ميا فازيكوفسكا لـ"العربي الجديد"" لا أعمل إلا مع المجانين عباقرة السينما

07 يوليو 2017
ميا فازيكوفسكا أسترالية مقيمة في أميركا، وأمها بولندية (Getty)
+ الخط -
في ست سنوات فقط، صارت، ميا فازيكوفسكا (27 سنة لأب استرالي وأم بولندية)، إحدى أكثر الممثلات الهوليووديات الشابات شهرة ورواجاً. فقائمة أفلامها تضم بعض العناوين التي ستدخل تاريخ الفن السابع. وتتمتع فازيكوفسكا بموهبة درامية فذة تجعلها جديرة بالحصول على أكبر جوائز التمثيل، لا سيما جائزة الأوسكار التي يحلم بها جميع النجوم. 

"أليس في بلاد العجائب" و"أليس خلف المرآة" و"ألبير نوبز" و"الأولاد بخير" و"خطى" و"خارجون على القانون" و"مدام بوفاري" و"العشاق فقط يبقون على قيد الحياة" وخصوصاً "جين أر"، تلك هي عناوين الأفلام أو على الأقل بعضها التي حولت فازيكوفسكا ما بين العام 2010 واليوم، نجمة سينمائية تلاحقها أنجح شركات الإنتاج، ويسعى إليها أفضل المخرجين.

وآخر فيلم أدت الفنانة الشابة بطولته عنوانه "HHhH"، من إخراج سيدريك جيمينيز، وينتمي إلى لون الجاسوسية في الحرب العالمية الثانية. أتت فازيكوفسكا إلى باريس من أجل أن تروج للفيلم المعني فالتقتها "العربي الجديد" في هذا الحوار.

* حدثينا عن فيلمك الأخير الغريب العنوان "HHhH" والذي يعود بنا إلى عصر أفلام الجاسوسية الذهبي في ستينات القرن الماضي؟
- يرمز عنوان الفيلم، وهو غريب فعلاً، إلى الحرف الأول من اسم كل واحدة من الشخصيات الرئيسية في الحبكة، وعلى رأسها هيملر، الرجل القوي الذي وقف في ظل هتلر في أثناء الحكم النازي في ألمانيا.

أما قصة الفيلم فتروي تفاصيل المؤامرة التي دبرتها المقاومة البريطانية لاغتيال رينهاردت هيدريخ، رئيس بوليس الغيستابو واليد اليمنى لهيملر، مكلفة شابين تنفيذ العملية. وكلامك صحيح أن الفيلم يعيد إلى الحياة لون الجاسوسية، خصوصاً حينما تدور أحداثه في فترة الحرب العالمية الثانية، وهو عرف قمة الازدهار من الخمسينات وحتى السبعينات.

وأعتقد أن هذه العودة إلى الوراء في تاريخ السينما شكلت مجازفة كبيرة بالنسبة لشركة الإنتاج، وحثت هوليوود على التنازل عن تمويل الفيلم، الأمر الذي دفع المخرج سيدريك جيمينيز، وهو فرنسي مقيم في الولايات المتحدة، إلى اللجوء لممول فرنسي عرف كيف يقنع المؤسسة الأميركية بمشاركته المسؤولية. وعن نفسي فأنا أتقمص شخصية حبيبة أحد الرجلين المكلفين مهمة الاغتيال، وأسعى بشتى الوسائل لمنعه من المشاركة في المؤامرة، مقتنعة أنه إذا راح فلن يعود.

* هل تعتبرين نفسك أميركية أم أسترالية أم بولندية نظراً إلى جذورك المختلفة؟
- أنا أسترالية مقيمة في أميركا، وأمي بولندية.

* عملتِ، حتى الآن، تحت إدارة بعض عمالقة السينما، مثل تيم بورتون وغيلرمو ديل تورو وجيم جرموش وغاس فان زانت وديفيد كروننبرغ والكوري المرموق بارك شان ووك، فمن منهم ترك بصمات مميزة فوق مسيرتك الفنية لا تُنسى من حياتك؟
- سأرد عليك بصراحة، وأجازف بإثارة غضب بعض الذين عملت معهم، بل ربما العدد الأكبر منهم، بما أنني تأثرت بواحد فقط، من دون أن يعني الأمر أي شيء سلبي بخصوص الآخرين.

