مشروع ترسيم الأمازيغية في المغرب: عقبات وقانون وانقسامات

30 ديسمبر 2017
يريد الأمازيغ تكامل منظومتهم في إطار المغرب (دومينيكا زارزيكا/Getty)
+ الخط -
ما زال مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية في المغرب، يراوح مكانه، ويحظى بكثير من النقاشات والسجالات، تصل أحياناً إلى تجاذبات ومزايدات سياسية.

في هذا السياق، نصّ القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على "اعتماد التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال ثلاث مراحل زمنية. المدى الأول القريب في 5 سنوات، والمدى الثاني المتوسط في 10 سنوات، والمدى الثالث البعيد في 15 سنة". ونصّ الدستور المغربي، في يوليو/تموز 2011، في الفصل الخامس، على أن "الأمازيغية تُعدّ أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة من دون استثناء، ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلاً بوظيفتها بصفتها لغة رسمية".

هذا النصّ الدستوري اعتبره مهتمون بالشأن الأمازيغي في المغرب "ذا أوجه، فهو ينص بالفعل على أن الأمازيغية لغة رسمية تحتاج قانوناً ينظّم مراحل تفعيل ترسيمها وإدماجها في شتى مناحي الحياة، لكنه في الوقت ذاته يتحدث عن لفظة (مستقبلاً)، ما يجعل المدة الزمنية لتحديدها لغة رسمية تعرف نوعاً من التمديد".

وبخلاف الجزائر التي لا تعد فيها الأمازيغية لغة رسمية، بل لغة ثانية تلي العربية رغم استعمالها بشكل يومي في منطقة القبائل الكبرى شرق الجزائر، كما أن أبجدية "تيفيناغ" الأمازيغية ما زالت مهملة، فإن المغرب دشن تدريس هذه اللغة في عدد من المدارس، محاولاً، عبر مراحل، ترسيمها في باقي مناحي الحياة العامة.

الحكومة المغربية أكدت أن "تطبيق مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، من قبيل القضاء والإعلام والثقافة وغيرها من المجالات، يسير وفق مقاربة تشاركية مع مكونات الحركة الأمازيغية التي تنفي هذا التشارك في صياغة القانون".

وبخصوص إدماج الأمازيغية في التعليم، كشفت معطيات جديدة للحكومة أن "تدريس الأمازيغية في المغرب بدأ عام 2003، وأن هناك 15 ألف أستاذ جرى إعدادهم إلى حدود سنة 2015، وأن عدد الأساتذة الممارسين فعلياً في تدريس الأمازيغية يبلغ خمسة آلاف أستاذ".


وبلغ عدد التلاميذ الذين درسوا الأمازيغية 400 ألف تلميذ في عام 2015، كآخر إحصاء رسمي. فيما أكدت الرؤية الاستراتيجية 2015 - 2030 على ضرورة إدماج اللغة الأمازيغية في مستويات الابتدائي والإعدادي والثانوي. كما أن هناك ثلاث جامعات مغربية تدرس الأمازيغية، فضلاً عن عدد من المؤسسات، من بينها المعهد العالي للإعلام والاتصال.

وذكرت الحكومة أنها "منفتحة أمام تعديلات وتنقيحات وإضافات الأحزاب السياسية بشأن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وطرق إدماجها"، فيما طالبت الأحزاب بـ"ضرورة استعمال اللغة الأمازيغية من أجل محاربة الأمية، وفي ميدان القضاء والمحاكم، مع استعجال إخراج المجلس الأعلى للغات إلى النور قبل مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية".

بدورها، فإن الجمعيات الأمازيغية غير راضية عن "المماطلة في إخراج القانون إلى الوجود، رغم مرور مدة زمنية طويلة على إقراره في الدستور، ووجوده بين أيدي نواب الأمة"، بحسب وصفها. كما اعتبر نشطاء أمازيغ أن "ملف الأمازيغية بيد صنّاع القرار، وأن الحكومة طالما لم تتلق الضوء الأخضر منهم فهي لا تستطيع سوى الدخول في مناقشات ماراثونية وتأجيل تطبيق القانون".

وطالب أمازيغ المغرب بأن "لا يتم الاقتصار على تدريس اللغة الأمازيغية في بعض المدارس، ووضع أسماء مؤسسات ووزارات بهذه اللغة، وتجاوز هذا الواقع إلى إدماج الأمازيغية في القضاء والمحاكم، ليتم التقاضي بالأمازيغية، فضلاً عن دمجها أيضاً بشكل أقوى في الإعلام، عوض الاكتفاء بقناة واحدة ينعتون إنتاجها بالهزيل".


وعلى الرغم من أن الأحزاب السياسية متفقة في الظاهر على أن "ملف الأمازيغية وترسيمها عبر مراحل في مختلف نواحي الحياة العامة يتطلب أن يكون بعيدا عن أي حزازات سياسية أو تجاذبات"، فإن بعضها اتخذ من هذه القضية منصة لكسب نقاط انتخابية، من خلال رفع شعارات مناصرة للأمازيغ، وداعمة لترسيم هذه اللغة ورفع مكانتها، والاستجابة لمطالب الحركة الأمازيغية.

واختلفت المواقف السياسية للأحزاب المغربية حيال موضوع الأمازيغية، فحزب الاستقلال مثلاً، اعتبر أن "مكانة اللغة العربية داخل المجتمع عالية، واللغة الأمازيغية رافد يثري الهوية اللغوية والحضارية للمملكة، ويجب توفير جميع الضمانات القانونية بهدف تأهيلها وتطويرها بما يكفل التعددية داخل البلاد".

أما حزب العدالة والتنمية الحاكم فطرح، قبل أيام، اقتراح قانون "يعلي من مكانة اللغة العربية، من خلال التركيز على ضرورة الكتابة بلغة الضاد في مراسلات الإدارة وفي الإعلانات والإعلام، ومقاضاة كل من يمس من مكانتها". وهو ما أغضب الحركة الأمازيغية التي رأت في ذلك انتقاصاً من وضع الأمازيغية في البلاد.

مع العلم أن الحزب دعا أيضاً إلى "العمل على إرساء خطة وطنية تلزم المؤسسات التشريعية وذات الاختصاص بتفعيل ترسيم الأمازيغية من خلال المرور بمراحل زمنية، وفق مبدأ التدرج، وعدم التطبيق التقني".
بدوره، أيد حزب الأصالة والمعاصرة خلال ذلك، مبدأ القبول بجميع مطالب الحركة الأمازيغية، رافضاً مسألة التطبيق التدريجي لترسيم الأمازيغية، باعتبار أن "ذلك يناقض الدستور الذي يتحدث عن ترسيم نهائي، وسيجعل من ترسيم هذه اللغة أمراً عبثياً لن تقبله المنظمات الأمازيغية".

وأما حزب الاتحاد الاشتراكي اليساري، فشدّد على "ضرورة احترام التعددية الثقافية والانفتاح عليها، وتخويلها كل الحقوق المتعارف عليها دولياً. وأن اللغتين العربية والأمازيغية لغتان وطنيتان"، غير أنه رفض في مذكرة سابقة له بشأن الأمازيغية اعتبارها "لغة رسمية".