ماجد سليمان: "حبايبنا" وأغانٍ تحدث أحياناً

05 يوليو 2024
تحرص الفرقة على تقديم أغان قديمة لم يكن لها نصيب كبير من الشهرة (من الفنان)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تأسيس فرقة "حبايبنا" وتوجهها الفني**: تأسست فرقة "حبايبنا" المصرية في 2002 بقيادة ماجد سليمان، بهدف تقديم فنهم بحرية. بدأت الفرقة بأغاني الشيخ إمام، موثقة لمرحلة تاريخية مهمة في مصر.

- **استمرارية الفرقة وتنوعها الفني**: استمرت "حبايبنا" في تقديم فنها على مدار 22 عاماً، مع إعادة إخراج أغاني قديمة بأسلوب تمثيلي مميز، وتقديم أغاني من أوائل القرن العشرين.

- **التحديات والدعم المطلوب**: تعتمد الفرقة على الجهود الذاتية دون دعم من الدولة، وتأمل في الحصول على مسارح لإقامة حفلاتها. شاركت في مهرجانات دولية وتطمح لمزيد من الفرص.

تمتاز أغاني فرقة "حبايبنا" المصرية بالخفة، لكنها لا تخلو من جدية اشترطها أعضاؤها في أعمالهم. وعلى الرغم صعوبات وتحديات تواجه فرقتهم في ظل أوضاع ربما تكون غير داعمة، فإن "حبايبنا" استمرت في تقديم منتجها الفني على امتداد 22 عاماً، اختفى خلالها كثير من الفرق المستقلة. في حفلاتهم، نستمع إلى أغان قديمة وتراثية، لكن لعلّنا نتعرف إليها للمرة الأولى، منها "يا أنا يا أمك" و"حبك شمعة وقلبي فانوس" و"حلي ضفايرك" و"خشب المراكب من السنط".

عبر هذه المقابلة التي أجرتها "العربي الجديد" مع مؤسس وقائد الفرقة، ماجد سليمان، نتعرف إلى تجربة "حبايبنا".

البداية كانت في 2002. ما الذي كان يدور في ذهنك عند تأسيس "حبايبنا"؟

معرفتي في أفراد الفرقة تسبق ذلك التاريخ بسنوات. كنت أدربهم وعملنا كثيراً معاً. لكن بعد فترة من العمل في الفرق المختلفة، أردنا أن تكون لدينا فرقتنا الخاصة، حتى يتيح لنا ذلك حرية أكبر في اختيار الأغاني والكلمات والألحان وطريقة الغناء، لأننا بالطبع كنا محكومين دوماً برؤية الفرق التي انضممنا إليها. وفي تصوري، يجب أن يشعر الفنان بالحرية وهو يعمل. رغبنا في أن نقدم ما نحبه من أغان وكلمات وألحان، وكان أول من توقفنا عند فنه في مرحلة البدايات الشيخ إمام.
في ذلك الوقت، لم يكن مرحّباً بهذا اللون الغنائي، بسبب قضايا شائكة حرص الشيخ إمام على تناولها في أغانيه، غير أن اهتمامنا به جاء من منطلق فني. بحثنا عن أعماله فعثرنا على أغان عظيمة، سواء بالنسبة للأشعار أو الألحان، وبالطبع الغناء. أغان توثق لمرحلة تاريخية مهمة في حياة مصر، وما شهدته من أحداث سياسية واجتماعية، إلى جانب أن تناوله للغناء الوطني كان مختلفاً عن النمط السائد.

معنى ذلك أن البداية اقتصرت على تقديم الشيخ؟

إلى جانب الشيخ إمام، كان هناك إسماعيل ياسين وشكوكو، وهما مثله اهتمّا في أغانيهما بالجانب النقدي، وقدماه بسخرية، لكن في إطار اجتماعي. وجاء أول حفل قدمناه بهذه التوليفة، في مسرح المدينة في بيروت في ذكرى الشيخ إمام 2002، ولاقى العرض نجاحاً كبيراً.

يمتد عمر فرقتكم إلى ما يزيد عن 22 عاماً، ظهر خلالها كثير من الفرق المستقلة، لكن اختفى أغلبها. ما هي العوامل التي تراها ساعدت على استمراركم كل هذه الفترة الطويلة؟

"إحنا بنعمل دايماً الحاجة اللي بنحبها"، فحتى حين كان يُعرض على أحد أعضاء الفرقة الانتقال إلى فرق أخرى، أو أن يقدم أعمالاً بمفرده، أو حتى حين يشكل فرقته الخاصة، كان يحرص على الحضور معنا. وأتصور أيضاً أن الرؤية التي حكمت الفرقة منذ نشأتها أسهمت في نجاحها واستمرارها. حرصنا منذ اليوم الأول على تقديم الأغاني القديمة التي لم يكن لها نصيب كبير من الشهرة رغم قيمتها الفنية، مبتعدين عن نظيرتها الشهيرة التي ما زال لها حضور حتى اليوم، فجاءت أغنياتنا القديمة كأنها صُنعت خصّيصاً لنا، كما أعدنا إخراج العديد من الأغاني في صورة اسكتشات، أو بأداء تمثيلي ميز فرقتنا.
وإلى جانب كل ذلك، عملنا في مرحلة تالية للبدايات على تقديم مزيد من التنوع، فاتجهنا إلى حقبة أقدم بعض الشيء، أوائل القرن العشرين، تحديداً الأغاني التي كانت تؤدّى في كازينوهات عماد الدين والمقاهي الشعبية، مثل: "يا أنا يا أمك"، و"أبوها راضي وأنا راضي"، و"إيه رأيك في خفافتي".

