الاتفاق النووي إلى التطبيق... وإيران تنتظر رفع العقوبات

20 أكتوبر 2015
إيران تنتظر تطبيق تعهّدات الأطراف الأخرى (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت إيران ومعها الغرب إقرار الاتفاق النووي رسمياً، بعد انتهاء مهلة التسعين يوماً التي اتفق عليها المفاوضون لصك الاتفاق في عواصم القرار بعد الإعلان عن تفاصيله منتصف يوليو/تموز الفائت، وإبان صدور البيان المشترك المتعلق بالموضوع عن منسّقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فريدريكا موغريني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، عُقد يوم أمس الإثنين الاجتماع الأول للجنة المشتركة بين إيران والدول الست في فيينا والتي ستفصّل وستشرف على مراحل التطبيق اللاحقة.

وبحسب المعنيين، فالاتفاق دخل مرحلته الثانية، وهي مرحلة الإقرار، إذ يتوجب على طهران تنفيذ البنود الأساسية التي أقرها الاتفاق، فعليها تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي التي تمتلكها إلى ستة آلاف جهاز تقريباً، وهي الأجهزة الموجودة بغرض تخصيب اليورانيوم في منشأة نتانز، كما ستحتفظ بألف جهاز منها فقط في منشأة فردو التي ستتحوّل إلى موقع بحثي.

وستقوم إيران أيضاً بإعادة تصميم قلب مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل، وهو ما سيحدّ من قدرتها على إنتاج البلوتونيوم، وهي المادة التي تساعد كمية قليلة منها على إنتاج سلاح نووي. فضلاً عن هذا ستبدأ طهران بتبادل الوقود النووي مع روسيا، وعليها بالتالي التخلص من المواد العالية التخصيب، مقابل الحصول على اليورانيوم الخام.

هذه البنود يجب تطبيقها خلال مهلة أقصاها شهران، إذ ستُقدّم الوكالة الدولية للطاقة الذرية حينها تقريرها الذي سيعطي الضوء الأخضر لإلغاء عملي لكل العقوبات الغربية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.

وقد أقر الاتحاد الأوروبي والرئيس الأميركي باراك أوباما بالفعل الإطار القانوني لرفع العقوبات عن إيران خلال المرحلة المقبلة، وهو ما سيُنفذ عملياً بعد صدور تقرير الوكالة، وهو ما أكد عليه مساعد وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد المفاوض عباس عراقجي، الذي قال إنه يقع على عاتق الغرب طي بعض المراحل القانونية والإدارية خلال هذه المدة لإلغاء الحظر الاقتصادي مستقبلاً.

كذلك يتوجب على إيران توقيع البروتوكول الإضافي من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، لكن الانضمام للبروتوكول يحتاج لتصويت نواب البرلمان الإيراني المحافظ بغالبيته، وهو أمر سيأخذ وقتاً لنحو شهرين إضافيين، ولكن إلى ذلك الحين ستطبّق طهران البروتوكول "اختيارياً" وبشكل مؤقت، كما أعلن ممثل إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي، الذي رأى في هذه الخطوة محاولة لمد جسر الثقة بين طهران والغرب علّ ذلك يسرع مراحل التطبيق العملي.

اقرأ أيضاً: إيران والغرب يعلنان إقرار الاتفاق النووي رسميّاً

يقول عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني صفر نعيمي، إن تطبيق البروتوكول هو اختياري من الأساس، معتبراً أن الأهم بالنسبة للبرلمان في الوقت الحالي هو صك الاتفاق وتنفيذ التعهدات من قبل كل الأطراف.

ويرى نعيمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن بيان ظريف وموغريني لم يأتِ بجديد، قائلاً إن البرلمان الإيراني يعتبر أن التطبيق الحقيقي للاتفاق يبدأ بعد شهرين، آنذاك سيأتي دور مجلس الشورى، الذي صوّت بالأغلبية على قانون "التطبيق الحكومي المشروط للاتفاق" وهو القانون الذي يسمح لحكومة حسن روحاني بتطبيق الاتفاق تحت إشراف اللجنة العليا للأمن القومي، لكنه في الوقت نفسه يعطي إيران الصلاحية للتراجع عن الاتفاق بحال نقض التعهدات من قِبل الأطراف الأخرى، حسب قوله.

