الشهيد عمر النايف... 26 عاماً من مراوغة الاحتلال

27 فبراير 2016
استشهد عمر النايف داخل السفارة الفلسطينية ببلغاريا (فيسبوك)
+ الخط -
بعد 26 عاماً من هروبه من الأراضي الفلسطينية المحتلة والتخفي بعيداً عن أعين الاحتلال، استُشهد الأسير الفلسطيني السابق عمر النايف، أمس الجمعة، على يد جهاز الموساد الإسرائيلي، كما تشير الدلائل الأولية، داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا. حتى الآن لا تعرف العائلة سوى تفاصيل قليلة عن اغتيال أحد أبرز قيادات "الجبهة الشعبية" الميدانيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ثمانينيات القرن الماضي.

حصلت زوجة النايف على تلك التفاصيل القليلة، من خلال بعض موظفي السفارة الذين نقلوها للعائلة في مدينة جنين شمال الضفة الغربية. تفيد المعلومات بأن "موظفي السفارة وجدوا عمر في حديقة السفارة، ينزف من وجهه والجزء العلوي من جسده، قبل أن يفارق الحياة قبل نقله بسيارة الإسعاف إلى المستشفى".

يقول شقيقه ورفيقه في الأسر حمزة النايف، الذي يقيم في الأردن حالياً، إنه "حتى الآن لم يتواصل معنا أحد من الخارجية الفلسطينية أو الرئاسة، ونحصل على المعلومات من زوجته ومعارفنا المتضامنين مع قضية عمر في بلغاريا".

يتابع في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "المعطيات الأكيدة التي وصلتنا حتى الآن، هو أن السفارة لم يتم اقتحامها بالقوة، وليس هناك أثر لتكسير أو اقتحام أبواب، بل إن الأشخاص الذين دخلوا لتنفيذ اغتيال عمر فعلوا ذلك من دون عناء الدخول لمكان مثل السفارة، من المفترض أن يكون محمياً، ويملك طاقماً أمنياً وكاميرات تعمل على مدار 24 ساعة".

اقرأ أيضاً: مسيرة فلسطينية للتنديد باغتيال الأسير عمر النايف

يضيف حمزة النايف أنه "تمّ تبليغنا الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس الجمعة، بأن أشخاص دخلوا السفارة دون كسر الأبواب وبدأ عراك بينهم وبين عمر انتهى بإصابة عمر بشكل حرج". يكشف أنه "لم يكن هناك أمن على أبواب السفارة أو في محيطها". ويشير إلى أنه كان يتواصل مع شقيقه بصورة شبه يومية، ويكشف أن "آخر اتصال هاتفي تمّ بينهما كان حوالي الحادية عشرة من مساء الخميس". ينوّه إلى أن "عمر كان متروكاً لوحده في السفارة، من دون أمن أو حماية".

يذكر حمزة النايف أن "عمر كان مصرّاً على وجوده في السفارة بهدف حمايته، رغم الضغوط الكبيرة التي تعرّض لها من قبل السفير الفلسطيني وطاقم الأمن في السفارة، الذين كانوا يضغطون باتجاه خروجه من السفارة بأي ثمن".

يقيم حمزة في الأردن بعد الإفراج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي أنجزتها حركة "حماس" في أكتوبر/تشرين الأول 2011، إذ كان محكوماً بالسجن المؤبد هو وشقيقه عمر، ورفيق آخر لهما، وهو سامر المحروم، بتهمة "قتل مستوطن في القدس المحتلة". كما تمكن حمزة من رؤية شقيقه عمر العام الماضي بعد أكثر من 25 عاماً، بعد زيارته في بلغاريا.

وحول قصة هرب عمر يقول حمزة: "بعد اعتقالنا بأربع سنوات، كان واضحاً أن حقد الصهاينة علينا وعلى عمر تحديداً، ليس له حدود، إذ تعرّض عمر لاعتداءات متكررة من مدير سجن الجنيد في حينه، وتم نقله إلى أكثر من سجن من قبل ضباط حاقدين، ووُضع في السجن الانفرادي لفترات طويلة، ما جعله يضرب عن الطعام".

عام 1990 قام عمر النايف بحبك خطة محكمة، تظاهر فيها أن تعذيبه وعزله الانفرادي أدى لإصابته بمرض نفسي، واقتنعت إدارة السجن "أن حالته ميؤوس منها"، ويكشف حمزة بأن "الأمر كان من تدبير عمر في ذلك الوقت حتى يستطيع الهرب". يتابع: "تم نقله عام 1990 إلى مستشفى الأمراض النفسية في مدينة بيت لحم، ومن هناك تمكن من الهرب خارج المستشفى، ومن ثم إلى الأردن، وعدة دول عربية وأوروبية قبل أن يستقر في بلغاريا، في محاولة لأن يحيا حياة طبيعية، بعيداً عن ملاحقة الاحتلال".

يقول حمزة إن "مسؤول الأمن في السفارة والسفير الفلسطيني هما من يتحمل المسؤولية عن مضايقات عمر، كانا يضايقانه بشكل مباشر وعبر آخرين، لإرغامه على ترك السفارة التي لجأ إليها منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي". يردف أن "المحامين مُنعوا من الدخول للسفارة".

تقول عائلة النايف إنها تملك الكثير من التفاصيل التي تعكس معاناة ابنها داخل السفارة الفلسطينية في بلغاريا، حيث كانت تتم معاملة عمر بطريقة مهينة، ورفضوا توفير سرير أو فراش على الأرض له، حيث كان ينام منذ لجوءه للسفارة على أريكة في السفارة، على حد قولها. وفقاً لحمزة فقد "قام السفير الفلسطيني في بلغاريا أحمد المذبوح بطرد عمر أكثر من مرة، بحجة أن هناك ضيوفا يحضرون للسفارة". وينوهّ إلى أنه "قبل أسابيع أعطى السفير تعليماته بألّا يخرج عمر إلى الحديقة، وأن تقتصر زيارة زوجته على مرتين أسبوعياً، مع رفضه التصريح للإعلام بأن عمر موجود في السفارة، لكن زوجته أصرت أنه لاجئ في السفارة حتى تتحمل مسؤولية حمايته".

اقرأ أيضاً: اغتيال النايف بالسفارة الفلسطينية في بلغاريا.. والموساد المتهم الأول 
المساهمون