مصر: الاستخبارات الحربية تسدّد فواتير إقامة شفيق في "ماريوت"

13 ديسمبر 2017
اتصالات مكثّفة لثني شفيق عن قراره بالترشح للرئاسة(فرانس برس)
+ الخط -


لا يزال رئيس الوزراء المصري الأسبق، أحمد شفيق، قيد الإقامة التي يبدو أنها قسرية في فندق "جي دبليو ماريوت"، منذ وصوله إلى مطار القاهرة، مرحّلاً من دولة الإمارات، برفقة ثلاثة من ضباط الاستخبارات الحربية، ورابع من الاستخبارات العامة، من المكلفين بحراسته، وتقييد حريته داخل محيط الفندق، رغم قوله، هو وأركان حزبه، إنه مقيم بحريته في الفندق إلى حين انتهاء تجهيز منزله الذي غادره منذ خمس سنوات.

وأفاد مصدر مطلع في الفندق الكائن بمنطقة التجمع الأول، شرقي القاهرة، بأن الجناح الخاص الذي يقطن فيه شفيق منذ تاريخ 2 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، حُجز بواسطة جهاز الاستخبارات الحربية، الذي يُسدّد فواتير إقامته بالكامل، كاشفاً أن كلفة الليلة الواحدة لجناح شفيق، الذي يطل على ملعب الغولف، تبلغ 10200 جنيه (نحو 570 دولاراً).

وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إنّ ضباط الاستخبارات الأربعة يتناوبون على حراسة شفيق، ويقطنون جناحاً مقابلاً له، بكلفة أقل، تصل إلى 7700 جنيه (نحو 425 دولاراً) لليلة الواحدة، مضيفاً أنهم يرافقونه أينما حلّ على مدار اليوم، مرتدين ملابس مدنية، ولا يسمحون للصحافيين أو مراسلي القنوات الفضائية بإجراء أي مقابلات مع المرشح الرئاسي المحتمل.


ووفقاً للمصدر، فإن ضباط الاستخبارات لا يسمحون لشفيق بالخروج من جناحه لتناول الطعام إلا في وجبة الإفطار، في ظلّ إجراءات تأمينية مشددة، وعقب انتهاء الموعد المُحدد لإفطار النزلاء، مع إرسال مطعم الفندق وجبتي الغداء والعشاء إلى مكان إقامته، فضلاً عن منع أي حديث بين النزلاء وشفيق، واقتصار الزيارات الخارجية على عدد محدود من المقربين منه.

واستقبل شفيق، الأحد الماضي، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية - الذي يترأسه - اللواء رؤوف السيد، في زيارة استغرقت قرابة الساعتين، للحديث عن إمكانية تراجع الأول عن قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة في مواجهة الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، في ضوء الضغوط التي يتعرّض لها منذ إعلان ترشحه قبل نحو أسبوعين.

ورفض السيّد الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن اللقاء، قائلاً في تصريح مقتضب لـ"العربي الجديد"، إن شفيق "ليس محتجزاً أو مقيّد الحرية، بحسب ما يشاع"، وإنه سيعود إلى منزله بمنطقة التجمع الخامس في وقت قريب، حال الانتهاء من أعمال التجديد والصيانة في سكنه الخاص، كونه مغلقاً منذ أكثر من خمس سنوات.

وأصدر حزب الحركة الوطنية بياناً صحافياً، مساء الأحد، قال فيه إن "شفيق بحث مع نائبه موقف الحزب تجاه بعض القضايا السياسية المطروحة، وموقفه من الانتخابات الرئاسية"، مشيراً إلى أن الأخير سيتخذ قراره حول مسألة الترشح "وفقاً لما سيجري من مشاورات مع قيادات الحزب، وأمناء المحافظات، وبعض الشخصيات العامة... وبما يتوافق مع مصالح مصر العليا".

وأضاف البيان أن "اللقاء تناول سُبل دعم الحزب خلال المرحلة المقبلة، ليكون أكثر إيجابية وتفاعلاً في المشهد السياسي"، وأن شفيق يتمتّع بصحة جيّدة، وعبر عن سعادته بالعودة إلى أرض الوطن، والتي شبهها بـ"عودة الروح إلى الحياة"، مختتماً بأن "رئيس الحزب في رعاية كريمة من الدولة المصرية، تليق بقيمته كأحد رموز الدولة، وابن من أبنائها".

إلى ذلك، كشف مصدر بارز في حزب شفيق عن تلقّي قيادات الحزب اتصالات مكثّفة من جهات سيادية، وشخصيات عامة، وبرلمانية، خلال الأيام الماضية، للتوسط لدى شفيق ومحاولة ثنيه عن قراره بالترشح للرئاسة، لاعتبارات تتعلق بالصالح العام، و"تفويت الفرصة على المتربصين بالمؤسسة العسكرية، بعدم تنافس مرشحين منتمين للمؤسسة ذاتها على المنصب الرئاسي".


وقال المصدر في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن "شفيق يراجع موقفه حالياً، للخروج بموقف نهائي بخصوص الترشح من عدمه، وإعلانه في مؤتمر صحافي قبل نهاية ديسمبر الحالي"، مشيراً إلى أن الاتجاه الأقرب، وفقاً للمعطيات على الأرض، هو تراجع رئيس الوزراء الأسبق عن قرار ترشحه، على غرار موقف رئيس الأركان السابق، سامي عنان، في انتخابات العام 2014.

واستدرك المصدر، موضحاً أنّ "الفريق شفيق عنيد الرأي، ولا زال على موقفه الخاص بالترشّح حتى اللحظة، غير أن لديه تخوفات من حملة التشويه الإعلامي التي ستطاول سمعته، هو وأسرته، حال التقدم بأوراق ترشحه رسمياً، علاوة على المشكلات التي ستواجهها حملته الانتخابية، وما قد يتعرّض له أعضاء حزبه من مضايقات أمنية خلال جمع التوقيعات الشعبية".

ونصّت المادة 142 من الدستور المصري على أنه يُشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية، أن "يُزكي المرشحَ عشرون عضواً على الأقل من أعضاء البرلمان، أو أن يؤيّده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب، في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيّد من كل محافظة منها".

وبحسب مصادر قانونية وقضائية مطلعة، فإن هناك العديد من القضايا والبلاغات المقدّمة ضد شفيق بحوزة النيابة العامة، إضافة إلى تقارير للرقابة الإدارية بأدراج النيابة العسكرية، كأوراق ضغط لدفع المرشح المحتمل للتراجع عن قراره بخوض الانتخابات، أو تحويله إلى "منافس غير خطير"، لتجميل المشهد الانتخابي، وإضفاء روح تنافسية كاذبة على انتخابات محسومة عملياً.

واقتصر ظهور شفيق الإعلامي، طيلة الأيام الماضية، على مداخلة هاتفية وحيدة مع الإعلامي وائل الإبراشي، بقناة "دريم" الفضائية، الأحد قبل الماضي، اعترف فيها باستقبال مسؤولين كبار له في مطار القاهرة، واقتياده من قبل سائق السيارة إلى الفندق الذي يقيم فيه، من دون استشارته، بدعوى أن بيته مغلق، ويحتاج إلى التجهيز قبل ذهابه إليه.