نواب مصريون متهمون بابتزاز الجامعات لتحقيق مكاسب مالية

10 فبراير 2017
عبدالعال صرف مستحقات النواب كاملة (الأناضول)
+ الخط -


لم يكتف البرلمان المصري بإنفاق 771 مليون جنيه، خلال ستة أشهر فقط، كبدلات ومكافآت للنواب عن جلسات ولجان لا يحضرها بعضهم، فضلاً عن علاوات خاصة، ومزايا عينية (اجتماعية/طبية)، وملايين تم هدرها على شراء السيارات الجديدة، وفق ما كشفت عنه أرقام الحساب الختامي لموازنة 2015- 2016، بيد أن رئيسه، علي عبدالعال، يُمارس ضغوطاً واسعة، أخيراً، للاستيلاء على أموال الجامعات. ويواجه عبدالعال تُهم إهدار المال العام، إذ أعطى أوامره إلى أمانة البرلمان بصرف مستحقات جميع النواب كاملة، رغم أن عدداً كبيراً منهم لم تطأ أقدامه أبواب المجلس، منذ أشهر عدة، وبات غيابهم عن الجلسات أمراً مُعتاداً، إذ لجأ المجلس، أخيراً، إلى عقد جلساته، من دون اكتمال نصاب الحضور، المُحدد بنصف الأعضاء (298 نائباً)، ما يُهدد ببطلان كل ما يصدر عنه من قوانين وقرارات، وفق مصادر برلمانية مُطلعة.

وقالت المصادر، في حديث خاص إلى "العربي الجديد"، إن ضغوط عبد العال ركزت بشكل أساسي على وزير التعليم العالي، أشرف الشيحي، بشأن صرف رواتب أساتذة الجامعات من أعضاء البرلمان، رغم أن الدستور نص في مادته رقم 103 على أن "يتفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية، ويحتفظ بوظيفته أو عمله، وفقاً للقانون"، إلا أن اللائحة التي وضعها المجلس لتنظيم شؤونه الداخلية، استثنت أعضاء هيئة التدريس من النص الدستوري. وأشارت المصادر إلى تقدم رئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، بطلب إلى المحكمة الدستورية العليا، لتفسير النص الخاص بالمادة 354 من لائحة مجلس النواب، بناءً على توصية من المجلس الأعلى للجامعات، إذ منح الدستور، المحكمة، سلطة تفسير أي من النصوص القانونية أو الدستورية، على أن يُلزم تفسيرها جميع سلطات الدولة.


استغلال الأدوات الرقابية


ويستغل أعضاء هيئة التدريس من النواب، أدواتهم الرقابية، لابتزاز الجامعات التي يُدرسون بها، إذ شهدت الفترة الأخيرة التقدم بالعشرات من طلبات الإحاطة، والبيانات العاجلة، ضد رؤساء الجامعات، بدعوى وجود فساد مالي وإداري بها، خصوصاً بعد إصدار جامعة المنصورة، بياناً رسمياً، مدعوماً بالمستندات، يكشف محاولة استيلاء النائبة، إيناس عبدالحليم، على مبلغ 50 ألف جنيه، من دون وجه حق. واتهمت الجامعة عبدالحليم بصرف المبلغ السابق، من ميزانية قسم علاج الأورام في كلية الطب، أثناء فترة رئاستها القسم، رغم عدم حضورها أياً من اجتماعات مجلس القسم، منذ تاريخ 28 أكتوبر/تشرين الأول 2014، علماً أن تلك المكافآت يتم قصرها على الحضور الفعلي لأعضاء القسم، مقابل الكشف عن المرضى، ومناظرتهم إكلينيكياً، وكتابة العلاج المناسب لهم. إلا أن عبدالعال وقف مع النائبة، واستدعى وزير التعليم العالي إلى المجلس، وطالبه بحل الأزمة، وصرف مستحقاتها المالية المتأخرة بأثر رجعي، مشدداً، في جلسة 17 يناير/كانون الثاني الماضي، على عدم قبوله إهانة المجلس أو اتهام أحد أعضائه بالاختلاس، وأن إعلان الجامعة لتلك التفاصيل ببيانها "أمر غير مقبول".

ويسعى هؤلاء النواب للسير على درب عبدالعال، الذي يجمع بين موقعه رئيساً للبرلمان، ومنصب مقرر لجنة ترقيات القانون العام، التابعة للمجلس الأعلى للجامعات، إذ يتلقى راتبه وبدلاته من اللجنة، بشكل منتظم، على أنها تتطلب التفرغ أسبوعياً لتلقي وقراءة أبحاث الترقية، فضلاً عن بدلات اجتماعات قسم التدريس، ولجان جامعة عين شمس، التي لا يحضرها، على خلفية عمله السابق بها كأستاذ للقانون الدستوري. وفي مواجهة محاولات النواب ابتزاز إدارات الجامعات، بهدف الحصول على مكافآت أو بدلات تستلزم تواجدهم على رأس العمل الجامعي، وهو أمر غير مُتحقق، طالب أكاديميون بإحالة هذا الملف إلى مجلس الدولة، للفصل بين نصوص لائحة مجلس النواب، وقانون تنظيم الجامعات، في إطار النص الدستوري الواضح بتفرغ عضو البرلمان للعمل النيابي.

انقسام الجامعات

ويتخوف رؤساء الجامعات من الوقوع تحت طائلة القانون، في حال صرف رواتب أعضاء هيئة التدريس من النواب، وفقاً لنص خطاب مُرسل إليهم من وزير التعليم العالي، في ظل غموض مدى قانونيته، مُحاباة منه للنواب، الموالين لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، على أن كل المؤشرات تُرجح الإطاحة به في التعديل الوزاري، المنتظر عرضه على البرلمان في 12 فبراير/شباط الحالي. واختلفت الجامعات المصرية، بين بعضها بعضاً، حول هذه المسألة، فمنها من آثر السلامة، وصرف بالفعل الرواتب الأساسية للنواب من أعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى بدلي الجامعة والجودة، رغم أن صرفهما مرتبط بالحضور 4 أيام في الجامعة، وفق قانون تنظيم الجامعات، بينما امتنعت جامعات أخرى عن صرف تلك المبالغ، تجنباً لاتهامها بإهدار أموال الدولة، ومنحها لغير مُستحقيها.