تؤكد ورقة عمل أو تقدير موقف نشرها الباحث الإسرائيلي في مركز أبحاث الأمن القومي، كوبي ميخائيل، يعود تاريخها لـ14 أغسطس/آب 2014، عمق الصلة بين الحملة الحالية ضد قطر، وبين موقفها من العدوان الإسرائيلي على غزة في ذلك العام، وسعيها آنذاك عبر إطلاق مبادرتها المشتركة مع تركيا، لوقف إطلاق نار يكرس إنجازات المقاومة في العدوان الذي تجاوز الخمسين يوماً. في الورقة المذكورة، يدعو الكاتب، بعد إشارته الواضحة للمبادرة القطرية – التركية، إلى أنه "يجب العمل على تسويد (تشويه) وجه قطر عبر كل منصة ممكنة وتصوير وشرح دلالات تأييد قطر لمنظمات إرهابية فتاكة. يجب دفع قطر إلى الزاوية وإدخالها في موقف دفاع عن النفس ودفعها إلى التفكير أكثر من مرة قبل أن تمد يدها إلى محفظتها المملوءة لتمويل الإرهاب" وفق ما كتب في حينها ميخائيل. وتعكس العبارة الأخيرة، حقيقة الانزعاج الإسرائيلي لأن قطر رفضت أن تضع ثروتها وقدراتها المالية تحت تصرف إسرائيل وفق المنهج الاستعماري الذي خطه شمعون بيريز في أواسط الثمانينات، وفي أوج الانتفاضة الأولى، على قاعدة أنه "يمكن تحويل الشرق الأوسط إلى جنة على الأرض، إذا تم تسخير المال العربي والعمالة العربية لإبداعات العقل اليهودي".
اليوم، وبعد عامين على الورقة المذكورة، والتي تضمنت أيضاً توصيات عملية لأقطاب السياسة وصناع القرار والعمليات السرية عبر الموساد، يسميها الكاتب "خلاقة" ضد قطر، في إشارة مثلاً لهجمات السايبر التي تعرضت لها إيران، يعود نفس الكاتب ومعه أيضاً الباحث في المركز، يوئيل جوجانسكي، الذي عمل لسنوات في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، لمحاولة استعراض مصالح، وربما الأصح القول استعراض "فرص إسرائيل في تجيير الأزمة لتحقيق مكاسب جديدة لإسرائيل، مع الإشارة في الوقت ذاته إلى المحاذير أو التداعيات التي يمكن أن تترتب على إحكام الحصار على قطر وحشرها في الزاوية.
ففي تقدير الموقف الذي نشره الباحثان قبل يومين على موقع مركز أبحاث الأمن القومي، فإنهما يقران بأن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وجولته الأخيرة في المنطقة، منحت الفرصة لمحور السعودية (الذي يسميه الكاتبان المحور السني البراغماتي) لتحقيق ما لم يستطع تحقيقه سابقا. إلا أن ما تحاول السعودية ومحورها اليوم القيام به ستكون له، بحسب الكاتبين، تداعيات مهمة على الوضع في قطاع غزة ودور قطر هناك باعتبارها عمليا تلعب دوراً مهما في عملية إعادة إعمار قطاع غزة. ويوضح الكاتبان أن إسرائيل الحانقة على قطر بفعل تأييدها لحركة "حماس" وما تدعيه إسرائيل حول إجهاض الدوحة لجهود تثبيت وقف إطلاق نار بين حماس والاحتلال في عدوان 2014 وفق المبادرة المصرية التي كانت تقدم في حينها لإسرائيل كل شروطها الاستسلامية، إلا أن الاحتلال يولي أهمية كبيرة "للدعم المالي الكبير الذي تقدمه قطر لإعادة إعمار غزة في كل ما يتعلق أيضاً بدفع رواتب الموظفين والخدمات لسكان القطاع ولمجرد وجود علاقة مع دولة عربية".
اقــرأ أيضاً
لكن تقدير الموقف ينصح في هذه النقطة بالاتجاه نحو اجتراح حل للأزمة الخليجية بشكل يتم فيه تحييد تأثير قطر ودعمها لحركة حماس، عبر إدخال دول أخرى ما تسميه تل أبيب "المحور السني المعتدل" وربطها بعملية إعادة إعمار قطاع غزة، وخفض تأثير قطر على حركة حماس، عبر استغلال حقيقة أن "العشق" القطري للإخوان المسلمين في مصر، ونتيجة لذلك لحركة حماس، لا يتماشى مع التوجهات التقليدية لدول مجلس التعاون الخليجي التي تبدي شكوكا وعداء لحركة حماس وللأيديولوجية التي تحملها الحركة بحسب ما يكتبه ميخائيل وجوجانسكي.
