توماس ميلو.. العربية في مواجهة المستقبل الرقمي

22 مارس 2018
(من تصاميم موقع "ديكوتايب")
+ الخط -

حين بدأت فكرة الإنترنت تتضح وتأخذ خطوات على أرض الواقع، كان الأساس أن يكون عالماً بالإنكليزية فقط، إذن فالقاعدة كانت إن كان الإنترنت يفتح العالم على بعضه وكل ثقافة تستطيع استخدامه، فإنه سيظل تحت هيمنة الإنكليزية.

وكان هذا لا يتضمن احتكار عالم المعلومات في الإنترنت وحسب، بل التحكم في برمجيات كل شيء: "الحواسيب وعالم الإلكترونيات كله، والذي إن لم تكن تعرف لغته الإنكليزية فأنت لن تكون قادراً على حل أبسط مشكلة تواجهك في جهازك الشخصي، وهكذا كانت الإنكليزية هي الحل، وأي لغة أخرى هي المشكلة، وكانت المعرفة التي تنقل عن الحضارات الأخرى معرفة إنكليزية والتعبير لن يجد له وسيطاً آخر، إذ لم تكن لغات كالفارسية أو العربية في حسبان مصممي البرامج والحروف"، يقول المصمم الهولندي توماس ميلو حول مشكلات اللغات الأخرى مع الإنترنت في بداياته في محاضرة سابقة حول تجربته.

بدأت علاقة ميلو باللغة العربية من دراسته للتركية وسفره إلآ تركيا، والتي تعلّم معها العربية كتخصص ثانوي، كما أنه انتقل إلى العمل فترة في لبنان خلال الحرب الأهلية لذلك فهو حين يتحدث العربية يستخدم اللهجة اللبنانية. مصمم الحروف العربية الرقمية يحاضر اليوم في "مكتبة الإسكندرية" حول "إعداد اللغة العربية للمستقبل الرقمي".توماس ميلو

ميلو أحد مطوري شركة "ديكو تايب"، التي وضعت أول خط نسخي/رقعي يدوي يستعمل في أنظمة النشر الإلكتروني، حيث يعمل ميلو على توحيد اللغات الطباعية أو ما يسميه "الترميز الموحد" كأحد طموحاته، ويقصد به "أن يكون لكل حرف رقم فريد بغض النظر عن المنصة أو اللغة أو البرنامج". لنقل إنه يسعى إلى نوع من المساواة بين اللغات، وبشكل خاص العربية، في عالم التايبوغرافيا الرقمية، إذ يعتبر أحد أبرز من اشتغل في مجال دعم وتطوير المخارج الحروفية العربية لتكون متطابقة مع العصر الرقمي، مع آخرين من بينهم رضا عابديني من إيران وأونور يازجيجيل من تركيا، والإنكليزي ولتر تريسي.

في المحاضرة يناقش ميلو متطلبات وتطورات دخول الخط العربي عالم النشرالمكتبي والصحافي والمرئي ومحاولة التطور مع ما هو متاح من التكنولوجيا، بكل ما في ذلك من تعقيدات تقنية ومادية مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة قدر الإمكان على تقاليد الخط العربي وهندسته وإدخاله إلى التقنية الحديثة بجمالياته وقواعده وتشبيك حروفه؛ الأمور التي شكلت عقبات كبيرة عند تصميم أول خط عربي رقمي.

يتطرق ميلو أيضاً إلى الكيفية التي يمكن من خلالها تحليل النصوص الإسلامية والمخطوطات القديمة وبناء منطقها الداخلي، ثم كيف يمكن تحويل هذا المنطق إلى نماذج حوسبية تؤدي وظيفتها على الكمبيوتر وفي العالم الرقمي.

كما يتناول المصمم الطريقة التي يمكن من خلالها تحويل منطق كتابة القرآن بكل ما فيه من تفاصيل إلى منطق بصري رقمي يدعمه برنامج توحيد اللغات الطباعية، خاصة وأن ميلو ابتكر الخط الأفضل رقمياً لكتابة القرآن حتى الآن.

يعمل ميلو حالياً على البحث في إمكانية تطوير موقع للنشر يعمل كمنصة ثابتة للخطوط العربية، كما يسعى إلى تصميم وتطوير المزيد من الخطوط التي تحمل اللمسة الجمالية وتعمل بشكل متماثل على كافة الأجهزة.

المساهمون