تونس: شهادات أهالي الضحايا تُحيي الثورة

19 ديسمبر 2016
تحدّثت العائلات عن تفاصيل هامة (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -


أحيت الشهادات العلنية لعائلات الشهداء والجرحى، الثورة التونسية من جديد، وأعادت الاعتبار لملفات وحقائق كادت تدفن بعد أن تناساها البعض، وذلك ضمن ثاني الجلسات العلنية التي نظمتها هيئة "الحقيقة والكرامة"، أول أمس السبت، تزامناً مع إحياء ذكرى الثورة.

وأصّرت عائلات شهداء وجرحى الثورة على حضور الجلسات، لتقديم اعترافات كشفت حقائق حول قتل أبنائهم، في مدن القصرين وسيدي بوزيد وتالة، وغيرها، فيما طالب البعض الآخر بالبحث عن القتلة ومحاسبتهم.

وقال أحمد بو كدوس، شقيق الشهيد رؤوف، من الرقاب، بمحافظة سيدي بوزيد، وسط تونس، لـ"العربي الجديد": "تزامن الشهادات مع تاريخ اندلاع الثورة التونسية في 17 ديسمبر/ كانون الأول، زاد من تفاعل التونسيين، ولعب دوراً هاماً في إحياء الثورة من جديد، وإعادة المجد لملف الشهداء".

وذكّر بأنّ شقيقه رؤوف بو كدوس توفي في 9 يناير/ كانون الثاني عام 2011، وهو أول شهيد يسقط في مدينة الرقاب، لافتاً إلى أنّ شقيقه أُصيب برصاصات غادرة من قناص، خلال محاولته إنقاذ صديق له تعرّض للضرب المبرح، آسفاً لأنّ القضاء لم يظهر حقيقة قنص شقيقه.

وأشاد بو كدوس بأنّ عائلات الشهداء "تحدّثت خلال الجلسات لأول مرة عن تفاصيل هامة بكل حرية وبدون أي قيود"، مشيراً إلى أنّ "شباب مدينة الرقاب ما زالوا يعانون من التهميش، لا سيما أنّ الأهداف التي دافعوا عنها خلال الثورة لم تتحقق".

وقال طارق الدزيري، أحد جرحى الثورة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشهادات العلنية كشفت على الأقل الوجه الحقيقي لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي"، مضيفاً أنّه "من المؤلم أن يتباكى البعض على نظام بن علي أمام ما تعرّض له جرحى الثورة، وما مرت به عائلات الشهداء".

ووصف الدزيري حالته بعدما أصبح عاجزاً عن المشي، بسبب إصابته خلال الثورة، قائلاً "أنا مجرد عامل بسيط، أتحدر من أسرة متواضعة ولدي عائلة وطفل، لكنّ حياتي انقلبت رأساً على عقب يوم 12 يناير/كانون الثاني عام 2011، عندما أصبت بالرصاص".

ورغم إعاقته، فقد واكب الدزيري أغلب الجلسات العلنية، معتبراً أنّ "في لقاء نظرائه الجرحى وعائلات الشهداء مواساة من الظلم، في ظل تشارك ذات الآلام"، معرباً عن ثقته بظهور الحقيقة والعدالة مهما حصل.



وروت والدة أحد جرحى الثورة، ويدعى عبد السلام، من العاصمة تونس، لـ"العربي الجديد"، قصة إصابة ابنها خلال احتجاجات أمام مقر وزارة الداخلية التونسية في يناير/ كانون الثاني عام 2011.

وقالت إنّ "ابني كان طالباً طويل الشعر، وشارك في احتجاجات وزارة الداخلية، فصرخ عليه أحد الأمنيين، منادياً: يا صاحب الشعر الطويل غادر المكان"، وتابعت "عندما رفض ابني مفارقة أصحابه المحتجين، صوّب عليه أحد الأمنيين قنبلة يدوية من نوع كريموجان مباشرة في وجهه، فنزف حينها كثيراً ولا يزال يعاني إلى اليوم من عدة تشوهات، حالت دون إكمال دراسته".

ولفتت إلى أنّ ابنها يعاني رهاباً من عناصر الأمن، ويتذكّر حادثة ذلك اليوم بكل تفاصيلها، ولم يمر منذ ذلك الحين أمام مقر وزارة الداخلية، بسبب ما حصل.

وأعربت عن أملها في "انتصار العدالة الانتقالية وظهور الحق"، مشيرة إلى أنّ الشهادات العلنية ذكرت بالمصاب وتفاصيل الثورة التونسية "التي لن يغلق ملفها طالما لا يزال الجرح مفتوحاً"، كما قالت.



دلالات