هموم شعرية: مع لينا شدود

18 ديسمبر 2019
(لينا شدود)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته، ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته. "أجهل معايير الشاعر المقروء، أتُقاس بعدد النسخ التي يبيعها، أم بأعماله المطبوعة"، تقول الشاعرة السورية في حديثها إلى "العربي الجديد".

من هو قارئك؟ وهل تعتبرين نفسك شاعرة مقروءة؟ 
- أجهل معايير الشاعر المقروء، أهي تقاس بعدد النسخ التي يبيعها، أم بأعماله المطبوعة أو بالقراءات النقدية المستحسنة لأعماله، أو لعلّها الانتشار الواسع على صفحات التواصل الاجتماعي. الأكيد أن هذه المعايير لا تنطبق عليّ ولا تخصّني ولا أسعى إليها، ومع ذلك أنا شاعرة مقروءة، ولم يخذلني الشعر بعد.


كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلمين به لشعرك؟
- غالباً العلاقة مع الناشر مباشرة وليس ثمة وسيط، وليس لديّ ناشر محدّد، ولا أعتقد أن هذا بالأمر السيىء، إذ أن النشر في دور مختلفة يخلق فرصاً أجمل وأغنى للتواصل مع القراء. غير أنني أتمنى أن تكون تلك العلاقة أكثر وضوحاً، إذ أنه ما المغزى من المراوغة والتجاهل أو التأخير في الرد في حال ارتأت دار نشر ما عدم نشر العمل الشعري؛ "غير البيّاع" على رأي غالبية دور النشر العربية. الغريب في الأمر أنه لا أحد مهتم بتغيير هذا الواقع المؤذي للشعر.


كيف تنظرين إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
- لا شكّ أن هدف كل كاتب الوصول إلى القارئ أينما كان، وخاصة القارئ غير القادر على الحصول على النسخ التي يرغب باقننائها إما بسبب البعد أو لأسباب أخرى، والنشر في المجلات والجرائد والمواقع الإلكترونية كفيل بتمكينه من ذلك، ولو أن بعض الدوريات صارت تتهرّب أو تعتذر عن نشر الشعر تحديداً.


هل تنشرين شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترين تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
- الغالبية العظمى من الكتّاب مهتمون بالنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وإيجابياتً ذلك أكثر بكثير من سلبياته. بالنسبة إليّ أنا ملولة بعض الشيء وغير ملتزمة بالنشر بشكل متواصل، إلا أن رغبتي في الاطلاع على ما كل هو جديد تعيدني إلى التواصل المُلهم مع الأصدقاء والقرّاء معاً.


من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
- القارئ الأول هم الكتّاب أنفسهم، ومن ثم القارئ اللانمطي المشغول بإغواء النصوص الشعرية المكتظّة ببذور التغيير والتجديد والرؤى الوليدة. غالباً هو غير مهتم بالمعايير الصارمة الساهرة على تجريم الأعمال الشعرية المغامرة والمستفزة لحرّاس الأدب.


هل توافقين على أن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟
- فعلاً، الشعر المُتَرجَم مقروء ومرغوب فيه، ودور النشر تسعى باهتمام لنشره أكثر بكثير من الشعر العربي. ربما لأنه قادر على منحنا ما لا يمكن التنبؤ به. رغم ما قد تتسبّب به الترجمة من أذيات جمالية أو لغوية تطال الأسلوب وروح العمل، إلّا أنها تبقى فرصتنا الوحيدة والأثيرة للإطلاع على شعر العالم، ثم إن القارئ الحصيف لن يصعب عليه اكتشاف ما إذا كان الشعر المُتَرجَم الذي بين يديه قيّماً ويستحق القراءة أو لا. بالنسبة إلي، أجد متعة لا تضاهى في قراءة الشعر وترجمته. هي لا شكّ عملية شاقة ولكنها ممتعة وملهمة إلى أبعد الحدود، كونها بعيدة كلّ البعد عن التكرار المنفّر الذي يصنع أدباً بلا سمات.


ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
- التقليد ثم التقليد والحذر الشديد ممن يسعون لمنحه الصفاء المدهش المنشود، والنظر بعين الريبة إلى الأعمال المتمرّدة. حتماً لقد ساهمت نقاط ضعفه التي شكّلتها ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية إلى إرهاقه بفنتازيات شعرية ضحلة، ولا أمل حقيقياً في التخلّص منها في المدى المنظور.


شاعر عربي تعتقدين أن من المهم استعادته الآن؟
- ليس ثمّة من يجب استعادته، إلا أنه من الضروري الاطلاع على ما كتبه الأولون. الزمن متحرك، وما كان لا يمكن إسقاطه على زمننا الحاضر، إذ يكفي أن نستنير ببعض الأعمال الملهمة واعتبارها كعلامات، ولا بأس من التخفّف من إرث ليس بمجمله مهماً ونادراً.


ما الذي تتمنينه للشعر العربي؟
- أن تكون له هوية متجدّدة، تتلافى التأثير المفرط للسلف. شعر يمكّننا من رؤية خيالاتنا وآمالنا في صوره ولغته. ليس الهدف هنا أن نفرغ ذاكرتنا مما مضى وحسب، بل أن يمنحنا الشعر ذلك الأثر المديد للكلمات الموازية للحياة.

بطاقة
شاعرة سورية من مواليد 1966، حاصلة على درجة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي. صدرت لها خمس مجموعات شعرية، هي: "لا تشِ بي لسكان النوافذ" (2009)، و"أمكث في الضدّ" (2011)، و"لمّا استقبلني الماء" (2016)، و"من قلب العالم.. من عالم بلا قلب"(2017)، و"لست أنا.. هذا شبحي" (2018)، إلى جانب ترجمتها لكتاب "الهايكو" للشاعر الأميركي جاك كيرواك.

المساهمون