غزة: احترازات أمنية لقادة المقاومة خشية الاغتيال

12 فبراير 2020
أضرار جراء غارة إسرائيلية على غزة الخميس الماضي(على جادالله/الأناضول)
+ الخط -

مع استمرار التوتر الأمني في قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة، اتخذ قادة فصائل المقاومة الفلسطينية خطوات أمنية احترازية خشية تعرضهم لعمليات اغتيال إسرائيلية، في ظلّ التهديد الذي يطلقه يومياً مسؤولو الحكومة والأمن في دولة الاحتلال.

وعلى عكس المرات السابقة، لم يكن قائد حركة "حماس" في القطاع، يحيى السنوار، على رأس مستقبلي الوفد الأمني المصري الذي غادر غزة، مساء أول من أمس الاثنين، بعد ساعات من وصوله وعقده لقاءات مع "حماس" والفصائل في مكتب السنوار بمدينة غزة.

ولم يحضر السنوار، الذي غاب عن الأنظار منذ 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اللقاء مع وفد الاستخبارات المصرية، علماً أنه لم يخرج عبر وسائل الإعلام في كل هذه الفترة، ولم يظهر علانية في أي لقاء فصائلي أو داخلي في "حماس"، وفق متابعة "العربي الجديد".

وكان السنوار في العامين الأخيرين كثير الظهور في لقاءات مع الفصائل والشباب ومؤسسات المجتمع المدني، وأخذ على عاتقه تقديم إجابات عن أسئلة الفلسطينيين في ظلّ أزماتهم، فشكّل غيابه علامة استفهام في هذا الوقت بالذات.

وتخشى فصائل المقاومة من تنفيذ عمليات اغتيال ضدّ قادتها، وخصوصاً مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية وحاجة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى فرص إضافية للفوز، فيما لا تريد الفصائل منحه هذا الإنجاز.

وبموازاة ذلك، علمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة، أنّ "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، و"سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الإسلامي"، عممت أخيراً على عناصرها الفاعلين وقياداتها العليا بضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر والتخفيف إلى الحدّ الأقصى من الظهور العلني.

وأكّدت المصادر أنّ المقاومة أمرت عناصرها كذلك باتخاذ إجراءات أمنية والبقاء على أهبة الاستعداد، خشية تعرضهم للاغتيال، وخشية ذهاب الاحتلال الإسرائيلي نحو شنّ عدوان جديد على القطاع في ظلّ التوتر الحالي، على الرغم من قرب الانتخابات الإسرائيلية.

وكان نتنياهو قد هدد بشنّ "عملية عسكرية موسعة" ضدّ فصائل المقاومة في قطاع غزة، قبل انتخابات الكنيست الـ23 المقررة في الثاني من مارس/ آذار المقبل، إذا ما استمر التوتر على الحدود مع غزة.


وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية المتكررة، تواصل المقاومة الفلسطينية إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه مستوطنات ما يعرف بـ"غلاف غزة"، كما يواصل ناشطو مسيرات العودة إطلاق البالونات الحارقة باتجاه المناطق ذاتها.

واستمرار هذه الأعمال يرجع إلى الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي تعيشها غزة، في ظلّ تلكّؤ الاحتلال الإسرائيلي تجاه تنفيذ متطلبات الهدوء على الحدود، وعدم قيام الراعي المصري لتفاهمات الهدنة بدوره في تهدئة الأوضاع والضغط على إسرائيل لتنفيذ المراحل المتقدمة من التفاهمات.

وعادت غزة حالياً إلى مراحل الحصار المشدّد، مع بروز أزمات إنسانية جديدة وفرض إسرائيل مزيداً من القيود على حركتي التصدير والاستيراد، وهو ما يشكّل ضغطاً على حركة "حماس" تحديداً، التي تدير الحكومة في القطاع، والتي بدورها لا ترغب في الوصول إلى مرحلة من اللاعودة في التصعيد، ولا تفضل الحرب الواسعة في الوقت الحالي، ويستمر رهانها على تسوية، ولو محدودة، يمكن أنّ تنعش الوضع المتردي في القطاع المحاصر.

وبرز أخيراً في الصحافة الإسرائيلية اسمان لقياديين في "سرايا القدس"، على لائحة المطلوب اغتيالهم، وهما خليل البهتيني وتيسير الجعبري، وقد حملهما الاحتلال مسؤولية جزء من التوتر الأخير الذي شهده القطاع. ويبدو أنّ البهتيني والجعبري حلّا مكان القيادي العسكري في "الجهاد الإسلامي" بهاء أبو العطا، الذي اغتيل بغارة إسرائيلية في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأعقب ذلك تصعيد محدود لثلاثة أيام بين الحركة والاحتلال الإسرائيلي.

وإضافة إلى خشيتها من أنّ يكون الدم الفلسطيني فرصة لنتنياهو لنيل مزيد من أصوات اليمين الإسرائيلي في الانتخابات المرتقبة، تخشى الفصائل في غزة من أنّ أي عدوان إسرائيلي مقبل على القطاع سيكون بغطاء دولي، وربما من بعض الدول العربية كذلك التي تُجاري التطبيع العلني مع الاحتلال.

وقد يكون هذا الغطاء، وفق تقديرات المقاومة ومخاوفها، أكثر وضوحاً من المرات السابقة، وخصوصاً في ظلّ محاولات تمرير خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، والتي كان من بين مطالبها سحب سلاح المقاومة في غزة، وهو المطلب الإسرائيلي نفسه الذي حملته أيضاً دول عربية عديدة في أوقات مختلفة.