ويرى الكاتبان أنه حتى لو تدخلت الولايات المتحدة في عملية وساطة لحل الأزمة، فإن الدوحة ستدفع بالتأكيد ثمناً، وأيا كان هذا الثمن فإنه سينعكس على منظومة علاقاتها مع حماس ومع إيران. وفي هذه النقطة، يشير الكاتبان إلى المحاذير والتداعيات التي قد تنجم عن تقييد خطوات قطر وتشديد الحصار عليها، وسيكون من ضمن ذلك أن يؤدي إلى إبعاد قطر عن قطاع غزة، وخفض مستوى علاقاتها مع "حماس" ولو على مستوى التصريحات، وفي حال لم تحسن حركة حماس في المقابل استغلال الوضع لتحسين علاقاتها مع "المحور السني البراغماتي" بحسب التسمية الإسرائيلية، كثمن مطلوب منها لتغيير موقفها وسياستها مقابل السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فستجد نفسها هي الأخرى في عزلة شديدة، قد تدفعها لأحضان إيران كملاذ أخير، وهو ما يزيد من فرص واحتمالات اندلاع مواجهة عسكرية جديدة في قطاع غزة ومفاقمة الأزمة الإنسانية هناك، بحسب ميخائيل وجوجانسكي.
وفي السياق، يقر الكاتبان بأن الإبقاء على المكانة الحالية لقطر في كل ما يتعلق بقطاع غزة، يناقض الأهمية التي توليها إسرائيل لتعميق العلاقة مع "المحور السني البراغماتي"، كما يتناقض مع جهود وتطلعات هذا "المحور" لإعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة ومحاصرة حماس و"كبح جماح قطر". وفي ظل هذا الواقع فإن إسرائيل تحسن صنعا إذا شجعت تدخلا مباشرا للمحور السعودي (يسميه الكاتبان المحور السني المعتدل) في قطاع غزة حتى يشكل نداً لإيران.
إلى ذلك، يقر الكاتبان أن الحصار الذي يفرضه المحور السعودي ــ الإماراتي على قطر، يهدف للضغط عليها لتغيير سياساتها وربما أيضا لإسقاط النظام فيها، وعليه يرى الكاتبان أن "إسرائيل تحسن صنعا إذا ما توصلت إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية بعدم "حشر قطر في الزاوية" أكثر من اللازم ولو من باب تفادي تعزيز تقاربها مع إيران، لأن المصلحة الإسرائيلية تقتضي بأن تقوم واشنطن بطرح تسوية على الطرفين تمنحهما مخرجا يحفظ كرامتيهما، وفي المقابل استغلال الفرصة لإلزام قطر بتنفيذ بعض الالتزامات السابقة التي لم تنفذها (هنا يتم تكريس الادعاءات السعودية الإمارتية وكأنها حقيقة ناجزة في الرواية الإسرائيلية).
اقــرأ أيضاً
ويرى الكاتبان أن من شأن الأزمة "أن تكون عملياً فرصة لجر المحور السني البراغماتي سوية مع قطر بعد تحجيم دورها، لعملية واسعة النطاق لإعادة إعمار قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية ودمجها في الإطار الخارجي لغلاف غزة، إذ يمكن وبمساعدة إسرائيل وعبر التعاون معها وبحضور نشط للسلطة الفلسطينية، بناء منشآت ومناطق محمية للبنى التحتية، الضرورية لقطاع غزة، لإعادة بلورة الواقع في المسار الإسرائيلي ــ الفلسطيني".
وتعني ترجمة هذه العبارات في سياق الاستراتيجية الإسرائيلية عملياً، إضعاف النفوذ القطري ونفوذ حركة حماس في كل ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، سعيا لتحسين الأوضاع المعيشية فيه، تمهيدا لعملية سياسية واسعة بمشاركة المحور السعودي ــ الإماراتي لا تغادر نطاق المبادرة الإقليمية التي تحدث عنها بنيامين نتنياهو.
وقد صدرت إشارات كثيرة تصب في هذا السياق منذ بدء الحملة ضد قطر، حتى لا تكون هناك دولة في المنطقة يمكنها الاعتراض على طرح "المبادرة الإقليمية" للولوج إلى عملية تطبيع واسعة مع إسرائيل، حتى قبل التوصل لتسوية دائمة، وخصوصا أن السلطة الفلسطينية أعربت في هذا التوقيت بالذات، عن سحبها لشروطها المسبقة وعلى رأسها وقف البناء الاستيطاني قبل الخوض في مفاوضات جديدة مع إسرائيل، من جهة، وكررت تعنتها في التوصل لحل لأزمة الكهرباء في قطاع غزة من جهة ثانية.
