أي قارىء عربي في أكشاك باريس؟

03 أكتوبر 2016
كشك للصحف في باريس (بيتر بيتشيلينزو/لونلي بلانيت)
+ الخط -
يتردد سالم الرميح، في شراء أحد الصحف العربية، الموضوعة في الرف السفلي لأحد أكشاك ساحة تروكاديرو. تلمحه البائعة العجوز، فتقول له بإنكليزية مكسرة، إن الأعداد المتوافرة هي من الأمس، ويمكنه التوجه إلى كشك في زاوية أخرى، تصله الصحف العربية كل يوم. وهذه أزمة يومية بالنسبة للقراء العرب، حيث يتعامل الموزعون بشكل عشوائي مع الصحف العربية، متحججين بعدم وصول الأعداد في الوقت الصباحي المخصص لتوضيبها. فتؤجل إلى اليوم التالي. 
يفترض سالم، الذي يزور باريس في عطلة سنوية، وجود صحف عربية يومياً. يصدم بندرة الحصول عليها بسهولة. فهو يعتاد على قراءة الصحف العربية عبر الإنترنت، قبل نزوله من الفندق، لكنه يفضل في زيارته العواصم الأوروبية، قراءة الصحف الدولية الناطقة باللغة العربية. وحين لا يجد ضالته، يشتري صحيفتي "ذا غارديان" البريطانية و"نيويورك تايمز" الأميركية. "أحياناً أجدها. حسب مكان إقامتي. في الشانزليزيه، تتوافر بكثرة الصحف. في الدائرة السادسة والخامسة عشرة، قليلاً ما كنت أجد صحفاً عربية. هنا تروكاديرو، يوجد كشكان اكتشفتهما اليوم. لكنهما لا يبيعان بانتظام".

يقول الرجل الأربعيني، الذي يعمل في مجال المقاولات بين دبي وأبو ظبي، إنه يفضل قراءة أحداث الدول العربية "من وجهة نظرنا"، ويضيف: "في الصحف العربية لن تجد صعوبة في فهم الوضع كما هو. أتابع "نيويورك تايمز" على الدوام، وأجد أن ما يكتب عن الوضع السوري، ليس كافياً، كما يرد في صحف عربية مثل "الحياة" و"الشرق الأوسط" و"العربي الجديد" و"القدس العربي" و "العرب". الصحف العربية لديها شبكة مراسلين ميدانيين. لست منحازاً. لكن الصحف العربية شاملة في تغطية ما يجري في اليمن والعراق ولبنان. وهي أوضاع تهمنا كقراء عرب"، موضحاً أن لقراءة الصحف الورقية في باريس لذة خالصة، "في المقهى الباريسي متعة القهوة تعادلها قراءة الصحيفة وحيداً. إنها عادة لا يمكن الاستغناء عنها".

هذه العادة التي يهجرها عدد الممارسين لها، في العموم، تتراجع عند العرب المقيمين والسياح على حد سواء في باريس. ففي جولة على أكثر من 30 كشكاً موزعين في مناطق يزورها عرب أو يسكن في شوارعها طلاب عرب، يجمع الباعة على أن معظم الصحف العربية ضعيفة التوزيع، وقراؤها قلة نادرة. "ومن يقرأ الصحف العربية في بلد أوروبي؟"، يسأل غيوم بارتاز، ابن الثلاثين عاماً، والذي يعمل في أحد أكشاك منطقة "سان جيرمان".
يقول غيوم، الذي يقرأ يومياً "لو فيغارو" الفرنسية، إنه قليلاً ما يأتي زبون ويطلب صحيفة عربية. "الصحف العربية تصل كل يوم إلى الكشك. لكن لا أحد يشتريها"، موضحاً أن "الزبائن نادرون والصحف تعود كل يوم إلى الموزّع".
يتجول بنا غيوم على أبرز الصحف التي تصله، وهي مطبوعات تصدر من لندن وبعضها من لبنان، ومن بينها "النهار" و"السفير". يوضح غيوم، أن القرّاء الفرنسيين للصحيفة اليومية لم يعودوا كالسابق، لكن هناك إقبال فرنسي على الصحف بشكل عام. لكن هذا التراجع وفق دراسة أجرتها صحيفة "اكسبرس" في العام 2014، يؤشر إلى أن نسبة قراء الصحف الورقية ارتفع 38 في المائة.
ويعتقد غيوم، أن العرب الموجودين في فرنسا، يقرأون الصحف الفرنسية، والمجلات الأجنبية، ويفضلونها على المنتج العربي، "أعتقد أن صحافتنا مغرية"، يقول مبتسماً، ومشيراً إلى أن عرباً كثراً من المغرب العربي ولبنان، يقرأون صحفاً فرنسية، مثل "ليبراسيون" و"لوموند" و"لوموند ديبلوماتيك". وهم عرب أكاديميون ومتخصصون ويهمهم ما يكتب عن شؤون منطقتهم وشجونها في الصحافة الفرنسية والدولية.

لكن الحال، أن الصحافة الفرنسية لم تعد ذات صدى واسع كما الصحافة البريطانية والأميركية. يقول سامي مرديني، وهو شاب سوري، يدرس في "باريس 8"، إنه يشتري صحفاً عربية، بشكل متقطع، "حين أسمع عن شيء مميز. مقابلة ما أو تغطية خاصة، أو بورتريه عن صديق سوري في بلاد المنافي"، لكنه يداوم على قراءة الصحف البريطانية، خصوصاً "ذا غارديان". "أجد فيها مصداقية واسعة. واطلع من خلالها على ما يهمني من أخبار التكنولوجيا والسيارات والثقافة".

من جهتها، تقول مادلين شوكون (48 عاماً)، التي تعمل في أحد أكشاك "الشانزيليزيه"، إن "نسبة زبائن الصحف العربية تعلو وتهبط وفق المواسم"، مشيرة إلى أن النسبة ترتفع فقط بين شهري آب وأيلول، "يأتي الكثير من السياح العرب ونرى اقبالاً جيداً على الصحف اليومية. فنطلب المزيد من الأعداد. لكن في باقي شهور السنة، يقتصر الزبائن على من يشتري الصحف بانتظام، من باحثين و طلاب في العلوم السياسية أو الصحافة". موضحة أن "الصحف العربية لم يعد لديها زبائن كما السابق".

إلى ذلك، يعمل مهدي سويلي (51 عاماً) موزعاً مع إحدى الشركات الفرنسية، وهو جزائري، يعيش في أحد ضواحي "مونبارناس". يأسف لوضع الصحف العربية في باريس. "كانت أفضل حالاً في السابق. حين كانت قبلة للطلاب العرب اليساريين الذين كانوا رعيلاً قارئاً للصحف العربية الصادرة في عاصمة النور أو تلك التي بدأت تصدر من لندن".



دلالات
المساهمون