فأنا لا أعمل إلا مع سينمائيين يثيرون إعجابي، وفي أفلام تجذبني، لكنني هنا أرد على سؤالك المحدد وأذكر جيم جرموش وهو الذي أخرج "العشاق فقط يبقون على قيد الحياة" إذ اختارني لدور مصاصة دماء مراهقة تخرج على طاعة والديها، وتعتدي على الجميع لمجرد التسلية، ولأنها جائعة باستمرار وتتلذذ بطعم الدماء.

وتسبّب شخصيتي هذه، خوف المتفرج كما تضحكه في مواقف معينة، وأنا لم أشاهد من قبل عملاً سينمائياً يتناول مغامرات مصاصي الدماء بمثل هذا الأسلوب، سوى ربما فيلم "قاتل مصاصي الدماء الشجاع" الذي نفذه العبقري بدوره رومان بولانسكي في نهاية الستينات.

وكان الفيلم يسبّب الخوف والإثارة والضحك في آن معاً، ولذا يبقى، حتى اليوم، من أجمل الأعمال الكلاسيكية في تاريخ هذا الفن المسمى بالسابع. وأنا واثقة من أن "العشاق فقط يبقون على قيد الحياة" سيلاقي المصير ذاته.

* هذا مفهوم، لكنني كنت أسأل أيضاً عن أسلوب الأخراج وليس فقط عن قيمة المنتج النهائي؟
- الرد هو ذاته، أي جيم جرموش، فالرجل شبه مجنون وأنا أحب المجانين، وأرجو ألا تسيء فهمي، فما أعنيه بمجانين هم العباقرة الذين لا يخافون من التصرف الغريب الذي لا يشبه ما اعتاد عليه عامة الناس.

وأتذكر على سبيل المثال كيف كان جيم (جرموش) يطلب من كل واحد منّا في فريقه، وليس فقط الممثلين بل أيضاً التقنيين، التصرف مثل مصاصي الدماء، على أساس أن يتقمص أحدنا شخصية دراكولا ويحكم الآخرين الذين يهاجمون بالتالي سائر العاملين في الاستوديو، من المحاسب إلى المدير إلى عاملة التنظيف، متخذاً، كمثال، طريقة الممثلة إيلي فانينغ التي كانت تتنكر على شكل مصاصة دماء على سبيل المزاح في فيلم "سوبر 8"، وهي جاءت مقنعة للغاية في اللقطات إياها.

وراح جيم جرموش يعرض علينا هذا الفيلم مرات ومرات بهدف أن ننغمس جميعنا فيه ونتقن شخصياتنا، مثلما فعلت إيلي فانينغ في فيلمها. وكنا نسأل جيم عما إذا كان من الأفضل لنا أن ننوع بعض الشيء ونشاهد مثلاً أفلام دراكولا التي تعتبر قمة في مجالها، أو الفيلم الذي ذكرته والذي أخرجه بولانسكي، وكان الرد دائماً هو الرفض، وإذا تجرأ أحدنا وسأل عن السبب، قال معلمنا بمنتهى البساطة والهدوء "لأنني المخرج وبالتالي أحكمكم".

ربما تدرك الآن لماذا أسميه مجنوناً وما الذي سيبقي تجربتي معه حية في ذاكرتي مدى الحياة، من دون أن يقلل الموضوع من قيمة غيره من المخرجين الذين تعاملت معهم.


* هل من الممكن أن يكون جرموش قد تصرف هكذا لأنه لا يتخصص في هذا اللون السينمائي أصلاً، وبالتالي أراد أن يستمد منكم أفضل ما كان يمكن فعله على هذا الأساس؟
- ربما، وأنا سبق وفكرت في هذه النقطة لكنني لم أقتنع بها، فالرجل أذكى من ذلك، ويميل إلى ممارسة الحيل مع الذين يعملون تحت إشرافه.

*هل سبق ومثلت في أفلام أسترالية؟
- نعم خصوصاً في أفلام قصيرة، وكذلك للتلفزيون في بداية مشواري الفني، كما حدث أن أفلامي الروائية الطويلة حازت في بعض الأحيان على إنتاج أميركي أسترالي مشترك.

هناك مجموعة لا بأس بها من الممثلين الأستراليين العاملين في هوليوود مثل نيكول كيدمان وهيو جاكمان وناومي واتس وغيرهم، هل تشعرين بانتمائك إلى عائلة من المغتربين؟
- نعم إلى حد ما، خصوصاً منذ أن تولى ترامب الحكم في أميركا، فنحن نساند بعضنا بعضاً خوفاً من أن يطردنا من البلد، فهو لا يحب الأجانب.





المساهمون