لكن الكاتبين لا يغفلان التحذير من أن "المبالغة في الضغوط الممارسة على دولة قطر من شأنها أن تزيد من حالة عدم الاستقرار في الخليج، ومفاقمة الحالة الهشة من الهدوء في قطاع غزة، ووضع مزيد من الصعوبات أمام الولايات المتحدة لتوحيد المعسكر السني". وأخيراً في السياق الإسرائيلي للأزمة، لا يمكن إغفال تصريح وزير الأمن أفيغدور ليبرمان في الكنيست يوم الأربعاء، الذي امتدح فيه خطوات المحور السعودي عندما قال "إنهم في الدول العربية يدركون أن الخطر الحقيقي للمنطقة هو ليس من إسرائيل وإنما من الإرهاب. لا شك بأن هذا يتيح فرصاً وإمكانات للتعاون في مكافحة الإرهاب، سوية مع الرئيس ترامب الذي يدفع نحو تشكيل ائتلاف ضد الإرهاب. إسرائيل مستعدة للتعاون والكرة في ملعب الطرف الآخر".
اقــرأ أيضاً
ففي تقدير الموقف الذي نشره الباحثان قبل يومين على موقع مركز أبحاث الأمن القومي، فإنهما يقران بأن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وجولته الأخيرة في المنطقة، منحت الفرصة لمحور السعودية (الذي يسميه الكاتبان المحور السني البراغماتي) لتحقيق ما لم يستطع تحقيقه سابقا. إلا أن ما تحاول السعودية ومحورها اليوم القيام به ستكون له، بحسب الكاتبين، تداعيات مهمة على الوضع في قطاع غزة ودور قطر هناك باعتبارها عمليا تلعب دوراً مهما في عملية إعادة إعمار قطاع غزة. ويوضح الكاتبان أن إسرائيل الحانقة على قطر بفعل تأييدها لحركة "حماس" وما تدعيه إسرائيل حول إجهاض الدوحة لجهود تثبيت وقف إطلاق نار بين حماس والاحتلال في عدوان 2014 وفق المبادرة المصرية التي كانت تقدم في حينها لإسرائيل كل شروطها الاستسلامية، إلا أن الاحتلال يولي أهمية كبيرة "للدعم المالي الكبير الذي تقدمه قطر لإعادة إعمار غزة في كل ما يتعلق أيضاً بدفع رواتب الموظفين والخدمات لسكان القطاع ولمجرد وجود علاقة مع دولة عربية".
لكن تقدير الموقف ينصح في هذه النقطة بالاتجاه نحو اجتراح حل للأزمة الخليجية بشكل يتم فيه تحييد تأثير قطر ودعمها لحركة حماس، عبر إدخال دول أخرى ما تسميه تل أبيب "المحور السني المعتدل" وربطها بعملية إعادة إعمار قطاع غزة، وخفض تأثير قطر على حركة حماس، عبر استغلال حقيقة أن "العشق" القطري للإخوان المسلمين في مصر، ونتيجة لذلك لحركة حماس، لا يتماشى مع التوجهات التقليدية لدول مجلس التعاون الخليجي التي تبدي شكوكا وعداء لحركة حماس وللأيديولوجية التي تحملها الحركة بحسب ما يكتبه ميخائيل وجوجانسكي.
ويرى الكاتبان أنه حتى لو تدخلت الولايات المتحدة في عملية وساطة لحل الأزمة، فإن الدوحة ستدفع بالتأكيد ثمناً، وأيا كان هذا الثمن فإنه سينعكس على منظومة علاقاتها مع حماس ومع إيران. وفي هذه النقطة، يشير الكاتبان إلى المحاذير والتداعيات التي قد تنجم عن تقييد خطوات قطر وتشديد الحصار عليها، وسيكون من ضمن ذلك أن يؤدي إلى إبعاد قطر عن قطاع غزة، وخفض مستوى علاقاتها مع "حماس" ولو على مستوى التصريحات، وفي حال لم تحسن حركة حماس في المقابل استغلال الوضع لتحسين علاقاتها مع "المحور السني البراغماتي" بحسب التسمية الإسرائيلية، كثمن مطلوب منها لتغيير موقفها وسياستها مقابل السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فستجد نفسها هي الأخرى في عزلة شديدة، قد تدفعها لأحضان إيران كملاذ أخير، وهو ما يزيد من فرص واحتمالات اندلاع مواجهة عسكرية جديدة في قطاع غزة ومفاقمة الأزمة الإنسانية هناك، بحسب ميخائيل وجوجانسكي.
