"لوموند": هكذا اختبر الروس أسلحتهم على مدنيي سورية

05 أكتوبر 2018
أرسلت روسيا 63 ألف جندي إلى سورية(محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -
تُكرّر البروباغندا الروسية، أن الجيش الروسي لم يستهدف أبداً المدنيين، في غاراته المكثفة في سورية، وهو ما تكذبه الحقائق على الأرض، وهو أيضاً ما يفضحُ دجَلَهُ "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الذي يتحدث عن نحو ثمانية آلاف مدني سوري، هم ضحايا الغارات الروسية.   

وفي هذا الإطار، تورد صحيفة "لوموند" الفرنسية، اليوم الجمعة، ما ورد في تقريرٍ للسيناتور فيكتور بونداريف، رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس فدرالية روسيا، والذي عمل أيضاً قائداً للقوات الجوية الروسية من آب/أغسطس 2015 إلى سبتمبر/أيلول 2017، حول ثلاث سنوات من الوجود العسكري الروسي المكثف في سورية.

ويكشف هذا الجنرال في هذه الحصيلة، عن إرسال 63 ألف جندي روسي إلى سورية، وهو رقم ارتفع باستمرار. وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن وجود 48 ألف عسكري في سورية، وهو ما يبرهن أنه رغم التصريحات المتكررة عن "سحبٍ" روسي متدرج من سورية، إلا أن الدورات ظلت من دون تغيير، أي مع خمسة آلاف جندي يتم إرسالهم، في المتوسط، إلى سورية، كل ثلاثة أشهر. 

ويتحدث هذا التقرير، الذي يحتوي على تسع صفحات، عن "دقة الضربات الجوية" الروسية التي أدّت إلى "تدمير آلاف من الأهداف" - مخازن الذخيرة، ومقرات عامة للقيادة، ومناطق محصنة…- وإلى "قتل حوالي 100 ألف إرهابي، من بينهم 85 ألفا، بفضل مقدرة قواتنا الجوية". 

وليس فقط بونداريف من يتحدث عن دقة الأسلحة الجوية، ولا عن كون سورية مسرحاً لتجريب الروس أسلحتهم التدميرية، وتحسين مستواها. فقد صرّح فلاديمير شامانوف، القائد السابق لقوات المظليين، أمام البرلمان، الذي أصبح نائباً فيه، في 23 فبراير/شباط الماضي، بأنه "من خلال مساعدتنا شعبنا السوري الشقيق، قمنا بتجربة أكثر من 200 نوع جديد من الأسلحة".

وأضاف في خطابٍ بمناسبة "يوم المدافعين عن الوطن"، الذي يحتفل به الروس في ذلك التاريخ، أن "هذا برهن أمام العالم كله على فعالية الأسلحة الروسية". ومن بين الأسلحة التي تم اختبارها في سورية، طائرة "سو57" الجيل الخامس، و"سو 35 إس" الجيل الرابع، وأيضاً طوافة عسكرية من نوع "كا 52"، وأخرى هجومية من نوع "مي 28"، وأيضاً راجمة الصواريخ اللهبية "TOS-1A" وصواريخ "كاليبر"، و"كورنيت" المضاد للدبابات، والصاروخ المجنح "خا 101". وتصرّ وسائل الإعلام الروسية على التأكيد أن هذه الصواريخ برهنت نجاعتها أثناء الضربات التي استهدفت قواعد تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" في دير الزور وإدلب.

لكن "المرصد السوري لحقوق الإنسان" يقدم حصيلة مختلفة، ويتحدث عن أهداف أخرى إضافية للضربات الروسية. ويكشف رامي عبد الرحمن، مدير "المرصد"، أنه بين سبتمبر/أيلول 2015 وسبتمبر/أيلول 2018، تسببت الضربات الروسية في مقتل 18096 شخصاً، من بينهم 7988 مدنيا، أي 44 في المائة من مجموع القتلى. ومن بين القتلى، 5233 من مقاتلي تنظيم "داعش"، و4875 من مختلف أطياف المعارضة، إسلاموية وجهادية، رغم أن روسيا نفت دائماً أنها استهدفت أو قتلت العديد من المدنيين. 

