"جنة جنة" على "سما" التابعة للنظام السوري

13 سبتمبر 2016
غنى الساروت جنة جنة بنسختها الثورية السورية (فيسبوك)
+ الخط -
بعد أن استخدمت أغنية "جنة جنة" في مئات العروض المسرحية والريبورتاجات الإعلامية المعارضة، وترسّخت الأغنية وارتبطت بالتاريخ النضالي الثوري المعارض، قامت قناة "سما" الفضائية الداعمة للنظام السوري، باستخدامها للمرة الأولى هذا الأسبوع، فعرضت نسخة من الأغنية في فقرتها الترفيهية بعد نشرة الأخبار، والتي تعرض فيها عادةً فيديوهات مأخوذة عن مواقع التواصل الاجتماعي، وتقوم بالسخرية من "داعش".

لأسباب لا يمكن تحديدها بدقة، تعاظم شأن أغنية "جنة جنة" بالنسبة للسوريين، ربما بسبب جرعة مشاعر الحنين الموجودة فيها، وكلماتها وإيقاعها البسيط، الأمر الذي جعلها أكثر ملائمة للإنشاد الجمعي من أغنية "يا حيف". وتحولت أغنية "جنة جنة" مع مرور الزمن إلى نشيد وطني بالنسبة للشعب السوري المنتفض على النظام الأسدي، وباتت رمزاً من رموز الثورة السورية. واستخدمها الإعلام المعارض، والعديد من الفنانين السوريين، ليرمزوا بها إلى حب السوريين لبلادهم التي اضطرهم النظام للابتعاد عنها.

والثورة السورية ارتبطت في بداياتها بأغنية "يا حيف" للفنان السوري، سميح شقير. تزامنت الأغنية مع حادثة أطفال درعا، الشرارة الأولى للثورة السورية، لمّا أقدم النظام السوري على اعتقال وتعذيب أطفال، وغناها الثوار في الكثير من المظاهرات. وعندما انتقلت هتافات الثوار إلى باقي المدن السورية، وامتدت الثورة، استعاض المتظاهرون عن الأغنية المرتبطة باللهجة الدرعاوية والحادثة الأولى بأغانٍ أخرى، بعضها ألفّها المتظاهرون، وتمّ اختيار بعضها الآخر من أرشيف الأغنية العربية، ومن بين هذه الأغاني، أغنية "جنة جنة" للمطرب العراقي، رضا الخياط، والتي كتبها الشاعر، كريم العراقي، ولحنها عبادي عبد الكريم. وقد غنّاها خلال سني الثورة السورية حارس نادي "الكرامة" الرياضي لكرة القدم، عبد الباسط ساروت.

في الفيديو الذي عرضته "سما"، يقوم أحد اللاجئين السوريين في ألمانيا بتعليم الألمان الأغنية، إذ يتمّ دنْدنتها على عزفه المنفرد. وكان مقطع الفيديو هذا قد انتشر منذ سنتين على مقاطع التواصل الاجتماعي، ورافقته تعليقات عن دعم الألمان للثورة حينها، أي ارتبطت الأغنية بالثورة السوريّة.

يصعب ربط هذا الفيديو بسياق ما تعرضه القناة عادة وتوجّهاتها السياسية، ويبدو إدراجه في سياسة القناة الإعلامية في المرحلة الحالية أمراً عصياً على الفهم. فإذا ربطنا هذه الحادثة بخبر عُرِض في نشرة الأخبار السابقة لعرض الأغنية، يؤكد أن رأس النظام السوري بشار الأسد، سيجتمع في منتصف الشهر الجاري مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وأن بوادر حل الخلاف السياسي في المنطقة تلوح في الأفق. فهل من الممكن قراءة هذا الفيديو كبادرة طيبة من الإعلام الأسدي تجاه الثورة السورية.
وإذا ما حاولنا قراءة هذا الفيديو اعتماداً على نهج القناة، المتمثل دوماً بإلغاء الآخر، وبتجريد الهاربين من البطش والحرب من الهوية السورية، فهل من الممكن تفسير الفيديو على أنه تأكيدٌ بأن الثوار قد أصبحوا أوروبيين، وأن غناءهم لأغانيهم الثورية سيبدو مضحكاً في الوقت الحالي؟
أغلب الظنّ، أن القائمين على القناة لا يدركون الأبعاد الحقيقية لهذا الفيديو، وقاموا بعرضه من باب السخرية على أغنية الثورة السورية، بعيداً عن أي سياق مرتبط بالنشرة الإخبارية السابقة عليها، أو اللحظة التاريخية الحالية.


المساهمون