وفي السياق، يقر الكاتبان بأن الإبقاء على المكانة الحالية لقطر في كل ما يتعلق بقطاع غزة، يناقض الأهمية التي توليها إسرائيل لتعميق العلاقة مع "المحور السني البراغماتي"، كما يتناقض مع جهود وتطلعات هذا "المحور" لإعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة ومحاصرة حماس و"كبح جماح قطر". وفي ظل هذا الواقع فإن إسرائيل تحسن صنعا إذا شجعت تدخلا مباشرا للمحور السعودي (يسميه الكاتبان المحور السني المعتدل) في قطاع غزة حتى يشكل نداً لإيران.
إلى ذلك، يقر الكاتبان أن الحصار الذي يفرضه المحور السعودي ــ الإماراتي على قطر، يهدف للضغط عليها لتغيير سياساتها وربما أيضا لإسقاط النظام فيها، وعليه يرى الكاتبان أن "إسرائيل تحسن صنعا إذا ما توصلت إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية بعدم "حشر قطر في الزاوية" أكثر من اللازم ولو من باب تفادي تعزيز تقاربها مع إيران، لأن المصلحة الإسرائيلية تقتضي بأن تقوم واشنطن بطرح تسوية على الطرفين تمنحهما مخرجا يحفظ كرامتيهما، وفي المقابل استغلال الفرصة لإلزام قطر بتنفيذ بعض الالتزامات السابقة التي لم تنفذها (هنا يتم تكريس الادعاءات السعودية الإمارتية وكأنها حقيقة ناجزة في الرواية الإسرائيلية).
ويرى الكاتبان أن من شأن الأزمة "أن تكون عملياً فرصة لجر المحور السني البراغماتي سوية مع قطر بعد تحجيم دورها، لعملية واسعة النطاق لإعادة إعمار قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية ودمجها في الإطار الخارجي لغلاف غزة، إذ يمكن وبمساعدة إسرائيل وعبر التعاون معها وبحضور نشط للسلطة الفلسطينية، بناء منشآت ومناطق محمية للبنى التحتية، الضرورية لقطاع غزة، لإعادة بلورة الواقع في المسار الإسرائيلي ــ الفلسطيني".
وتعني ترجمة هذه العبارات في سياق الاستراتيجية الإسرائيلية عملياً، إضعاف النفوذ القطري ونفوذ حركة حماس في كل ما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، سعيا لتحسين الأوضاع المعيشية فيه، تمهيدا لعملية سياسية واسعة بمشاركة المحور السعودي ــ الإماراتي لا تغادر نطاق المبادرة الإقليمية التي تحدث عنها بنيامين نتنياهو.
وقد صدرت إشارات كثيرة تصب في هذا السياق منذ بدء الحملة ضد قطر، حتى لا تكون هناك دولة في المنطقة يمكنها الاعتراض على طرح "المبادرة الإقليمية" للولوج إلى عملية تطبيع واسعة مع إسرائيل، حتى قبل التوصل لتسوية دائمة، وخصوصا أن السلطة الفلسطينية أعربت في هذا التوقيت بالذات، عن سحبها لشروطها المسبقة وعلى رأسها وقف البناء الاستيطاني قبل الخوض في مفاوضات جديدة مع إسرائيل، من جهة، وكررت تعنتها في التوصل لحل لأزمة الكهرباء في قطاع غزة من جهة ثانية.
لكن الكاتبين لا يغفلان التحذير من أن "المبالغة في الضغوط الممارسة على دولة قطر من شأنها أن تزيد من حالة عدم الاستقرار في الخليج، ومفاقمة الحالة الهشة من الهدوء في قطاع غزة، ووضع مزيد من الصعوبات أمام الولايات المتحدة لتوحيد المعسكر السني". وأخيراً في السياق الإسرائيلي للأزمة، لا يمكن إغفال تصريح وزير الأمن أفيغدور ليبرمان في الكنيست يوم الأربعاء، الذي امتدح فيه خطوات المحور السعودي عندما قال "إنهم في الدول العربية يدركون أن الخطر الحقيقي للمنطقة هو ليس من إسرائيل وإنما من الإرهاب. لا شك بأن هذا يتيح فرصاً وإمكانات للتعاون في مكافحة الإرهاب، سوية مع الرئيس ترامب الذي يدفع نحو تشكيل ائتلاف ضد الإرهاب. إسرائيل مستعدة للتعاون والكرة في ملعب الطرف الآخر".