ومكث الأسير السايح في مستشفى "آساف هاروفيه" الإسرائيلي قرابة شهرين، بعد تدهور خطر طرأ على حالته الصحية، إلى أن استشهد اليوم، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان، حيث رفض الاحتلال الإسرائيلي التجاوب مع الدعوات الحقوقية لإطلاق سراحه لينال العلاج اللازم.
الحناجر الغاضبة لعشرات المشاركين في وقفة احتجاجية تجاه ما تعرض له السايح، وسط مدينة نابلس، تحولت إلى مسيرة جابت الشوارع، منددة بجريمة الاغتيال التي اقترفها الاحتلال جراء الإصرار على عدم علاجه أو الإفراج عنه رغم خطورة حالته الصحية.
وردد المشاركون الهتافات التي تنعى الشهيد وتدعو إلى التركيز على ملف الأسرى الفلسطينيين المرضى، فيما نعت مساجد مدينة نابلس الشهيد.
وأكد الناشط مازن الدنبك، لـ"العربي الجديد"، على هامش الوقفة والمسيرة، أن هذه الفعاليات المنددة بقتل الاحتلال للأسير السايح، سواء في نابلس أو رام الله، هي "أقل ما يمكن فعله والقيام به تجاه جرائم الاحتلال المستمرة بحق الحركة الأسيرة في سجونه، وتحديدا تجاه المئات من المعتقلين المرضى".
وشدد الدنبك على أن "الأسرى المرضى هم شهداء مع وقف التنفيذ"، "وما تعرض له السايح وقبله فارس بارود وأبو حمدية وغيرهم، أكبر دليل على ذلك"، مشيرا إلى ضرورة التدخل العاجل على المستويات كافة لإنقاذهم، قبل عودتهم محملين على الأكتاف.
وفي مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، خرج العشرات من الفلسطينيين، بينهم نشطاء ومسؤولون مهتمون في قضية الأسرى الفلسطينيين، ليشاركوا بوقفة غاضبة على ميدان المنارة، وسط المدينة، عقب استشهاد السايح، لتتحول تلك الوقفة إلى مسيرة جابت شوارع المدينة، وهم يحملون صور الشهيد، ويرددون بهتافات تمجده.
وهتف المشاركون: "واحنا رجالك يا بسام.. يا مزلزل جيش اليسام (وحدات اليسام الإسرائيلية المخصصة للاغتيالات)، "بالطول بالعرض أسرانا يهزوا الأرض"، "واهتف ردد علي الصوت وأسرانا بيتحدوا الموت"، و"عاجل عاجل ع الأخبار.. يا ابن السايح يا مغوار"، "يا غزة هاتي أخبار.. عن شاليط وعن هادار"، "دم الشهدا بيسأل دمي كيف رضيتوا الحل السلمي".
وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثمان الشهيد السايح، عقب الإعلان عن استشهاده، فيما أوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدري أبو بكر، في حديث لـ"العربي الجديد" أن العادة جرت على عدم تسليم الاحتلال جثامين الأسرى الذين يستشهدون داخل سجونه.
وعانى السايح من سرطاني الدم والعظام، إضافة لقصور حاد في عمل عضلة القلب، ووجود ماء في رئتيه حيث بدت عليه أعراض المرض خلال وجوده في سجون السلطة الفلسطينية عام 2009، حيث أمضى نحو 3 سنوات على فترات متفاوتة، ثم اعتقل لدى الاحتلال في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، عقب اتهامه بالمساعدة في التخطيط لعملية إطلاق نار جرت في شرق مدينة نابلس في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015، أدت لمقتل مستوطنين اثنين على يد خلية تتبع لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
وخضع السايح لتحقيق عسكري قاسٍ، ولم يصدر حكم بحقه وكان موقوفاً حتى لحظة استشهاده، ويطالب الاحتلال بسجنه مؤبدين و30 عاماً، لمشاركته في التخطيط وتمويل عملية "إيتمار"، أسوة ببقية أفراد الخلية، فيما تفاقمت حالته الصحية داخل سجون الاحتلال وبعد فترة قصيرة على اعتقاله.
ويحمل السايح شهادة البكالوريوس في الصحافة من جامعة النجاح الوطنية عام 1995، وماجستير علوم سياسية من الجامعة ذاتها عام 2003، حيث عمل مع عدد من وسائل الإعلام، وخاصة صحيفة "فلسطين" التي كانت تصدر في قطاع غزة.
من جانبها، طالبت دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، في بيان لها مساء اليوم، هيئة الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة إعدام الأسير السايح.
وقالت الدائرة: "إن المجتمع الدولي وهيئاته مطالبون بالوقوف عند المسؤوليات الموكلة إليهم، والتي تقضي بإدانة هذه الجريمة ومعاقبة المجرمين الذين تسببوا بها وبغيرها وفي مقدمتهم رئيس وزراء حكومة المستوطنين بنيامين نتنياهو والمتطرف جلعاد أردان، المسؤول عن كل الاعتداءات والانتهاكات التي تمارسها مصلحة السجون الإرهابية بحق الأسرى".
ولفتت الدائرة إلى أن "هناك مئة وستين أسيرا من بين الأسرى المرضى يعانون أمراضا مزمنة وخطرة، من بينها السرطان والقلب، يتعرضون لسياسة القتل البطيء نتيجة للإهمال الطبي وتجارب الأدوية التي تجريها مصلحة السجون الإرهابية على هؤلاء الأسرى".