الطلعات الجوية في القاهرة: احتفال وترهيب واستفزاز "منكوبي الوقود"

02 يونيو 2018
تشديدات أمنية مكثّفة في القاهرة (Getty)
+ الخط -
خيّمت على القاهرة في اليومين الماضيين، تشديدات أمنية مكثّفة، خصوصاً في منطقة وسط العاصمة وشمال الجيزة، في ظلّ الاستعدادات لمراسم أداء رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة، اليوم السبت، في مقرّ مجلس النواب بشارع قصر العيني، على بعد خطوات من ميدان التحرير. وكانت السمة الأبرز للاستعدادات الطلعات الجوية المتعددة بطائرات "رافال" فوق مختلف أنحاء العاصمة، ما أثار تساؤلات مجموعة من المواطنين عن سبب تلك الطلعات، فيما أثار ذلك غضب مجموعة أخرى، بسبب الإنفاق المبالغ فيه على تلك الطلعات الجوية، في وقت تستعد فيه حكومة السيسي لخفض دعم الوقود بشكل عام، خلال ساعات، أو على الأكثر خلال أيام.

وفي هذا الإطار، قال مصدر أمني لـ"العربي الجديد"، إن الطلعات الجوية تأتي في سياق الاستعداد لعرض جوي واسع النطاق ستنفذه القوات المسلحة احتفالاً بالولاية الثانية للسيسي، سيشمل طلعات استعراضية فوق البرلمان والقصور الرئاسية والأهرامات وغيرها من المعالم المهمة في العاصمة.

وبالتوازي مع ذلك، ستنفّذ قوات الحرس الجمهوري عرضاً عسكرياً بقصر القبة احتفالاً بالمناسبة، في الوقت الذي تولّت فيه الشرطة العسكرية تأمين الطرق المؤدية للقصور الرئاسية، فيما تواجدت عناصر من القوات الخاصة للجيش إلى جانب الشرطة لتأمين محيط البرلمان.

وهذه المرة الأولى التي يؤدي فيها رئيس مصري اليمين أمام البرلمان منذ 13 عاماً، عندما أدى الرئيس المخلوع حسني مبارك اليمين الدستورية لولايته الخامسة، والأخيرة، في حضور العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وكان الرئيس المعزول محمد مرسي، قد أدى اليمين 3 مرات؛ أمام المحكمة الدستورية وفي ميدان التحرير وفي جامعة القاهرة، فيما أدى الرئيس المؤقت الأسبق، عدلي منصور، اليمين أمام المحكمة الدستورية، وتبعه في ذلك السيسي مطلع ولايته الأولى المنصرمة.


وتصاعد الغضب الشعبي المكتوم في العاصمة بسبب هذه الطلعات الجوية، التي قارن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بين كلفتها الضخمة (غير المعروفة تحديداً)، وبين ادعاء الحكومة عبر وسائل الإعلام أنها تتحمّل سنوياً ما يزيد على 120 مليار جنيه لدعم الوقود للمواطنين. بينما اعتبر بعض المراقبين أن الطلعات الجوية المكثفة في هذا التوقيت، لا تحمل طابعاً احتفالياً فقط، بل أيضاً رسائل تحذيرية شديدة اللهجة لأي اتجاه من افتعال حالات شغب أو معارضة علنية لقرارات رفع أسعار الوقود المرتقبة، والتي سيليها بصورة أكيدة - حسب موازنة الدولة للعام المقبل - ارتفاع في أسعار الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي للمنازل.

وبحسب التقديرات الفنية، تصل كلفة تشغيل المقاتلة "رافال" لمدة ساعة واحدة، إلى 16 ألف دولار (288 ألف جنيه مصري تقريباً)، وقد اشترى السيسي من مصنع "داسو" الفرنسي 24 طائرة من هذا الطراز، وما زالت هناك مفاوضات لشراء المزيد منها، رغم وجود مشكلة تعوق ذلك، تتمثّل في رفض الولايات المتحدة تزويد فرنسا بأجزاء صاروخية يؤدي غيابها للحدّ من قدرة الطائرة على القتال.

في غضون ذلك، تسعى حكومة السيسي بناءً على شروط الاقتراض من "صندوق النقد الدولي"، إلى خفض نسبة الدعم العام لجميع السلع والخدمات بقيمة 30 مليار جنيه سنوياً، بما فيها الوقود، زاعمةً أنّ الكلفة الحقيقية لبنزين 92 أوكتان تصل إلى 11 جنيهاً، وأن قيمة بنزين 80 أوكتان الحقيقية تلامس 10 جنيهات، ما يعني أن الدولة تتحمّل ضعف الثمن حالياً بسبب زيادة سعر برميل البترول إلى 77 دولاراً، علماً أن زيادة دولار واحد في سعر البرميل تزيد مباشرة قيمة الدعم وفقاً للموازنة، 3 مليارات جنيه.

وتسود الدوائر الاقتصادية توقعات بزيادة سعر بنزين 80 أوكتان إلى 5 جنيهات على الأقل، بدلاً من 3.65 جنيهات، وسعر بنزين 92 إلى 7 جنيهات، بدلاً من 5 جنيهات، وبنزين 95 أوكتان الخاص بالسيارات الفارهة والحديثة إلى 7.5 جنيهات، بدلاً من 6.6 جنيهات، والسولار إلى 5 جنيهات، بدلاً من 3.65 جنيهات، وغاز السيارات إلى 2.25 جنيه، بدلاً من جنيهين.

ولم يتم تحديد السعر النهائي لبنزين 92 أوكتان حتى الآن، بسبب تخوفات من رد فعل الجمهور، وخصوصاً أنّ نسبة كبيرة من مستخدمي هذا النوع من البنزين ينتمون للطبقة ذاتها التي تضررت من زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق أخيراً، وفقاً لاستطلاعات أجرتها الاستخبارات ومصلحة الأمن العام، بناء على اختبارات أطلقت عبر وسائل الإعلام وبعض صفحات التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الماضيين. أمّا السولار وباقي أنواع الوقود، فأسعارها لن تختلف كثيراً عن المتداول في وسائل الإعلام.