نكبات مستمرة للبدو... معاناة تطاول ربع مليون فلسطيني

15 مايو 2016
يمنع الاحتلال البدو الفلسطينيين من العودة إلى أرضهم(العربي الجديد)
+ الخط -
لا يزال أكثر من ربع مليون شخص من عشائر فلسطين البدوية يعانون آثار النكبة عام 1948 وتبعاتها. وتواجه هذه العشائر، بين الحين والآخر، تحديات، وأخطار، وعمليات طرد وترحيل ليس من مناطق سكنهم الأصلي بصحراء النقب جنوب فلسطين، الحدودية مع سيناء المصرية، أو في مناطق الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل فحسب، بل في المنطقة الشمالية من فلسطين، حيث تمركزهم. "النكبة هي رديف الكارثة التي لا نزال نعيشها"، كما تقول هذه العشائر في مجالسها، وفي كل لقاء يجمع أبناءها وهم يواجهون الطرد والترحيل من مناطق سكنهم الأصلية، ومناطق اللجوء داخل الضفة الغربية، وحول القدس المحتلة، سواء في قرية اللقية، أو في العيزرية على تخوم القدس، وفي مناطق الخان الأحمر قرب القدس.

بالنسبة لأمين سر اللجنة التنسيقية للمقاومة الشعبية في فلسطين، أحد أبرز القادة الميدانيين من أبناء البدو في محافظة القدس المحتلة، سامي أبو غالية، فإن النكبة هي "ذكرى تأسيس دولة الاحتلال على أرض فلسطين، وطرد أكثر من نصف سكان فلسطين التاريخية، وتدمير التراث الفلسطيني، والمؤسسات الاجتماعية والسياسية في الأراضي المحتلة". يقول أبو غالية لـ"العربي الجديد"، إنّ "النكبة ليست فقط مؤشراً واضحاً على الكارثة التي لحقت بالشعب عام 1948، بل على كوارث مستمرة نتيجة لمواصلة احتلال أرض الوطن".

تعيش العشائر البدوية نكبات مستمرة، وفق أبو غالية، "فهدف الاحتلال سرقة الأرض، ومع كل نكبة يتشبّث البدو أكثر بأرضهم ويصممون على حق العودة، وهم يؤكدون للعالم أن دولة الاحتلال لا تزال تمنع أصحاب الأرض من العودة إليها استمراراً لسياسة التمييز العنصري ضد أصحاب الأرض لحساب المهاجرين غير الشرعيين الآتين إلى فلسطين، بل وتحتفل بالجريمة على أنها حرب الاستقلال". ويطالب أبو غالية "بوقفة جادة في هذا اليوم لتشعر فيه دولة العصابات والمهاجرين غير الشرعيين بأن شعوب العالم ستثور لنصرة العدالة في هذه الأرض، ولا بد من جعل يوم النكبة يوماً عالمياً لمعاقبة الاحتلال وسحب شرعيته حتى يوقف قانون العودة العنصري المتناقض مع قرار القبول به كدولة عضو في الأمم المتحدة".

ويدعو القيادي ذاته إلى "إحياء ذكرى النكبة بأوسع حملة دولية لفرض عقوبات اقتصادية على نظام الدولة العنصرية، تماماً كما يعاقب أي نظام قمعي على سياسته الإجرامية ضد الأبرياء، وإعلان إسرائيل دولة خارجة عن القانون الدولي والمواثيق الإنسانية الدولية التي تكفل حقوق الإنسان وتنظم علاقة أصحاب الأرض بالمحتلين". ويشدّد على "ضرورة استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني حتى يوقف قانون العودة العنصري، ويهدم الجدار، ويرفع الحصار، ويزيل كافة المستوطنات التي تم بناؤها على الأراضي المحتلة عام 1967، ويعلن صراحة قبوله عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه".





يقدّر أبو غالية أعداد المواطنين البدو في فلسطين التاريخية بنحو 250 ألفاً. أما عن خارطة سكنهم، فيشير إلى أنهم موجودون في صحراء النقب، وشمال فلسطين المحتلة عام 1948، وفي الضفة الغربية. ويوضح أن إسرائيل تستهدف تجمعات البدو في فلسطين التاريخية، لأنهم يسكنون على مساحات كبيرة من الأراضي، والاحتلال يريد هذه الأراضي لبناء المستوطنات وتوسيع القائم منها، ومدّ جدار الفصل العنصري. كما تريد إسرائيل صحراء النقب خالية من البدو لاستثمار هذه الأراضي، وبناء المصانع ومستعمرات لليهود المهاجرين.

في العمل النضالي المقاوم، يقف أبناء عشائر البدو في الصدارة مع سائر أبناء شعبهم، كما يقول أبو غالية. ويعطي مثالاً على ذلك "عندما وقف البدو مثل غيرهم من عرب فلسطين بوجه الاستيطان والإجراءات البريطانية، وعاشوا الأحداث الوطنية التي مرت بفلسطين، واشتركوا في ثورة 1921 وثورة 1936 ـ 1939، ومعارك عام 1948. وتألفت في بئر السبع (جنوب غرب القدس) جبهة الشباب من أبناء المدينة، ولجنة قومية تشرف على شؤون الدفاع عنها".
ويضيف أنّ البدو شنوا هجمات على مستعمرة بيت إيشل (شمال حيفا) وسددوا ضربات موجعة لقوافل التموين اليهودية، لكن نقص الأسلحة والمؤن والعناصر أدى إلى ضعف المقاومة، واستطاع الإسرائيليون التغلب على المدافعين، واحتلوا بئر السبع، مركز القضاء، في 21 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1948.

ويؤكد أبو غالية أنّه "منذ النكبة إلى يومنا هذا، قدم البدو الشهداء والأسرى والجرحى. ويوجد حتى هذه اللحظة، شباب بدو في سجون الاحتلال ومحكوم عليهم بالمؤبد. كما أن لهم حضوراً في الأدب والثقافة والعلوم، فنسبة المتعلمين منهم إلى ازدياد، ومنهم من أنشأ مراكز ثقافية للتعليم، وغيرها الكثير"، وفقاً لهذا القيادي. ويوضح أنّ "اتفاقية أوسلو لم تنصفنا بتاتاً. في هذه المعاهدة، وُقّعت خرائط وفُرضت تقسيمات، وقُدّمت تنازلات، وللأسف المناطق البرية والبادية التي يسكنها البدو في الضفة الغربية تم الاتفاق على أن تكون خالية من السكان وتحت سيطرة الاحتلال، كنا نحن الضحية ولا نزال، واليوم مهددون بالطرد والترحيل".


المساهمون