد من السعرات الحرارية عبر الحركة والتمارين وغيرها. هذا بالإضافة لأمان الساعة وطريقة تنبيهها الفريدة عن وصول أي رسالة جديدة.

لكن كل هذه الساعات الذكية تنتظر تحديثات جديدة من قبل الشركات المصنّعة لها نهاية هذا العام، فما الجديد الذي يمكن دمجه في الساعات وما الذي يحتاجه المستخدم؟
بالطبع عمر البطارية هو ما يهمّ معظم المستخدمين بسبب كثرة شحن الهواتف الذكية طيلة النهار. لذلك، فإن بطارية تدوم لأكثر من يوم سيكون أمراً مميّزاً في أي نسخة جديدة من الساعات الذكية. أيضاً، احتواء الساعة على رقاقة SIM من شأنه تحويل الساعة لكيان منفرد مستقل عن الهاتف في حال عدم وجوده أو انتهاء بطاريته. هذا ما ستطرحه "آبل" في ساعاتها الجديدة بحيث سيمكن الاتصال من خلال الساعة وإجراء عدد كبير من الوظائف الخاصة بالهاتف الذكي مباشرةً من الساعة ودون الحاجة لوجود الهاتف بالقرب منها. ومع تلك الإضافة لا خوف على المستخدم في حال نفذت بطارية هاتفه، فسيمكنه الاتصال من خلال ساعته ببرنامج الخرائط الخاص بالساعة والذي سيرشده إلى المكان الذي يذهب إليه. أيضاً سيكون أمراً مميّزاً قدرة أي ساعة ذكية مستقبلية على التاصال بأي هاتف ذكي بما في ذلك ساعات "آبل". فعدد كبير من عشاق هواتف "سامسونغ" يحبّون إقتناء ساعات "آبل" والعكس صحيح.
وعن قدرة تحمّلها، سيكون من الجيد عدم تعرّض شاشات الساعات للخدش السريع، وقدرتها على مقاومة المياه والغبار. أمّا عن إمكانية الاتصال تحت المياه، فلا فائدة من الخدمة إلّا في الترويج لقدرات غير واقعية لتلك الساعة الخارقة.

أيّاً كانت التحديثات الجديدة في الساعات، لا يُمكن التغاضي عن الساعات الذكية التي بتنا نراها أكثر بسبب ما تقدّمه من مزايا مختلفة إن كانت في شكلها أو مضمونها التكنولوجي في عالم ذكي لمس كل الأجهزة التي نقتنيها وحوّلها كلّاً على حدة لجهاز ذكي متطوّر متّصل بالأجهزة الأخرى لحياة رقمية أفضل وأكثر اتصالاً.



المساهمون