انضم نادي القضاة في الجزائر إلى كتلة القوى السياسية والمدنية التي أبدت اعتراضات وتحفظات بخصوص جزء من قانون العقوبات الجديد في شقه المتعلق بتهم "المساس الوحدة الوطنية والنظام العام والأمن العام"، من دون تحديدها، وسط مخاوف من استخدامها من قبل السلطة والأجهزة الأمنية ضد المعارضين.
ونشر رئيس نادي القضاة، القاضي سعد الدين مرزوق، تقدير موقف تضمن تحفظات على قانون العقوبات الجديد، معتبرا أن توقيت طرح هذه التعديلات غير مناسب، قائلا: "نتفق مع القائلين بسوء اختيار التوقيت لعرض مشروع القانون على البرلمان في ظرف الجائحة الوبائية، ولأهَمية الأحكام الواردة به كان الأجدى، حسب رأينا، انتظار العودة الطبيعية للحياة العامة حتى يتسنى للجميع من قانونيين وخبراء إعطاء رأيهم".
وأشار القاضي إلى ما وصفها "بكثير من السلبيات تكرس ثقافة إحكام القبضة الأمنية في المجتمع، وتبني أسلوب الردع القضائي بمواد مرنة مطاطة التفسير في مسائل تتعلق بحرية التعبير والحق في النقد والاختلاف المعقول، مهددة الأمن القانوني للمواطن ومخضعة السلطة القضائية لتقديرات الأجهزة الأمنية في المتابعات"، برغم إقراره بوجود "بعض الإيجابيات" التي تضمنتها التعديلات، كتجريم المس بنزاهة الامتحانات والمسابقات، وتجريم التزوير للحصول على الإعانات العمومية.
واعتبر القاضي سعد الدين أن "هذا النص قد يحمل مخاطر مهددة لحرية التعبير، وفيه سلبيات غرضها شعبوي أكثر من كونها تجريما فعليا؛ ففي موضوع تجريم أفعال الإهانة والتعدي على الإمام: لماذا تخصيص الإمام بحماية ونص تجريمي خاص مع أنه موظف ومحمي بالقواعد العامة المذكورة في قانون العقوبات، مثله مثل باقي الموظفين، مع أن الأئمة ليسوا أكثر عرضة للإهانات أو التعدي من رجال الأمن والأطباء والمحضرين القضائيين والقضاة والأساتذة"، مشيرا إلى أنه "ومع إدانة الخطابات التكفيرية المتشددة فإن هناك تخوفا في هذه المسألة من أن يكون الاختلاف في المجال الديني من مذاهب وآراء واجتهاد مدعاة للمتابعات القضائية للذين يخالفون الخطاب الرسمي المجسد في شخص الإمام الموظف، وهذا حسب تقديرنا ملحق لضرر ومقيد لحرية الاختلاف التي سماها فقهنا باختلاف التنوع".
وكان البرلمان الجزائري بغرفيته قد صادق في ظرف 24 ساعة على تعديلات في قانون العقوبات تخص جرائم المساس بالنظام والأمن العامين وأمن الدولة والوحدة الوطنية، وكذا تلقي أموال أو هبات من الخارج بغرض استخدامها في المس بأمن الدولة والوحدة الوطنية، وترويج الأنباء الكاذبة، وتعريض حياة الغير أو سلامته الجسدية للخطر. واعترضت عدة أحزاب سياسية وهيئات حقوقية وناشطون على التعديلات، بسبب المضامين الفضفاضة التي أدرجت بشكل قد يتيح للأجهزة الأمنية سلطة تقدير استخدامها ضد المعارضة والناشطين.