"الزحف الأخضر" في السودان.. لحظات المواجهة وتحذير من أجندة خارجية

15 يناير 2020
أنصار البشير يتعمدون التشويش (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -
في الرابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، دشن أنصار الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، أول موكب ضد النظام الجديد، ليدفعهم نجاحه النسبي إلى تكراره السبت الماضي بمدينة ود مدني، وسط السودان، مع العمل على نقله إلى مدن سودانية أخرى خلال الفترة الماضية.

واختار الإسلاميون "الزحف الأخضر" كمسمى لحراكهم ضد الحكومة، وبات ملحوظاً في هتافاتهم وخطبهم خلال مواكب "الزحف" التركيز على الهجوم على الشق المدني في الحكومة وتحديداً رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بينما تحاشوا على سبيل حفظ الود، الهجوم على المكون العسكري.

وسار أول موكب يوم 14 ديسمبر الماضي كما ينبغي دون أي تفلت أمني، ونفذ أنصار البشير وقفتهم الاحتجاجية بالقرب من القصر الرئاسي بالخرطوم وانتهت بسلام، لكن موكب مدينة ود مدني، السبت الماضي، حدثت فيه اشتباكات مباشرة بينهم وبين أنصار الثورة انتهت بإصابات بعضها خطيرة من الطرفين. واتهموا فيها باستخدام الرصاص الحي تجاه خصومهم، ثم أعلنوا عن موكب جديد باسم "الزحف الأخضر" بمدينة الفولة بولاية غرب كردفان يوم الثامن عشر من الشهر الجاري، على أن يليه موكب جديد في الخرطوم في الـ26 من الشهر نفسه.

بيد أن التطور المزعج بالنسبة لهم، هو حديث نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو "حميدتي" أثناء تعليقه على أحداث تمرد جهاز المخابرات الوطني أمس الثلاثاء بالخرطوم، حيث ربط دقلو بين تحركات أنصار النظام السابق وتنظيمهم لـ"الزحف الأخضر"، وبين التمرد نفسه واعتبر الأمر مؤامرة تحاك ضد الثورة السودانية وهدفها إرباك المشهد السياسي بكلياته.

وعن ذلك يقول الصحافي صلاح مصطفى، إن نائب رئيس مجلس السيادة يبدو أنه يستند إلى معلومات عن مخططات شاملة لإفشال الفترة الانتقالية ويدرك تماماً ما يدور في الخفاء سيما في الربط ما بين تمرد هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن و"الزحف الأخضر".

وأضاف مصطفى "حسب تقديري ليس مجرد محاولة من أنصار النظام البائد للتعبير عن أنفسهم بطريقة سلمية، بل يتعدى ذلك لخلق حالة من الفوضى والاصطدام المباشر مع المواطنين الرافضين لوجود الحزب ونشاطاته بعد حله بموجب قانون إزالة التمكين"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "النظام السابق لن يهدأ له بال إلا بعد إحداث شرخ بين الجماهير والثورة واستغلال الوضع الاقتصادي وتذمر المواطنين بسببه لتخريب كل الفترة الانتقالية".

وتوقع أن "تتصدى السلطات في المرات القادمة لأي مواكب باسم الزحف الأخضر أو على الأقل حرمانها من التسهيلات التي وجدتها كما حدث في ود مدني".

لكن الشيخ النذير الشيخ الطيب، عضو القطاع السياسي لحزب "المؤتمر الوطني"، حزب البشير المنحل، أكد القدرة على الاستمرار في مواكب "الزحف الأخضر" لأنه، حسبه، "حق طبيعي للمواطنين للتعبير عن أنفسهم".

واستنكر الطيب في حديث لـ"العربي الجديد" ما جاء على لسان نائب رئيس مجلس السيادة من اتهامات في حق "الزحف الأخضر"، مبينا أنها "اتهامات عارية من الصحة وذكر أن موقف نائب رئيس المجلس يعبر عن انحياز لموقف تحالف الحرية والتغيير في إطار صراعها مع كل الإسلاميين".

وقال إنه "كان من الواجب على محمد حمدان دقلو الابتعاد عن ذلك الصراع والبقاء بحكم وضعيته في مسافة واحدة من الطرفين، دون اتخاذ موقف تحريضي ضد طرف من الأطراف"، مشيراً إلى أن "السلطة الجديدة سبق أن تعهدت بإتاحة الحريات العامة بما في ذلك حق التعبير للجميع".

وحول حقيقة وجود أجندة لجهات خارجية هدفها إقصاء الإسلاميين تماما عن المشهد، أوضح الطيب أنه "ليس له أدلة وقرائن على ذلك رغم ترديد هذا الزعم من كثيرين" مؤكداً أن "السياسة الحالية يعوزها الحكمة والمنطق السليم".

المساهمون