نتنياهو وسياسة المناورة: خلق البلبلة بشأن الانتخابات المبكرة نموذجاً

14 مارس 2018
فتح نتنياهو معركته منفرداً (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
واصل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لساعات طويلة أمس الثلاثاء، التلاعب بشركائه في الائتلاف الحكومي، وزرع بلبلة حقيقية لديهم حول نيّته الحقيقية بالتوجه نحو انتخابات مبكرة، أم السعي في الدقيقة الأخيرة حتى الأحد المقبل لتقديم حل لأزمة الحكومة الائتلافية، على خلفية قانون تجنيد الحريديم، بعد التوصل إلى تسوية بين نتنياهو وأحزاب الحريديم.

وظلت حالة عدم اليقين هي السائدة بشأن التقديرات حول نية نتنياهو قبل أن يخرج مساء أمس ليعلن من منبر "الكنيست"، انتهاء الأزمة الائتلافية التي عصفت بالحكومة الإسرائيلية منذ عشرة أيام، وكادت تؤدي إلى انتخابات مبكرة، قائلاً، في كلمته أمام "الكنيست"، إن الحكومة ستعود لمزاولة عملها ومواصلة طريقها.

وانتهت الأزمة الائتلافية بعد أن تم التوصل إلى تسوية بين نتنياهو وشركائه في الحكومة، تنصّ على تمرير مشروع قانون تجنيد الحريديم بالقراءة التمهيدية أمس، مع إعطاء الكتل الائتلافية المختلفة حرية التصويت، بما يتيح لوزيرة "الهجرة والاستيعاب"، عن حزب "يسرائيل بيتينو"، بقيادة أفيغدور ليبرمان، صوفا لاندفر، التصويت ضد مقترح قانون التجنيد بالقراءة الأولى، بدون أن يقدم نتنياهو على إقالتها من الحكومة ومن ثمّ المجازفة بحلها. 

وسبق إعلان نتنياهو حل الأزمة قول مصادر في الائتلاف الحكومي، بحسب ما نقل موقع "هآرتس"، إن رئيس الوزراء وعلى الرغم من رغبته بتبكير موعد الانتخابات، إلا أنها تلمس تحولاً في موقفه في الساعات الأخيرة حول الاتجاه لحل الأزمة، خصوصاً أن وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ووزير المالية موشيه كاحلون أبلغاه بشكل حازم أنهما لن يوافقا على موعد السادس والعشرين من يونيو/حزيران لإجراء الانتخابات المبكرة.

وبدا أن نتنياهو يواجه صعوبة في ضمان أغلبية مؤيدة لهذا الموعد، وبالتالي فإنه يفضّل إبقاء الحكومة الحالية، على خوض الانتخابات في موعد متأخر يكون قريباً من تاريخ إصدار المستشار القضائي للحكومة قراره بشأن ملفات الفساد التي تلاحق رئيس الوزراء، والذي يحاول خوض الانتخابات في شهر يونيو ليعود إلى رئاسة الوزراء من موقع قوة ويستطيع أن يؤثر في قرار المستشار القضائي في الملفات المذكورة.

وشهد يوم أمس الثلاثاء جملة من التقلّبات في المشهد الحزبي في الساحة الإسرائيلية، بعد أن "ضبطت" الصحف تصويراً للوزيرة ميريت ريجف المقربة من نتنياهو، تبعث رسالة "واتساب" إلى مساعدتها البرلمانية، تطلب منها إلغاء رحلة لها في الصيف بسبب الانتخابات. وترافق ذلك مع إدارة نتنياهو ظهره لشركائه في الحكومة، ولا سيما وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، من دون أن يبذل جهداً حقيقياً لحل الأزمة الائتلافية.



من جهته، ظهر ليبرمان بموقع الرافض للتسوية لحل الأزمة الائتلافية، وإعلانه المتكرر أن حزبه لن يصوت إلى جانب قانون تجنيد الحريديم، وأنه في حال كان نتنياهو يريد الإبقاء على الحكومة، عليه ألا يقوم بفصل الوزيرة صوفا لاندفر عند تصويتها ضد القانون الذي توصّل إليه رئيس الوزراء مع الحريديم. موقف ليبرمان هذا، عزز الاعتقاد لدى قادة الائتلاف الحكومي بأن هناك تنسيقاً رفيع المستوى بين نتنياهو وليبرمان، على الرغم من أن رئيس الوزراء ادعى خلال خطاب له أخيراً أنه لا يزال هناك مجال للإبقاء على الحكومة الحالية وأنه سيبذل جهداً لذلك.

وشهد يوم أمس مزيداً من مناورات نتنياهو، الذي أرجأ لعدة ساعات جلسة لجنة التشريع الوزارية التي كان يفترض فيها البت في اعتراض حزب ليبرمان على مقترح التسوية بشأن قانون تجنيد الحريديم. لكن المناورة الحقيقية بحسب الاعتقاد السائد في أوساط الحكومة والمعارضة في إسرائيل، هي أن نتنياهو يسعى من وراء كل هذه المناورات وزرع البلبلة حتى في صفوف الائتلاف الحكومي، لإبعاد كل شبهة عن رغبته وسعيه لحل الحكومة الحالية والذهاب إلى الانتخابات فقط بسبب التحقيقات التي تلاحقه.

ويواجه نتنياهو في الوقت الراهن معارضة شديدة من أحزاب "كولانو" و"البيت اليهودي" و"شاس"، لإقرار تاريخ السادس والعشرين من يونيو/حزيران موعداً للانتخابات. وتخشى هذه الأحزاب من تراجع تأييدها البرلماني في حال جرت الانتخابات وتمحورت حول تجديد الثقة بنتنياهو وجعل شخصه محوراً لانتخابات يُتوقع أن تكون ساخنة. ويستمد نتنياهو الثقة من نتائج استطلاعين نُشرت نتائجهما أمس، وأظهرا أن حزب "الليكود" بقيادة نتنياهو سيحصل في الانتخابات في حال جرى تبكيرها على أكبر عدد من المقاعد، بين 20 مقعداً و30 مقعداً، مقابل تراجع تأييد باقي الأحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة.