تفريخ الفيروس الصحي لفيروس مالي – اقتصادي، ضاعف الاستعصاء الذي بات يهدد بالأدهى. كما كشف عن عواقب الاستخفاف بالأزمة الأم والقصور في التحوط المبكر لتطويقها ومحاصرة تفشيها. فحتى الآن لم تتوفر بعد اللوازم الكافية للقيام بالفحص الجماعي لاستبيان عدد المصابين وحصرهم في دائرة وقائية تكفل ضبط الانتشار الذي شمل حتى اللحظة 34 ولاية وهو في طريقه "لا محالة" إلى المتبقي منها.
وفيما تتحدث الأرقام الرسمية عن 700 مصاب، يقول حاكم ولاية واشنطن (غير العاصمة) إن العدد في ولايته لوحدها قد يتجاوز الألف لو جرت فحوصات عامة لسكانها. وقد ينطبق ذلك على ولايات أخرى.
يعزز هذا الاعتقاد أن الموجة أدت إلى تعطيل الحركة في مجالات وأنشطة عديدة، رياضية وسياحية وخدماتية، مع الحديث عن إقفال محتمل للمدارس وربما الجامعات إذا تواصل تمدد الوباء. وقد وصلت الشظايا إلى الكونغرس حيث يعتكف عدد من الشيوخ والنواب في بيوتهم، بعد أن حامت الظنون حول التقاطهم للفيروس في مؤتمر شاركوا فيه قبل عدة أيام وتبين أنهم احتكوا ببعض الحضور الذين كانوا مصابين.
وسرت مساء أمس إشاعة بأن الرئيس دونالد ترامب قد يكون تعرض هو الآخر للعدوى بعد أن كان قد التقى بهؤلاء النواب في وقت لاحق. وعلى الأثر أصدر البيت الأبيض بياناً بعد العاشرة ليلاً يفيد بأن الرئيس "لم يخضع لفحص الكورونا" وأن لقاءه معهم كان عابراً وهو "بصحة جيدة". الواضح وفق الخبراء والمرجعيات الطبية، أن الإدارة تلكأت من الأساس في الاستعداد بالحد الأدنى لمواجهة الأزمة. تحدثت عن " احتواء" الوباء بلسان اثنين من مستشاري الرئيس، في حين كان الوباء يتمدد. غلّبت عامل التطمين ولو الهش على ضرورة المصارحة. وعندما استفحلت المشكلة وتعذرت تغطيتها، ازداد تخبطها. خاصة وأن التشخيصات الطبية كانت تتعارض مع محاولات التقليل من خطورة الوضع.
وتعزز الانكشاف بعد مجزرة بورصة الأسهم التي تعدت خسائرها الألفي نقطة. رقم تاريخي مفتوح على المزيد من النزف طالما بقي الوباء يهدد بتعطيل عمليات الإنتاج وتوزيع البضائع التي بدأت تتناقص في الأسواق.
وقد صار مشهد الرفوف الفارغة من بعض السلع في محلات التسوق، مألوفاً في الأيام الأخيرة بعد أن كثر الطلب عليها خوفاً من نفادها واحتمال تعثر إمدادات السوق في الأيام أو الأسابيع القادمة. وفي هذا الصدد ثمة من لا يستبعد استمرار الحال بدرجة او بأخرى لعدة أشهر إذا بقي الفيروس يتجول ويقوى على الإفلات من المحاصرة في غياب اللقاح غير المنتظر توفره قبل بداية العام القادم وأكثر حسب د. أنطوني فاوشي مدير مؤسسة الأمراض المُعدية.
ستة أشهر من هذا النوع تكفي لوقوع الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، وفق مقاييس خبراء الاقتصاد. يعني قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية. والرئيس ترامب الذي يدرك خطورة مثل هذا الاحتمال، سارع الإثنين إلى التلويح بمشروع قانون لخفض ضريبة الدخل، علّ ذلك يوفر للناخب ترضية تثنيه عن التصويت لخصم الرئيس. فالمسألة بالنهاية سياسية – انتخابية.
وغداً تجري انتخابات التصفية الحزبية الديمقراطية في 6 ولايات، ترجح فيها كفة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بقوة حسب 2 من آخر الاستطلاعات. الأمر الذي من شأنه إرباك حملة الرئيس الذي يبدو أن بايدن يشكل بالنسبة إليه خصماً أقوى من بيرني ساندرز.
ووسط هذه التحديات جاء انهيار أسعار النفط التي هبطت في وقت ما خلال تعاملات الإثنين إلى دون 30 دولارا، لتزيد متاعب الرئيس ترامب تجاه صناعة النفط الأميركية في الجنوب المحسوب في خندقه. فالمعروف أن غزارة إنتاج النفط الصخري الأميركي الذي دخل قسم منه سوق التصدير، ترتبط بأسعار لا تقل عن 40 دولارا وما فوق للبرميل بسبب ارتفاع كلفة إنتاجها، لتقوى على المنافسة.
الهبوط الراهن إذا تواصل بسبب حرب الأسعار التي أعلنتها السعودية، يؤثر على إنتاجه وبالتالي على رصيد الرئيس في الولايات المنتجة. أسبوع آخر حمل معه متاعب مكلفة للرئيس ترامب. ولا يبدو أن الحلحلة قريبة.