هل تُعلن وفاة الأفلام الثلاثية الأبعاد؟

04 فبراير 2017
شكّل فيلم "أفاتار" البداية الحقيقية للأفلام الـ3D (فرانس برس)
+ الخط -
قبل أيام قليلة، أعلن تيم أليسي، مدير التطوير في شركة "إل جي"، التوقف عن إنتاج تلفزيونات بتقنية ثلاثية الأبعاد، وذلك بسبب ضعف الإقبال عليها وعدم استفادة المشاهدين منها، وهو الأمر الذي سبقته فيه شركة "سامسونغ" وشركة "سوني" أيضاً، ليصبح اختراع التلفزيون ثلاثي الأبعاد، الذي ظهر قبل سنوات قليلة، مجرد محاولة فاشلة وانتهت، ولكن السؤال الأهم في تلك اللحظة: هل يكون ذلك أيضاً هو مصير الأفلام ثلاثية الأبعاد؟
فكرة إنتاج الأفلام ثلاثية الأبعاد ليست بجديدة، فقد بدأت في عروض قصيرة بالخمسينيات، ثم عادت بقوة في التسعينيات. لكن الصعوبات المالية والتقنية المرتبطة بها لم تجعلها تغزو السينما إلا في منتصف العقد الأول من الألفية تقريباً، لكنه كان حضوراً خافتاً نسبياً، في قاعات قليلة مع وجود نسخة عادية للمشاهدة أغلب الأحيان. لكن الثورة الحقيقية التي جعلت الـ 3D يبدو كمستقبل محتمل لتطوير السينما كان عرض فيلم Avatar للمخرج جيمس كاميرون في ديسمبر/كانون الأول 2009. كاميرون ظل لمدة 12 عاماً يحضر لهذا الفيلم، بعد نجاحه التاريخي في Titanic والذي حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما عام 1997 وفاز بـ11 جائزة أوسكار. ظل الرجل يطور في الإمكانيات التقنية و"يخترع" وسائل وكاميرات من أجل تجربته الجديدة، والتي كانت بالفعل شيئاً لم ير الناس مثله من قبل، برع فيه في استخدام التقنية ليصبح كل الفيلم –تحديداً مشاهد اكتشاف الكوكب.. أو مشاهد المعارك والحروب، لا يمكن تصوره إلا بالشكل الذي خرج عليه، ليكون العائد أيضاً مبهراً، فيكسر الفيلم رقم "كاميرون" السابق ويحقق من جديد "أعلى عائدات في تاريخ السينما"، برقم استنائي وصل إلى مليارين و700 مليون، وكان من ضمن أسباب هذا الرقم هو إضافة سعر نظارات الـ"ثري دي" إلى تذاكر الفيلم.
في تلك اللحظة، شعر صناع السينما بأن هذا هو المستقبل، وأن "كل الأفلام التي ستنتج مستقبلاً يجب أن تكون ثلاثية الأبعاد"، إسوة بفيلم "أفاتار"، لم يعد مهماً هل الفيلم يحتاج فعلاً أن يكون بتلك التقنية وتضيف له أم لا؟ فالأصل هو زيادة سعر التذكرة وعائدات الفيلم، وعن طريق شيء صار الجمهور يحبه بعد جيمس كاميرون. ولكن المشكلة أن هذا الانتهاك الشديد للتقنية (كان عدد الأفلام ثلاثية الأبعاد في 2009 هي 17 فيلماً.. في مقابل 73 عام 2016، وعدم إضافتها للأفلام في أغلب الأحيان، جعل الأمر أقرب للاستغلال، تجارة وليس فنا، ولا مبالغة إن قيل إن عدد الأفلام التي استفادت فعلاً من كونها "ثلاثية الأبعاد" في السنوات الأخيرة يعد على أصابع اليد الواحدة، تلك الأفلام قد تكون:

Hugo 2011

قرر مارتن سكورسيزي أن "يجرب" شيئاً مختلفاً عن مسيرته السينمائية، وصنع فيلماً عن "جورج ميلييه" (الساحر الذي يعتبر أول مخرج استخدم الخدع في تاريخ السينما) ليكون العمل المرتبط بحياته يحمل "آخر ما وصلت إليه السينما من تطور"، مشاهد الساعات والقطارات في باريس يبدو فيها العرض الثلاثي مهماً جداً.


Life of Pi 2012

المخرج أنج لي يحول رواية إلى لوحات في عرض البحر، قصة الفتى الذي وجد نفسه في قارب مع نمر، ويحاول النجاة من هذا الظرف الصعب، استغل لي الأبعاد المختلفة في بعض المشاهد، حركة سرب الطيور على القارب، تنقل بعض الأسماك حول البطل، حتى قفزات النمر في بعض اللحظات، كلها يشعر المشاهد أن شيئاً سيخرج من الشاشة في وجهه.


Gravity 2013

الفيلم الذي يدور بالكامل في الفضاء ومع انعدام الجاذبية، يصنع من خلاله ألفونسو كوران والمصور إيمانويل لوبيزكي شعوراً استثنائياً بالدوار، بالتأكيد أبعاد التفاصيل الفضائية المختلفة (تحديداً في المشهد الافتتاحي لتحطم مركبة الفضاء) كان له أثر فائق ولا ينسى.


Mad Max 2015

جنون الصحراء، وحركة السيارات والقذائف والانفجارات، الفيلم اللاهث الذي لا يتوقف ويعتمد على وضع المشاهد في مطاردة مجنونة لا تنتهي قبل ساعتي العرض، استفاد من خلاله جورج ميلر بالتأكيد بالتقنية.
ولكن خلاف تلك الأسماء الأربعة، خمسة إذا أضفنا Avatar، مع بضعة أفلام أخرى قد يحبها مشاهدون آخرون، لم تستفد كل الإنتاجات المهولة في السنوات الأخيرة من العرض الثلاثي، أي أن الاستفادة –قياساً على حجم الإنتاج- لا تزيد عن 5%، وهو ما جعل الجمهور يبدأ في الملل ويشعر بعدم وجود فارق، ويفضل أحياناً أن تكون الأفلام بأبعاد ثنائية عادية ودون نظارات تجعل الشاشة مظلمة قليلاً، طالما أن النتيجة واحدة، بل ويذهب عدد من المخرجين الكبار في هوليوود (على رأسهم كريستوفر نولان) في رفض استخدام العرض الثلاثي حالياً، ومع وصول شركات تلفزيون إلى وقف خط إنتاج الـ 3D (الذي تم تصديره قبل سنوات باعتباره المستقبل) فهل من الممكن أن ينتقل هذا إلى السينما؟ أم تطور الأفلام من نفسها وتستفيد بشكل حقيقي وفني من التقنية قبل أن يهجرها الجمهور؟



دلالات
المساهمون