حملة مصرية لتوظيف تهجير أقباط سيناء في دعم النظام

02 مارس 2017
أعدت السلطات المصرية مذكرة بنزوح الأقباط (فايد الجزيري/Getty)
+ الخط -

تكشف مصادر دبلوماسية مصرية أن عدداً من مساعدي وزير الخارجية، سامح شكري، أعدوا مذكرة، بناء على تعليماته، بتفاصيل عملية النزوح الجماعي للأقباط من العريش إلى الإسماعيلية وأماكن أخرى، بسبب إقدام تنظيم "ولاية سيناء" على تنفيذ عمليات تصفية لمواطنين أقباط، بغرض توظيف الاعتداءات في حملة القاهرة لحشد أوسع دعم غربي، اقتصادي وعسكري، للنظام المصري.

وتضيف المصادر إن "المذكرة جاءت في صورة ملف توثيقي لجرائم تنظيم ولاية سيناء المسلح، الذي أعلن مبايعته لتنظيم داعش، ضد الأقباط، سواء في سيناء أو القاهرة، بالإضافة إلى بعض الأدبيات التكفيرية التي تنتهج قاعدة الولاء والبراء لتبرير استهداف الأقباط، وأن المذكرة أرسلت بشكل شخصي إلى شكري لدى وجوده في فيينا. كما أرسلت نسخة منها إلى الرئاسة المصرية لتسليمها إلى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل خلال لقائها مع (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي".

وتؤكد المصادر أن الهدف الرئيس من إعداد هذا الملف إظهار مصر في صورة الدولة التي تعاني من خطر إرهابي مقيم، يوازي ما تواجهه دول أخرى في المنطقة، إلاّ أنها، في الوقت ذاته، تتكفل بمحاربة هذا الإرهاب منذ شهور طويلة من دون مساعدة عسكرية دولية، وهو ما يصب في تسويق الخطاب الذي انتهجه السيسي منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، ومفاده أن مصر تحملت الإرهاب بمفردها لأكثر من 40 شهراً، من دون مساعدة غربية صريحة. وتوضح المصادر أن الملف يستهدف أيضاً إقناع المستشارة الألمانية أن مصر ليست مستعدة لمناقشة أي خطة يترتب عليها تحميلها بعض المسؤوليات الألمانية القائمة تجاه اللاجئين السوريين، وأن الدولة المصرية تكتفي بما تؤويه فعلياً من اللاجئين، وأنها تؤدي دورها الحتمي في "الحرب العالمية على الإرهاب" بمواجهة تنظيم "ولاية سيناء"، وأنها تستحق بذلك دعماً أوروبياً وألمانياً، مالياً واستثمارياً، غير مشروط، بتحملها مسؤوليات جديدة بشأن اللاجئين. وكانت وثيقة مسربة من محادثات ألمانية فرنسية -أكدها مسؤولون ألمان خلال الشهر الماضي- اقترحت تحميل جزء من المسؤوليات الأوروبية حيال اللاجئين السوريين لدول شرق أوسطية آمنة، ذات حكومات قوية، مقابل دعم مالي.


وتقول المصادر المصرية إن وزارة الخارجية الألمانية أبلغت السفارة المصرية في برلين أن مصر وتونس من الدول المرشحة للانخراط في هذا الاتفاق، مقابل دعم مالي ولوجيستي وتسهيلات استثمارية. غير أن الخطة تصطدم بعائقين، الأول هو أن السيسي نفسه متحفظ على هذا الأمر، نتيجة اعتقاده أن نظامه يستحق الدعم، بغض النظر عن استضافة المزيد من اللاجئين السوريين، والثاني أن دوائر سياسية وحقوقية ألمانية لا تعتبر نظام السيسي مؤهلاً للمشاركة في مثل هذه الخطط، لسوء أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وعدم تعاونه مع ألمانيا على المستوى التنموي والحقوقي. ويحاول السيسي، من خلال الترويج الدولي لملف نزوح الأقباط، أن يبرهن على صدق رؤيته عن خطورة الوضع الأمني الذي تشهده سيناء ويتحمله الجيش المصري.

أما الطرف الآخر المستهدف بهذا الملف فهو الإدارة الأميركية قبيل زيارة السيسي المرتقبة لواشنطن. فبحسب المصادر يضع السيسي على رأس أولوياته الحصول على المزيد من المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأميركية، وهو يؤمن بأنه لن يتمكن من ذلك إلاّ عبر إقناع ترامب بخطورة ما يواجهه نظامه في سيناء، وفي الوقت ذاته ضرورة دعم تحركات الجيش المصري قرب الحدود مع إسرائيل، ودعم التواصل العسكري والاستخباراتي بين القاهرة وتل أبيب كضامن لمنع تحول شمال شرق سيناء إلى الموصل أو الرقة. وتكشف المصادر الدبلوماسية أيضاً أن الخارجية المصرية اتفقت مع شركة دعاية أميركية كبرى، وعدد من الصحافيين في بعض المجلات الأميركية الواسعة الانتشار، على تدشين حملة إعلامية وإعلانية تبرز ما تصفه بـ"دور مصر في الحرب الدولية على الإرهاب"، وتحاول الضغط على دوائر صنع القرار الأميركي لتقديم يد المساعدة الاقتصادية والعسكرية لمصر. وتشير المصادر إلى أن لقاء سامح شكري في واشنطن أخيراً بممثلي عدد من المنظمات اليهودية كان جزءاً من حملة الضغط المذكورة، وأن الحملة سترتكز في جزء منها على ملف توثيق استهداف الأقباط، وسيتم تقديمه رسمياً إلى الإدارة الأميركية خلال الاجتماعات التحضيرية لقمة السيسي وترامب.