يقول خالد عبدالجليل، رئيس "المركز القومي للسينما"، إن "الشركة التي نسعي إلى تأسيسها ستكون لها القدرة على دعم الفيلم لوجستيًا بالمعدات والكاميرات ومراحل ما بعد الإنتاج، ولها دور عرض عبر التعاقد والشراكات مع مستثمرين في دور العرض السينمائي"، ويُضيف أنه "يمكن الاتفاق علي تقديم تسهيلات للمستثمرين ومنحهم حقوق استغلال دور العرض مقابل أن تحظى الأفلام التي تدخل الدولة في إنتاجها على فرص جيدة في العرض والتوزيع في دور العرض، وألاّ تتعرّض للضرر بسبب صراعات الموزّعين".
ويُشير عبدالجليل إلى إمكانية إنشاء دور عرض سينمائي في الأقاليم المختلفة، وبالتالي "نقوم بتقويم الرأي العام والذوق العام عن طريق ضخّ عدد كبير من منتجاتنا الثقافية على الشاشات التلفزيونية وفي دور العرض السينمائي".
لم تكن رغبة الدولة في السيطرة على السينما وليدة اللحظة. فقد عبّر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن استيائه من الأفلام المطروحة في الصالات في احتفال عيد الشرطة في 25 يناير/ كانون الثاني 2015، موجّهًا حديثه إلى الممثلين يسرا وأحمد السقا: "ستُحاسَبون على هذا. نريد أن نمنح الناس أملاً بالغد، ونحسِّن قيمنا وأخلاقنا، وهذا لن يحدث إلاّ عبركم ومنكم. لكلّ قطاع من قطاعات الدولة دورٌ في ذلك".
استوعب أحمد السقا مضمون الرسالة وفهم المطلوب منه، فقدّم شخصية السيسي في "سرّي للغاية" لمحمد سامي (تأليف وحيد حامد)، الذي يتناول سيرة الرئيس. في العام نفسه، بدأ أركان الدولة تنفيذ رغبة الرئيس، فأصدر رئيس الوزراء حينها إبراهيم محلب قرارًا بعودة أصول السينما المصرية إلى وزارة الثقافة، والعمل على إنشاء شركة قابضة للصناعات الثقافية. منذ ذلك الحين، تعمل وزارة الثقافة على هذا الملف.
لكن الدولة لم تكتفِ بهذا، إذْ أعلن وزير الثقافة حينها حلمي النمنم ـ في مؤتمر للشباب عام 2017 حضره رئيس الجمهورية ـ "أن وزارة الثقافة اقتربت من إنجاز شركة لصناعة السينما". خليفته في وزارة الثقافة إيناس عبد الدايم أصدرت، في 20 يونيو/ حزيران 2018، قرارًا بإنشاء "الشركة القابضة للاستثمار السينمائي"، والإعلان عن لائحة الكيان وميزانيته.
رحب فنانون محسوبون على الدولة بهذه الخطوة. المخرج محمد فاضل، الرئيس السابق للجنة الدراما في "المجلس الأعلى للإعلام" أعلن ترحيبه بالشركة، قائلاً "إن السينما تعيش مرحلة توتر ومستوى متوسط في الشكل والمضمون والإنتاج، وتحتاج إلى دواء عاجل، وهو ما بدأت الدولة بوضعه عبر "الشركة القابضة للثقافة والسينما"، ونحن ننتظر أن يكون هناك دور إيجابي أكبر للدولة في انتعاشتها".
لم ينسَ فاضل الحملة التي شنّها صنّاع الدراما عليه عندما وضع لائحة أولويات لمواضيع الأعمال الفنية، التي وصفها الفنانون حينها بـ"الوصاية الفنية" على الدراما. يومها، هاجمه عادل إمام بقوله "إننا لا نحتاج إلى وصاية، والوصي الوحيد على الفن هو الفن نفسه، والفن هو الرقيب الوحيد والجمهور هو الذي يحكم في النهاية، ولجنة الدراما هي لجنة فاشية".
المخرج الناصري خالد يوسف يرحّب بدوره بفكرة إنشاء الشركة رغم قرار منع عرض فيلمه الأخير "كارما" (قبل إجازة عرضه مباشرة بعد قرار المنع): "تلك كانت اقتراحات "لجنة السينما" و"غرفة صناعة السينما" و"نقابة السينمائيين" في اللجنة التي تم تشكيلها أيام السفيرة فايزة أب النجا برئاسة رئيس الوزراء حينها إبراهيم محلب. تقدّمنا باقتراحات وتمت الموافقة عليها، لكن حتى هذه اللحظة لم تنفَّذ تلك القرارات برمّتها، وتاهت وسط البيروقراطية الحكومية".
يضيف يوسف: "هذا هو القرار الأول الذي يدخل حيّز التنفيذ. أتمنّى تنفيذ القرارات الأخرى، المتعلّقة بتشريعات جديدة لمواجهة القرصنة، ودعم المخرجين الشباب، وصندوق دعم السينما بعيدًا عن "صندوق التنمية الثقافية"، كما تفعل فرنسا مثلاً في مواجهتها الفيلم الأميركي كما في دعمها الصناعة الوطنية، إذْ فُرضت ضريبة واحد بالمئة على الفيلم الأميركي توضع في صندوق إنتاج أفلام قومية فرنسية. هذا ما طالبنا بتنفيذه وأتمنى تفعيله للصعود بالأداة الوحيدة للقوة الناعمة التى تعتبر مـصـر رائدة فيها وهي السينما، بعد تقَهقر الإعلام والدراما التلفزيونية والموسيقى والغناء".
كما أنه دعا الدولة إلى التمسك بالسينما "كي تُحارِب بها". يبدو أنه يحاول الهروب من عقوبة منع عرض أعماله المقبلة بتشجيع الدولة على اقتحام مجال الإنتاج السينمائي واحتكاره.