من جهة أخرى، أكدت منظمة "الخوذ البيضاء" السورية، في تقرير نشر في 30 سبتمبر/أيلول، أنها تدخلت مرات عدة، في مبانٍ مدنية تعرضت لعشرات الغارات الروسية. وقد أحصت هذه المنظمة 19 مدرسة و20 سوقاً و20 مؤسسة طبية و21 من مراكزها، كانت هدفاً للغارات الروسية.   

وترى الصحيفة الفرنسية أنه بينما انتهت روسيا، يوم الثلاثاء في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، من توريد نظام الدفاع الجوي إلى الجيش السوري، إضافة إلى معدات "الحرب الإلكترونية"، فإنها "اختبرت على المسرح السوري، بحسب وزارة الدفاع، أكثر من "مئتي نوع من الأسلحة"، والكثير من هذه الأسلحة "تم تطويره، بعد تجربته"، باعتراف رئاسة الأركان الروسية". 

وتضيف "لوموند" أنه "لم يسبق أبداً للجيش الروسي، الذي دشّن معرضاً متنقلاً في روستوف-سور-ليدون، في جنوب البلاد، من أجل الاحتفال بالذكرى الثالثة لتدخله في سورية، شملت نحو مئة من الغنائم التي تمّ الاستيلاء عليها في سورية من أسلحة، وأيضاً لباس مقاتل من داعش". وتسلط الضوء على تصريح لبوتين في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تباهى فيه بـ"أنواع جديدة من السلاح تمّ اختبارها في وضعية حقيقية ضد إرهابيين". 

"للنصر ثمن": الشعب السوري

لم تُفلت قاعدة حميميم من الهجمات، ويعترف المتحدث باسم الجيش الروسي، إيغور كوناشينكوف، بأنه تم تدمير 47 طائرة من دون طيار، محملة بمتفجرات، في شهر واحد، هذا الصيف، اقتربت من القاعدة. ولم تسفر هذه الهجمات التي لم يعلن عن مسؤوليتها أحدٌ، سوى عن القليل من الخسائر المادية. 

ولم يُخف الجنرال بونداريف ابتهاجَه بمحدودية الخسائر الروسية، والتي عددها في مقتل 112 عسكرياً روسياً على أرض المعركة. كما تحدث المسؤول الروسي عن فقدان ثماني طائرات وسبع طوافات عسكرية  ومصفحة أو مصفحتين، وقارنها بالخسائر الثقيلة للجيش الروسي في أفغانستان (مقتل 4800 جندي في السنوات الثلاث الأولى من الحرب)، وأيضاً بالخسائر الأميركية في العراق في السنوات الثلاث الأولى، التي وصلت إلى ألفي قتيل من قوات "المارينز". 

وتتعجب الصحيفة الفرنسية من كون "الحصيلة الروسية لا تقول شيئاً عن صراع تسبب في مقتل أكثر من 360 ألف سوري، منذ القمع الدموي للتظاهرات الأولى المعادية للحكومة سنة 2011". لكنها تستدرك بأنه "لا يمكن إنكار أن روسيا، غيّرت القسمة بشكل كامل".           
إذ إنه قبل ثلاث سنوات، لم يكن النظام السوري يسيطر سوى على 26 في المائة من الأراضي السورية. وتمّ الآن، شطب "داعش" تقريباً من الخريطة، بسبب هجومين قادتهما، بشكل مستقل، روسيا وحليفاها السوري والإيراني، وأيضاً "التحالف الدولي"، الذي تقوده واشنطن بدعم من القوات العربية - الكردية. أما القوات المعارضة للنظام، فقد خسرت مواقعها، الواحد تلو الآخر، وأصبحت محاصَرَةً، بشكل أساسي، في محافظة إدلب، شمال غربي البلاد.​

المساهمون