50عاماً على اغتيال بن بركة: الاتحاد الاشتراكي ليس بخير

28 أكتوبر 2015
المطالبات بكشف ملابسة جريمة بن بركة مستمرة(مهدي فدواش/فرانس برس)
+ الخط -
تحيي أحزاب اليسار في المغرب عموماً، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بوجه خاص، الذكرى الخمسين لحادثة الاختطاف الشهيرة التي تعرض لها أحد رموز اليسار في البلاد، المهدي بن بركة، في العاصمة الفرنسية في باريس يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1965، ثم ما أعقب ذلك من اختفاء بن بركة إلى الأبد، في وقت يعيش فيه حزب الاتحاد الاشتراكي في وضع سياسي مرتبك. 

ويستحضر حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي يتواجد حالياً في صف المعارضة، ذكرى اختطاف زعيمه وأحد مؤسسيه الأوائل، والناشط الثوري الذي كان يعد حينها لعقد مؤتمر القارات الثلاث خلال يناير/كانون الثاني 1966 في لاهاي، قبل أن يتم اختطافه ويختفي في جريمة لم تتضح معالمها إلى اليوم. وتأتي الذكرى، هذا العام، بينما يشهد الحزب خلافات عميقة مزّقت البيت الداخلي، ودفعت عدداً من كوادره إلى الانشقاق عنه، وتكوين حزب جديد.

اقرأ أيضاً: اليسار المغربي من المواجهة إلى المشاركة

وفي سياق الاستعدادات لإحياء ذكرى بن بركة، تختلف التفسيرات حيال المبادرة التي أعلنها القيادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي، رئيس الوزراء السابق، عبد الرحمن اليوسفي، التي تتضمن تنظيم لقاء تلتئم فيه شخصيات عايشت بن بركة، من أجل إحياء ذكراه والاستفادة من تجاربه السياسية، ولا سيما أن اليوسفي كان قد اختار الابتعاد عن الحياة السياسية طوال السنوات الماضية. ولم يخرق اليوسفي صمته السياسي إلا قبل أشهر، وتحديداً في شهر أبريل/نيسان الماضي، عندما خصّ "العربي الجديد" بحوار قبل أن يعود مجدداً أخيراً، ويعلن عن مبادرته التي يفترض أن تجمع قيادات سابقة من حزب الاتحاد الاشتراكي، بمناسبة الذكرى الخمسين لاختفاء بن بركة.
ويعتبر بعضهم أن مبادرة اليوسفي تنطلق من سعي الأخير إلى مدّ جسور التصالح داخل الحزب اليساري، فيما يضع آخرون الخطوة في سياق إحياء اليوسفي ذكرى رفيق دربه، ومشيرين إلى أنه لا علاقة لها بما يعرفه الحزب من تصدعات.
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش، الحسين أعبوشي، أن "الاستحضار القوي والمكثف لاختطاف واغتيال المهدي بن بركة، من حزب الاتحاد الاشتراكي، إن من خلال الخطاب أو من خلال بيانات التنظيمات الشبابية للحزب، ينطوي على تفسيرات عدة ممكنة".
ويشرح أعبوشي أن "هناك حالة تراجيدية يعيشها الحزب"، ولا سيما بعد ما تعرض له في الانتخابات المحلية الأخيرة "من تراجع كبير لثقله ومكانته لدى الناخبين، جعلت الحزب ينتقل من الأحزاب المؤثرة في الحياة السياسية إلى صف الأحزاب المتوسطة". ويلفت إلى أن النتائج التي حصل عليها الحزب شكلت تجسيداً لأزمته وتراجع مكانته. كما تعد النتائج مظهراً من مظاهر أزمة أعمق، كرّستها القيادة الجديدة للحزب.
ويرى أعبوشي، أنه "على هذا الأساس، تعمل قيادة الحزب على تصريف أزمته الداخلية والتنظيمية بخطاب كان يجد صداه في أوساط كل القوى الشعبية، لم يعد يمثلها الحزب بأي شكل من الأشكال، بعد مسلسل الانقسامات والعنف السياسي الذي يمارس على من تبقى من مناضليه الصادقين ومفكريه وعقلائه وحكمائه".
وفي ما يتعلق بافتقاد هذا الحزب اليساري لزعيم على غرار بن بركة، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة مراكش إلى أن "العديد من الأحزاب المنبثقة عن الحركة الوطنية شهدت تحولاً عميقاً في العديد من المستويات، سواء على مستوى تصورها أو أيديولوجيتها أو هياكلها التنظيمية"، معتبراً أن "التحول المثير للجدل هو التحول الذي طرأ على مستوى القيادات الحزبية".

ويرى أعبوشي أنه تم الانتقال "من جيل الزعامات السياسية التي تتوفر على مشروعية سياسية ومشروعية نضالية فضلاً عن الاستقلالية في اتخاذ القرار، ومصداقية السلوك والخطاب، وتحظى باحترام وتقدير الجميع، وتمتلك القدرة على تدبير الخلافات الداخلية، إلى جيل جديد يوجد على نقيض جيل الزعامات الفعلية".
ويخلص الأستاذ الجامعي إلى اعتبار أنّ "المشهد السياسي في المغرب بات يتسم بوجود قيادات حزبية وليس زعماء سياسيين، إذ توارى الزعماء من أصحاب الشخصيات الكاريزمية، وبات أغلب القادة الحزبيون يجدون صعوبات كبيرة في إدارة خلافات أحزابهم، ولهم مواقف انفعالية ومثيرة للجدل".

اقرأ أيضاً: عبد الرحمن اليوسفي لـ"العربي الجديد": انتظرت الربيع العربي طويلاً

دلالات