وفي أول تعليق له على الأحداث الجارية التي تشهدها إيران عقب اندلاع مظاهرات فيها، احتجاجا على رفع أسعار البنزين، أكد روحاني أن السلطات الإيرانية لم يكن أمامها سوى ذلك الخيار.
واعتبر روحاني في تصريحات، خلال جلسة حكومته، أوردها موقع الرئاسة الإيرانية، أن "الاحتجاج حق مكفول للشعب لكنه يجب فصله عن أعمال الشغب"، مشددا على أن بلاده "لن تسمح بإحداث الإضطراب الأمني في المجتمع".
وأعلن أنه أعطى تعليماته لمنظمة التخطيط والموازنة للبدء بدفع مساعدات مالية معيشية اعتبارا من غد الاثنين، في محاولة لاحتواء الاحتجاجات، حيث كان من المقرر، بحسب تصريحات سابقة له، أن يبدأ دفع هذه المساعات بعد أسبوعين.
وأضاف روحاني أن حكومته كانت تعتزم تقديم مساعدات مالية للأسر متوسطة الدخل ومحدودة الدخل في ظروف العقوبات الاقتصادية، في إطار مشروع "الحماية المعيشية"، مشيرا إلى أنه "لتحقيق هذا الهدف، لم يكن أمامنا سوى ثلاثة خيارات، إما زيادة الضرائب.. أو زيادة تصدير النفط... أو زيادة أسعار البنزين فاخترنا الخيار الثالث".
وعزا روحاني اختيار هذا الخيار إلى مشاكل تواجهها بلاده في تصدير النفط، وكذلك عدم قدرة المواطنين على تحمل المزيد من الضرائب بسبب الظروف الاقتصادية الراهنة.
وأكد أن حكومته تبحث منذ أشهر عن الطريقة المناسبة "لمنح مساعدات للشرائح الضعيفة إلى أن تحدث انفراجات في وضع البلاد الاقتصادي"، مشيرا إلى "أننا في هذه الحكومة زدنا إنتاج البنزين من 56 مليون ليتر يوميا عام 2013 (بعد استلام الرئاسة)، إلى 107 ملايين ليتر يوميا هذا العام، وحققنا اكتفاء ذاتيا في البنزين".
ولفت روحاني إلى ارتفاع استهلاك البنزين في إيران، قائلا إن "هذا الاستهلاك زاد خلال العام الماضي وهذا العام بنسبة 9.7 في المائة"، مع الإشارة إلى أن "استهلاك البلاد اليومي وصل هذا العام إلى 97 مليون ليتر، وفي حال استمرار هذا الوضع سنكون مضطرين بعام 2021 إلى استيراد البنزين".
وأضاف روحاني أن المساعدات المالية النقدية ستدفع لـ18 مليون أسرة إيرانية، تشمل 60 مليون شخص، قائلا إن عمليات الدفع ستبدأ اعتبارا من مساء غد الاثنين لـ20 مليون شخص، على أن يبدأ الدفع لـ20 مليون آخرين مع نهاية الأسبوع، ليدفع للـ20 مليون الأخيرين مع بداية الأسبوع المقبل.
وقال إن الأسرة المكونة من شخص واحد ستتلقى شهريا مبلغا قدره 55 ألف تومان (سعر صرف كل دولار=11500 تومان)، وسيزداد الملبغ مع عدد أفراد الأسرة ليصل إلى 205 آلاف تومان لأسرة مكونة من 5 أشخاص فصاعدا، علما بأنه إلى جانب هذا المبلغ الشهري، يتلقى كل مواطن إيراني مبلغا شهريا آخر، منذ عشر سنوات تقريبا، قدره 45 ألف تومان.
وحاول روحاني إزالة مخاوف المواطنين الإيرانيين من أمرين، الأول التأكيد أن الحكومة ستدفع كل عوائد ارتفاع أسعار البنزين للمواطنين الإيرانيين، معلنا أن ذلك "لن يكون أمرا مؤقتا لأشهر محدودة"، مؤكدا أن حكومته ستواصل ذلك حتى نهاية عمرها بعد عامين، والأمر الثاني هو عدم السماح بارتفاع أسعار السلع الأخرى نتيجة زيادة أسعار البنزين، وهو ما يقلق الإيرانيين، على خلفية تجارب سابقة.
وأشار روحاني إلى أن مشروع ترشيد استهلاك البنزين "مشروع وطني" وأنه ليس قرار الحكومة بل قرار الدولة بأكملها من خلال المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي، معتبرا أنه "من الطبيعي أن يواجه المشروع اعتراضا من قبل البعض وألا يقبل به جميع أبناء الشعب".
مساع لاستجواب روحاني
في الأثناء، أفادت وكالة "إيلنا" العمالية أن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية النائب المحافظ مجتبى ذو النور يعمل على جمع تواقيع بين المشرعين الإيرانيين لاستجواب الرئيس الإيراني، حسن روحاني.
