"آش رشته" طبق رمضان في إيران

23 مايو 2018
يردد الإيرانيون اسم الطبق حتى في أمثالهم القديمة(العربي الجديد)
+ الخط -
تختلف طقوس الإيرانيين في شهر رمضان عن تلك المتبعة في دول عربية أو إسلامية أخرى، كما تختلف طريقة تقديم الإفطار، الذي يبدأ بتناول الجبن مع الريحان والجوز مع نوع خاص من الخبز يسمى سنغك، والذي يخبز على الحجارة.

ويوضع إلى جانب هذه الوجبة الخفيفة قبل تناول الوجبة الرئيسية في موعد العشاء لا المغرب، حساء يسمى بآش رشته، وهو طبق تقليدي، شتوي غالباً، يطبخه الإيرانيون في منازلهم ويشترونه من المحال كذلك، ويعد من الأطباق الخاصة والضرورية، في الشهر الفضيل.

يتناول الإيرانيون الحساء والشوربات بشكل دائم، ويعتمدونها كمقبلات قبيل الوجبات الرئيسة، لكن (آش رشته) وجبة ثقيلة وليست طبق شوربة عادياً، لذا فإن الصائم حين يتناولها في رمضان يحصل على كل العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمه، ليكون قادراً على انتظار موعد الوجبة الرئيسة، وفقاً للتقليد الإيراني، والبعض الآخر يؤجل هذه الوجبة حتى موعد السحور.

يستخدم في طبخ حساء "آش رشته" عدة أنواع من الحبوب والبقوليات، من قبيل الفاصولياء الحمراء والبيضاء، والعدس الأحمر والأصفر، إلى جانب الحمص، ويضاف لها أنواع من الأعشاب والخضروات من قبيل الكزبرة والسبانخ والبقدونس والكرات، والبصل، وتطهى مع بعضها مع القليل من البهارات كالملح والفلفل والكمون.

يطبخه الإيرانيون في منازلهم ويشترونه من المحلات كذلك (العربي الجديد)


يضيف الإيرانيون البصل المقلي، والنعنع المقلى بالثوم، إلى طبق الآش خاصتهم، ومنهم من يتناوله مع الكشك الأبيض الذي يعطي الحساء طعما حامضا مختلفا، لكن هذه المكونات الأخيرة تضاف حسب الرغبة إلى صحن كل شخص على حدة، ولا تطبخ في ذات القدر.



ينتشر باعة الآش رشته في شهر رمضان كثيراً، وترى الإيرانيين يقفون في طوابير لشرائها، رغم أنها متوفرة في بقية أيام العام كذلك، خصوصاً في فصل الشتاء. أما من يطبخونها في البيت فهم كثر أيضاً، ويجب أن تحضر مكوناتها قبل يوم من طبخ الحساء، فسلق الحبوب يحتاج لفترة، إضافة لتجهيز الأعشاب وتنظيفها، أما المكون الرئيس والمسمى بالفارسية (رشته) وهي التي تشبه الشعيرية بالعربية، وإنما تكون أطول وأثخن حتى من أنواع المعكرونة المتعارف عليها، فبعض النسوة يحضرنها يدوياً، وأخريات يشترينها جاهزة.

وكون (رشته) هي التي تعطي هذا الطابق ما يميزه، فهذا يعني أن لـ (آش) وهو الحساء المكون من الخضار والبقوليات عدة أنواع ثانية، تختلف عادة باختلاف مناطق إيران وبحسب اختلاف المكونات المتوفرة فيها، فيضاف في بعض المناطق اللبن المطبوخ فتسمى (آش دوغ)، أو يضاف اللحم بأنواعه فتسمى (آش بوقلمون) إذا كان لحم ديك رومي، وكل نوع يعطي (آش) اسماً خاصاً بها، ويقال إن عدد أنواعها يصل إلى عشرين تقريباً.

يقدم حساء الآش رشته للمرضى أيضاً، وهذا لاحتوائه على مكونات غذائية متنوعة، كما يستخدمه البعض ليوزعه كنذور وصدقات على الفقراء، ويقال إن الآش موجود في إيران منذ القدم، وكان تحضير الحساء مرتبطاً بمناسبات جماعية مختلفة، حتى إن بعض الكتب تذكر أن إعداد هذا الحساء كان يدل على الصبر والتحمل، لأن طهيه يتطلب فترة طويلة، ولأنه يحضّر عادة بكميات كبيرة، لا بوعاء وقدر صغير، حتى لو كان يطهى في المنزل.

يردد الإيرانيون كلمة (آش) حتى في أمثالهم القديمة، فحين يقولون "همان آش وهمان كاسه" أي ذات الآش وذات الوعاء، وهو ما يعني أن الحال مازال كما هو ولم يتغير شيء، وهناك مثل آخر يقول " نخود هر آش بودن" ويعني أن هذا الشخص كأي حبة من حبوب الآش، أي أنه يدخل في كل المواضيع ويتدخل في كل شيء، فحبوب الآش وبقولياته تستخدم في كل أنواع هذا الحساء المختلفة، وما يضاف إلى الحساء هو ما يعطيه اسمه المميز، كما آش رشته الرمضانية.
المساهمون