هل تصعّد إسرائيل بعد انكشاف ضعفها؟

22 يوليو 2014
نجحت المقاومة بتحديد مواقع القتال (جاك غويز/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

 

تزداد الحقائق التي يحاول الاحتلال تجاهلها، عبر طرح مزيد من الشروط والإملاءات على المقاومة الفلسطينية لتجريدها من إنجازاتها في صد العدوان، وما يفضح الموقف أن تحليلات أطراف مختلفة داخل إسرائيل، تدعو إلى تقدير دقيق لقوة المقاومة بشكل جيد وعدم الاستهانة بإنجازاتها العسكرية. لكن ذلك لم يدفع القيادة الإسرائيلية إلى إعادة حساباتها، مواصلة التصعيد العسكري قبل نضوج الظروف الإقليمية للتهدئة.

وتساءل محللون عسكريون عن سبب الفشل الذريع في التعامل مع شبكة الأنفاق واستعداد إسرائيل، الإعلامي على الأقلّ، القبول باتفاق وقف إطلاق نار، استناداً لما سُمي بـ"المبادرة المصرية"، من دون حلّ "معضلة" الأنفاق، وهو ما دفع بالمحلّل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى القول إن "هذا كان الخطأ الاستراتيجي الأكبر في المعركة الحالية، فحقيقة أن الجيش الإسرائيلي أقوى من المقاومة الفلسطينية بدرجة لا يمكن حصرها، تزيد في الواقع من شدة الإحباط، ومع أن الخسائر في الطرف الإسرائيلي لا تزال قليلة، مقارنة بمعارك في مناطق مأهولة، إلا أن المقاومة نجحت في تحديد مواقع وميادين القتال في المناطق المريحة له تحت الأرض، وبين التجمّعات السكنية المدنية".

ويبدو أن مسألة كسر حماس عسكرياً وحسم المعركة ضدها في الميدان، ليس سوى تضليل للرأي العام وزرع الوهم، بحسب ما أعلن الأستاذ الجامعي، يورام كيطال، في لقاء مع القناة العاشرة، معتبراً أنه "لا يُمكن تأكيد هزيمة حماس سياسياً، فالحركة تمكنت من تحقيق إنجازات هائلة، أهمها التغيير في لهجة الخطاب الفلسطيني، لجهة الدمج بين المسار السياسي والمسار العسكري".

صعوبة القضاء على حماس تأتي أيضاً، من كون كل قائد تتم تصفيته يرثه قائد أكثر تشدداً وأكثر تصلباً، هكذا حدث بعد تصفية الشهيد، يحيى عياش، وحلّ مكانه، محمد ضيف، بحسب القائد السابق لوحدة "غولاني"، الجنرال احتياط جيورا عنبار.
واعتبر عنبار أن "أقصى ما يُمكن لإسرائيل إنجازه، هو السعي لإضعاف حماس، ومن ثم العمل على بلورة صيغة سياسية جديدة، تشمل في منظورها للحلّ ما سماه ببقايا قوة حماس، مع العناصر المعتدلة والمحور العربي المعتدل، بما في ذلك إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة".

مقابل هذه التحليلات التي تكشف تعسّر الآلة العسكرية الإسرائيلية في مواجهة قوى المقاومة في غزة، يُبدي سياسيون سابقون إصراراً شديداً على مواصلة العدوان، مقللين من قيمة التحركات الدبلوماسية الداعية إلى التهدئة.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، عمير بيرتس، صاحب مشروع "القبة الحديدية"، أنه "يجب عدم عرقلة نشاط الجيش وعملياته، أو التأثير عليها بسبب التحركات الدبلوماسية، لأن مثل هذه التحركات تنشط دائماً بعد كل جولة من المعارك الضارية". ودعا بيرتس إلى "تكثيف العمليات العسكرية ضد القطاع، حتى بموازاة الاتصالات والتحركات السياسية والدبلوماسية".

وتشير هذه التصريحات إلى أن المعركة ضد الأنفاق ستستغرق أياماً عدة، في توجّه حقيقي لتكثيف العمليات العسكرية، من دون أن يعني ذلك توسعاً في حجم التوّغل البرّي الشامل، الذي قد يُفضي إلى إعادة احتلال القطاع بشكل كلي. ما يعني أن الثنائي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، موشيه يعالون، اللذين أعربا مراراً معارضتهما شروط المقاومة الفلسطينية التي تبنتها قطر وتركيا، والتي تحفّز إنجازات المقاومة وتسعى الى ترجمتها إلى انجازات سياسية، غير معنيين بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لا يتضمن فرض إملاءات إسرائيل على المقاومة وفي مقدمها تجريد المقاومة من سلاحها.
وضمن هذا السياق، يمكن فهم الهجوم الذي شنه، أمس، وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، على قطر ودورها في دعم المقاومة الفلسطينية.

وغالباً ما تجد المواقف السياسية الداعية إلى مواصلة العدوان ورفض التهدئة، استجابة لدى بعض المحللين، وفي هذا الإطار أشار المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، الى أنه "في هذه المرحلة التي يقترب منها الجمهور الإسرائيلي والفلسطيني من مرحلة التآكل، لا يوجد أدنى سبب لانكسار الطرف الإسرائيلي، والثمن الذي يدفعه الطرف الفلسطيني يبلغ أضعافاً عده ما دفعه الجمهور الإسرائيلي".