وذكرت الوكالة أن عدد التواقيع وصل إلى 50 توقيعا، مشيرة إلى أن محاور الاستجواب هي إدلاء الرئيس الإيراني بتصريحات "تبث الفرقة" في المجتمع، و"تنفيذ سياسات اقتصادية متكررة"، و"عدم الأهلية في إدارة الشؤون التنفيذية للبلاد".
كما أفادت "إيلنا" بأن عددا آخر من النواب أرسلوا رسالة إلى لجنة القانون الداخلي بالبرلمان، مطالبين باستجواب رئيسه علي لاريجاني، احتجاجا على موافقته على مشروع زيادة أسعار البنزين من دون علم البرلمانيين.
إلى ذلك، ذكرت وكالة "إيسنا" الإيرانية أن النائب عن مدينة بوكان الكردية في محافظة آذربايجان الغربية محمد قسيم عثماني تقدم باستقالته لرئاسة البرلمان، احتجاجا على عدم إطلاع المشرعين على خطة زيادة أسعار البنزين، وسط أنباء عن اعتزام النائب الإصلاحي عن طهران محمود صادقي تقديم الاستقالة للسبب نفسه.
كما أن كتلة الأمل الإصلاحية سحبت اليوم مشروعها المقدم إلى البرلمان لإلغاء قرار زيادة أسعار البنزين، بعد تصريحات خامنئي الداعمة للقرار.
وجاء ذلك في تصريحات للمتحدثة باسم الكتلة فاطمة سعيدي، قائلة إن الإصلاحيين طالبوا هيئة رئاسة البرلمان بعقد جلسة بحضور رؤساء السلطات الثلاث، لمناقشة مشروع زيادة أسعار البنزين ورفع خلله.
تصاعد التهديدات واعتقال ألف متظاهر
من جهة أخرى، صعدت السلطات من تهديداتها ضد المتظاهرين، مشددة على مواجهة من وصفتهم بـ"المخربين" و"المتآمرين"، كما اعتقلت ألف متظاهر.
وأضافت الوزارة أن "الأعداء الذين يراهنون على هذه الاضطرابات لن يحققوا أي مكسب"، مؤكدة أنها "تعتبر استتباب الأمن والهدوء واجبها الوطني والديني".
وذكرت الوكالة أن عددا كبيرا من المحتجين كانوا فقط في نقاط التجمعات من دون التعاون مع من وصفهم بـ"نواة أعمال الشغب"، مضيفة أن أجهزة الأمن "أرسلت لهم رسائل نصية تحذيرية".
وأضاف التقرير أن من بين 1080 مدينة وقضاء في إيران "وقعت احتجاجات صغيرة وكبيرة في 100 نقطة بالبلاد"، مشيرا إلى أن أعداد المشاركين فيها تراوحت بين "50 إلى 1500 شخص".
من جهتها، أفادت قناة "بي بي سي" البريطانية (الناقطة بالفارسية) بأن عدد قتلى الاحتجاجات وصل إلى 12 شخصا، بينما لم تؤكد السلطات الإيرانية بعد إلا مقتل شخصين، كما أن التقرير الذي نشرته وكالة "فارس" اليوم الأحد، أشار إلى مقتل عدد من قوات الشرطة والباسيج في هجمات مسلحة على منشآت نفطية ومقرات أمنية وعسكرية.
وأوضحت وكالة "فارس" في تقريرها أنه "لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد القتلى (من قوات الأمن والشرطة والعسكريين) لكن معظمهم سقطوا أثناء التصدي للهجمات على مستودعات النفط ونزع سلاح المواقع العسكرية".
وفي ما يتعلق بالخسائر المادية، أشارت أن محافظات خوزستان وطهران الكبيرة وفارس وكرمان شهدت عمليات تخريب واسعة للممتلكات العامة، لافتة إلى أنه "في محافظة واحدة فقط تعرض أكثر من 100 مصرف و57 متجرا كبيرا لإحراق ونهب".
قطع الإنترنت
إلى ذلك، يواجه الإيرانيون، منذ مساء أمس السبت، صعوبة كبيرة في الوصول إلى الإنترنت في أنحاء البلاد. وكشف مسؤول مطلع"، اليوم الأحد لوكالة "إيسنا" الإيرانية، أن السبب يعود إلى قرار للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.
ومنذ مساء أمس، أصبح من غير الممكن لمستخدمي الإنترنت فتح الإيميلات والمواقع الأجنبية وشبكات التواصل الاجتماعي من داخل إيران، إلا أن المواقع الداخلية متوفرة.
ونقلت "إيسنا" عن "المسؤول المطلع" في وزارة الاتصالات الإيرانية، إنه بناء على تعليمات مجلس الأمن القومي لشركات الإنترنت "فرضت قيودا على الإنترنت منذ ليلة أمس لمدة 24 ساعة".
وأضاف المصدر أن وزارة الاتصالات تجري "متابعات مكثفة مع أمانة سر مجلس الأمن القومي لإعادة خدمة الاتصالات مجددا وإبلاغ شركات الإنترنت بذلك".