"خطة أمنيّة" لبنانيّة بعد عودة معارك القلمون

14 يونيو 2014
دورية للجيش اللبناني على الحدود اللبنانية السورية (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

بات اللبنانيون يعشقون الخطط الأمنية. ينتظرون أي مداهمة أو تحرك للجيش ليتحدثوا عن خطة أمنية، فيطعّمونها بعبارات "الضرب بيد من حديد" أو "القضاء على الإرهاب" وغيرها. لكثرة ما يفتقد مَن يعيش في لبنان إلى الأمن، أصبحت كل عملية دهم توضع في إطار استراتيجيا أمنية، أو أكثر من ذلك، ربما.

تحرّك فوج المجوقل باتجاه جرود عرسال في البقاع (عند الحدود الشرقية بين لبنان وسورية)، مشّط المنطقة ودهم بعض مخيّمات اللاجئين السوريين، فأضحى ينفّذ خطةً أمنية، بينما هو فعلياً يمارس دوره الطبيعي في حفظ الأمن ومنع تكرار بعض الإشكالات الأمنية التي تكررت في الأيام العشرة الأخيرة، وبلغت حدّ إعدام طفل سوري "شتم جبهة النصرة"، بحسب ما قال عرساليون، لـ"العربي الجديد"، فأُنزل به "الحكم الشرعي".

عادت الحركة الأمنية إلى بلدة عرسال، "بحثاً عن مخطوفين وعن أي مظاهر مخلّة بالأمن"، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام. فكانت النتيجة توقيف "ستة سوريين، ضبطت بحوزتهم أجهزة كومبيوتر ووثائق". توقفت المعلومات الأمنية عند هذا الحدّ، فيما أكدت بعض المصادر من داخل عرسال أنه "تم العثور على سلاح أوتوماتيكي خفيف وحيد، خلال عملية الدهم".

أُلبست عمليات الجيش ثوب ملاحقة المطلوبين والمخلّين بالأمن، بينما يتوقف عدد من العرساليين عند الكثير من "الأحداث السابقة التي لم يحرّك الجيش ساكناً تجاهها قبل أسابيع". فيؤكد عدد منهم أنه تم تبليغ نقاط الجيش عن أكثر من إشكال وأكثر من اعتداء طوال الشهرين الماضيين، "واكتفت القوّة العسكرية المنتشرة في البلدة بمشاهدة المعتدين والمعتدى عليهم".

سبق لهؤلاء الأهالي أن رحّبوا بانتشار القوى الأمنية في بلدتهم وناشدوها البقاء والحفاظ على الأمن، "إلّا أنها لم تفعل أي شيء، ولم تتدخل لحلّ أبسط الخلافات". فيشعر الأهالي أنّ التحركات الأمنية "موجّهة ولا تهدف إلى تحسين الواقع الاجتماعي"، ولا إلى تبديد أجواء الشحن بينهم وبين اللاجئين، الآخذة بالتصاعد نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية عدة.


حتى أنّ عمليات الدهم لا تقتصر فقط على عرسال، ولا ينفذها الجيش أو القوى الأمنية وحدهما. فقد نفذت مجموعة من حزب الله قبل أيام في بلدة اللبوة، المحسوبة على الحزب، عملية دهم لأحد المنازل. اعتقلت شابين سوريين وتعرّضت بالضرب لقريبة لهما من البلدة. سُلّم اللاجئَان إلى استخبارات الجيش وأخلي سبيلهما بعد ساعات، إذ تبيّن أنهما بريئان من أي تُهم إرهابية أو أمنية.

وبعيداً عن فرض حزب الله لسلطته العسكرية والأمنية على الواقع الميداني في البقاع، يربط عدد من المتابعين حركة الجيش في عرسال بما يجري عند الطرف المقابل من الحدود، أي في منطقة القلمون، وتحديداً رنكوس. فقد وصلت معلومات عن سقوط عدد من القتلى في صفوف الجيش السوري وحزب الله في الساعات الأخيرة الماضية، ما قد يكون "سبباً في عودة الحراك الأمني إلى عرسال، ومحاولة من قبل الجيش لاستباق أي ردة فعل في الجانب اللبناني". مع العلم أنّ انتشار الجيش اللبناني ترافق مع تحليق لمقاتلات الجيش السوري فوق الحدود، وتنفيذها لثلاث غارات على منطقة جبلية قريبة من جرود عرسال، تعدّ منطقة تقاطع جغرافي بين رنكوس والبقاع اللبناني.


كذلك، يؤكد عدد من المطلعين على أجواء حزب الله، لـ"العربي الجديد"، على أنّ جبهة عرسال ـ الحدود السورية "تبقى منطقة خطرة". لا تزال جغرافيا هذه المنطقة الجردية عاصية على عسكر النظام السوري وحزب الله. فبحسب هذه الأجواء، ينتشر في هذه المنطقة آلاف المقاتلين من ألوية معارضة مختلفة، لجأت إليها بعد سقوط معظم قرى القلمون بيد الحزب وحلفائه. لا طيران البعث قادر على استهدافها ولا الحزب تمكّنه آلياته وقدراته العسكرية من مهاجمتها.

توحي هذه الأجواء وكأنّ معركة يجري التحضير لها على هذه الحدود، بالرغم من صعوبة المعركة في ظل واقع المنطقة الاستراتيجي والجغرافي. يضع المقربون من الحزب هذه المعركة في إطار "استكمال نصر القلمون"، بينما فعلياً يتوضح أنّ القلمون لم تسقط. فقد تكون هذه المنطقة تحت نار "خطة أمنية"، لكن جديّة هذه المرة ومختلفة عن "الخطط" المتفرقة على الأراضي اللبنانية.