وصبّت تصريحات مسؤولين إيرانيين آخرين في السياق ذاته، إذ قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي في حوار مع التلفزيون المحلي الإيراني، إن طهران قادرة على استئناف نشاطها النووي وإعادته كما السابق خلال مدة أقصاها عام واحد وحسب، وهذا في حال إخلال الأطراف الأخرى بتعهداتها.

كما أن رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني، ذكر هو الآخر أن القانون البرلماني لا يتعلق أساساً بصك الاتفاق فهذا من صلاحيات اللجنة العليا للأمن القومي، وإنما هو قانون يلزم الحكومة بالانسحاب من الاتفاق بحال عدم إلغاء العقوبات، مضيفاً أن صدور أي تهديدات غربية جديدة تتعلق بشن ضربة عسكرية ضد إيران ستستوجب الرد من قبل اللجنة العليا، داعياً كذلك للحذر من مسألة التفتيش لبعض المواقع الإيرانية، أو كشف الوكالة الدولية لأسرار إيران النووية والأمنية، مشيراً إلى أنه بهذه الحالة سيتم تخفيف مستوى التعاون مع الوكالة.

وبين المتفائلين في الداخل الإيراني من إلغاء العقوبات بعد تطبيق التعهدات الأساسية من قِبل إيران، وبين الطيف الذي يفضل مراقبة ما سيحدث لاحقاً لإبداء رد فعل، هناك فريق آخر غير متفائل بالأساس مما يجري، وهو الطرف المتشدد الذي انتقد في السابق بعض بنود الاتفاق، وطالب بإلغاء العقوبات تزامناً وتطبيق التعهّدات الإيرانية لا بعده.

وقد كتب محمد ايماني في افتتاحية صحيفة "كيهان" المحسوبة على المحافظين المتشددين، والصادرة يوم أمس الإثنين، أن إقرار الاتفاق النووي لا يعني إنهاء أزمة إيران مع الغرب ومع أميركا بل يعني دخول الخلاف والصراع مرحلة جديدة بشكل آخر، معتبراً أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يختلف عن الرئيس السابق جورج بوش، قائلاً إن "الاختلاف فقط بعدم شنه حرباً واضحة وصريحة ضد إيران، فأوباما يخوض حرباً من نوع آخر تقوم على توجيه الاتهامات بشكل دائم لإيران ومراهنته على تغيير وجهة نظر الداخل الإيراني إزاء الجمهورية الإسلامية".

ويعتبر رئيس تحرير وكالة "مهر" الإيرانية حسن هاني زاده، أن هناك تلكؤاً واضحاً من قِبل الدول الغربية لإلغاء العقوبات سريعاً، قائلاً إن هذا سيفتح المجال أكثر أمام التيارات المتشددة في إيران لتوجّه المزيد من الانتقادات للحكومة الإيرانية، متوقعاً المزيد من الانقسام في الداخل السياسي الإيراني. ويشير هاني زاده، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المتشددين يرون أن في الاتفاق تنازلات مصيرية، لكن في المقابل فالرئيس حسن روحاني يطلب من الكل انتظار تحقيق الإنجاز الأكبر وهو إلغاء العقوبات الاقتصادية.

ويتوقّع هاني زاده حصول المزيد من الجدل في الداخل، والمزيد من الأخذ والرد بين طهران والغرب، ولا سيما أن الولايات المتحدة تصرّ على ربط الملف النووي الإيراني بملف حقوق الإنسان وملف دعم محور المقاومة، ما يعني احتمال فرض عقوبات جديدة مستقبلاً أو عدم إلغاء العقوبات بالكامل وهذا سيهدد استمرارية الاتفاق النووي، حسب رأيه، ولا سيما أن مجلس الشورى الإسلامي سيفرض على الحكومة بتلك الحالة الانسحاب من الاتفاق.

اقرأ أيضاً: الاتفاق النووي نحو التطبيق في إيران وسط استمرار الخلافات

المساهمون