ما الرابط بين إسماعيل ياسين وشكوكو وصالح عبد الحي ورتيبة حفني والشيخ إمام، على اعتبار أنها أبرز الأسماء التي تقدمون أعمالهم الغنائية؟

كثير من أغانيهم ليس متداولاً، خاصة في الفترة التي ظهرت فيها الفرقة، إذ لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي قد انتشرت بعد. كنا نبذل جهداً كبيراً لتتبع أغانيهم، بغرض تعريف الناس بها. ونتيجة ذلك، اكتشفنا العديد من الأغاني التي قيلت في مناسبات مختلفة، أو جاءت تعليقاً على أحداث سياسية واجتماعية منذ قرن، وربما أكثر لكن ما زالت مناسبتها حاضرة، وكأن التاريخ يعيد نفسه، وهذا عامل آخر تشترك به الأغاني التي نقدمها، إلى جانب أن كثيراً منها يحمل بعداً نقدياً، وإن اتسم بالخفة المحببة.

من جمهوركم؟

ربما تكون فئة الشباب هي الغالبة على حفلاتنا، مع ذلك لا يخلو جمهورنا من فئات عمرية أكبر، عاش بعضها أو كان أقرب للفترة الزمنية التي أخذنا منها أغانينا.

خلال فترة وجودكم في الساحة الغنائية، هل تلقيتم دعماً من الدولة باعتباركم فرقة مستقلة مهتمة بالتراث وبالحفاظ على الهوية الموسيقية المصرية؟

نحن نعتمد على الجهود الذاتية. وبينما هناك حفلات نقدمها بمقابل مادي بسيط، هناك غيرها نحييها مجاناً، فجميعنا لديه وظيفة أخرى. ولو اعتمدنا على دخل الفرقة لما كتب لها الاستمرار، وللأسف لم نتلق أي دعم يوماً.

إذن ما هو الدعم الذي ترى أن الدولة يمكن أن تقدمه لفرقة مثل فرقتكم؟

لا نطالب بدعم مادي، لكن على الأقل نأمل أن تقدم لنا الدولة مسارحها حتى نقيم عليها حفلاتنا، وأن يُتاح لنا، دورياً، تقديم فعالياتنا بتذاكر رمزية أو حتى مجاناً.

معنى كلامك أن ذلك لا يحدث؟

دعني أخبرك، ربما يحدث أحياناً، فقد عرضنا في بيوت مثل الهراوي والسحيمي وزينب خاتون، لكن هناك صعوبات كثيرة، لا تجعل ذلك متاحاً دائماً.

لديك تجربة مهمة في تدريب الأصوات في فرقة "الورشة" المسرحية.

بدايتي في تدريب الأصوات سابقة على التحاقي بفرقة "الورشة"، جاءت مع كورال جمعية الصعيد في المنيا منذ عام 1994. في هذا الوقت، كانت التيارات الدينية المتشددة حاضرة بقوة على الساحة، وحاولنا في ظل هذه الأجواء تدريب الأطفال ليس ليصبحوا موسيقيين فقط، ولكن لتنمية البعد الإنساني داخلهم، لكي يكون الواحد منهم إنساناً أفضل في مواجهة كل هذا التطرف والعنف الذي يحيط به. وصادف أن حضر المخرج حسن الجريتلي ورشة للجمعية وانبهر بمستوى الأطفال، فطلب مني أن ألتحق بفرقته "الورشة المسرحية"، وهي أبرز الفرق المسرحية المستقلة.
مع "الورشة" لجأت إلى نظام تدريبي مختلف، بسبب أن الأعمار أكبر، من العشرينيات وحتى الخمسينيات، منهم من التحق بغرض الاحتراف، إذ تخرج من الفرقة عدد من أبرز نجوم فرق الـ"أندرغراوند"، ومنهم من انضم بهدف تنمية هوايته فقط، ومنهم أيضاً فنانون معروفون التحقوا من أجل أدوار تمثيلية، ليتدربوا كيف ينظمون أنَفَسهم، وكيفية التحكم في طبقات أصواتهم. إلى جانب ذلك، هناك تمارين الصولفيج لتدريب الأذن على تمييز النغمات.
وهناك ممن دربتهم في "الورشة" التحقوا بعدها بـ"حبايبنا"، مثل المذيعة في التلفزيون المصري منى الشايب والمذيعة في "بي بي سي" أميمة الشاذلي. وفي مراحل سابقة، التحقت بنا أسماء مثل دينا الوديدي ومريم صالح وفاطمة عادل.

ما أبرز الفعاليات التي اشتركت فيها الفرقة؟ وما الذي تتطلعون إليه خلال الفترة المقبلة؟

شاركنا في أحد مهرجانات ألمانيا المهمة، وقدمنا عرضاً بمناسبة إعادة افتتاح مسرح الأندلس في الكويت، المسرح الذي غنى على خشبته الكثير من حبايبنا مثل شكوكو وصباح وأم كلثوم، كما كانت لنا جولة ناجحة في الأردن، إذ غنينا في عدد من مدنها، مثل إربد ومادبا والزرقاء، إلى جانب حفلنا الأول في مسرح المدينة في بيروت، وفي جميع البلدان التي عرضنا فيها قوبلنا بحفاوة تليق بالتراث المصري، ونتمنى أن يتاح لنا استكمال ما بدأناه وأن "نتشاف أكتر ونقدم فن أكتر".

المساهمون