3 تفجيرات في يومين: متى يقيل السيسي وزير الداخلية؟

12 ديسمبر 2016
تشير التحريات الأوّلية إلى استخدام مواد شديدة الانفجار(العربي الجديد)
+ الخط -
كان لافتاً استقبال أهالي القتلى والمصابين في تفجير الكنيسة البطرسية قرب الكاتدرائية المرقسية في القاهرة، أمس الأحد، وزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، لدى وصوله إلى موقع الانفجار، بهتافات "ارحل... ارحل"، في إشارة إلى رفض وجوده بعد وجود تقصير أمني في حماية دور العبادة. وارتبط بوجود عبد الغفار على رأس الوزارة، سجلّ حافل من الاعتداءات والتفجيرات الدموية بلغ عددها ثلاثة خلال 48 ساعة فقط، أسفرت عن سقوط 32 قتيلاً، و60 مصاباً، غالبيتهم من المدنيين. ورغم الفشل في أداء الوزارة، لا يزال الوزير في مكانه من دون أن يقيله الرئيس، عبد الفتاح السيسي. وبعد ساعات من وقوع الانفجار تجمع محتجون أقباط ومسلمون أمام الكاتدرائية تعبيراً عن الغضب من مرتكبي الهجوم، لكنهم رددوا هتافات مناوئة للسيسي وحكومته. وهتفوا "طول ما الدم المصري رخيص يسقط يسقط أي رئيس"، و"كنتي فين يا داخلية لما ضربوا المرقسية؟". ووقعت مشادات بين المحتجين الذين بلغ عددهم بضع مئات وقوات الأمن.

ووقع تفجيران يوم الجمعة الماضي: الأول تفجير عبوة ناسفة بكمين أمني في محافظة الجيزة، أسفر عن مقتل ستة من أفراد الشرطة، وإصابة آخرين، والثاني في محافظة كفر الشيخ حيث فجرت عبوة بدورية أمنية، ما أدى إلى مقتل مواطن وإصابة ثلاثة من الشرطة. وكان التفجير الثالث الأكثر تأثيراً، واستهدف الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية في منطقة العباسية بمحافظة القاهرة، صباح أمس، وأسفر عن مقتل 25 مدنياً، وإصابة نحو 49، وسط توقعات بزيادة عدد القتلى، نظراً لوجود حالات خطرة بين الجرحى. ولم تتمكن أجهزة الأمن المصرية، من وقف التفجيرات على مدار ثلاث سنوات، حيث تنشط تارة وتختفي تارة أخرى، وسط حديث رسمي عن محاولات تفكيك المجموعات المسلحة التي تقف وراء هذه التفجيرات. ويلاحق الفشل وزير الداخلية المصري، اللواء مجدي عبد الغفار، ليس فقط لناحية عدم القدرة على ضبط المتورطين الحقيقيين في عدد من التفجيرات، لكن أيضاً لسوء التعامل الأمني مع الجرائم الجنائية، وتردي أوضاع حقوق الإنسان والقتل والإهمال الطبي داخل مقرات الاحتجاز، وإطلاق يد جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) في ملاحقة المعارضين والتصفيات الجسدية.

وقالت مصادر سياسية مقربة من دوائر اتخاذ القرار، إن فكرة إقالة أو قبول استقالة وزير الداخلية أمر وارد خلال الأيام القليلة الماضية، حسب سير الأوضاع وبعض الحسابات الخاصة عقب تفجير الكنيسة. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن وزير الداخلية عرض من قبل تقديم استقالته، لكن مؤسسة الرئاسة رفضت الأمر، وتحديداً عقب أزمات وتفجيرات كبيرة. وتابعت أن السيسي لا يريد إجراء تغيير في وزارة الداخلية، حتى لا تكون هناك استجابة للضغوط، سواء التفجيرات أو حتى المطالبات بإقالته عقب أزمات مع عدد من الفئات المهنية خلال الأشهر الماضية، فضلاً عن وقائع القتل داخل مقار الاحتجاز. ولفتت إلى أن القرار الأقرب الذي تم الاتفاق عليه بنسبة كبيرة، هو تغيير عبد الغفار في أول تعديل وزاري، لكن حتى الآن لا توجد معلومات حول إقالة أو قبول استقالة الوزير الحالي بعد تفجير الكنيسة البطرسية، لأن الأولوية حالياً هي إجراء التحقيقات الأوّلية.


وطالبت أجهزة سيادية في الدولة، السيسي، بإقالة وزير الداخلية أكثر من مرة، بسبب الفشل الأمني والأزمات التي خلفتها الشرطة خلال عهده، مما يؤثر سلباً على صورة وشعبية النظام الحالي. من جانبها، قالت مصادر أمنية مصرية إن الأجهزة الأمنية لا تتحمل مسؤولية الحادث بشكل مباشر، وإن كان هناك تقصير بالطبع. وأضافت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن تأمين الكاتدرائية والكنيسة البطرسية التي وقع التفجير داخلها، من مسؤولية الأمن الداخلي للكاتدرائية، بينما قوات الأمن هي مكلفة بتأمين المحيط الخارجي. وأشارت إلى أن الأجهزة كانت قد أوقفت أي شخص تشك أو تشتبه فيه، بينما لم يكتشف الأمن الداخلي من خلال أجهزة الكشف عن الأسلحة والمتفجرات وجود خلل. ولفتت إلى أنه تم تقديم طلب بأن تتولى الأجهزة الأمنية مسؤولية التأمين تماماً، لكن الأمر قوبل بالرفض من جانب الكنيسة، مشيرة إلى أن الانفجار وقع داخل الكنيسة، وحجم التأثير يؤكد احترافية المنفذين، خصوصاً وأن التحريات الأوّلية تشير إلى استخدام مواد شديدة الانفجار، وليس عبوة ناسفة بدائية الصنع. وأكدت أن أجهزة سيادية دخلت على خط الأزمة، بالتنسيق مع أجهزة وزارة الداخلية، حول التحقيقات التي تجرى حالياً لكشف ملابسات التفجير. ونوّهت إلى أن التقديرات الأولية تشير إلى أن سيدة أدخلت العبوة قبل بدء القداس، وخرجت قبل الانفجار، بحسب التفريغ الأوّلي لكاميرات المراقبة.


وقال الخبير الأمني، محمود قطري: "لا أحد في الأجهزة الأمنية يستمع للنصائح التي توجّه إليهم، خصوصاً أنه لا بد من تعديل الخطط والتكتيكات لمواجهة المجموعات المسلحة"، مشيراً إلى أن "عناصر غالبية هذه المجموعات الناشئة لا يمتلكون سجلاً إجرامياً، ولم يقوموا بأعمال مسلحة من قبل، وهي مجموعات محدودة القدرات، لكنها تستغل الفشل الأمني لتنفيذ عمليات وتفجيرات". ورأى قطري، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن "الفشل الأمني والأخطاء تتكرر كل مرة، ولا يوجد توجيه جيد لقوات الشرطة العاملة على أرض الواقع، وبالتالي لا بد من إجراء تعديل عاجل في قيادات الوزارة الحالية"، متخوّفاً من أن تكون عملية الأمس مقدّمة "لسلسلة جديدة من العمليات المسلحة والتفجيرات في قلب القاهرة الكبرى، خصوصاً مع نوع من التراجع الاختياري على ما يبدو لتلك الجماعات". وطالب بضرورة الاعتماد على خبرات دولية في تدريب العناصر الأمنية لمواجهة مثل هذه المجموعات المسلحة، قبل أن تكتسب خبرات وتصعب معها المواجهة.