خُذي منّي الشارع الذي يتألّم

04 أكتوبر 2018
(محسن عمادي)
+ الخط -

1

سلالم الساعة الثانية
تأبَّدت في الساعة الثالثة
شارع الساعة الثالثة، في الساعة الثالثة
قدح الشاي المعدني
وكرسيُّ الخُردة في الساعة الرابعة
أخاف من أبدية الأشياء
لا أحد يستلمُّ ذاكرتي مني
هذا هو لقاؤنا أو أنني لن ألتقي بك
تقرّبين شفتيك أو تبعدينهما
وشاحُك أخضر أم بنفسجيٌّ
تنأين عن الأشياء
وتتأبد فيَّ الأشياء
أجلس على السلالم ذاتها
حتى وإن كنتُ في مدينةٍ أخرى
أشرب الشاي بتلك القدح
حتى وإن كانت فنجان قهوة
أحملني على نفس الكرسي المتحرك
في السيارة وفي السرير وفي الطائرة
تلتصق الأشياء بعقارب الساعة
أنا أدمنتُ أبديتي.


2

الذاكرة أكثر وجعًا من التاريخ
جنكيزخان
يصنع مآذن بالرؤوس المبتورة
التي لا أعرف رائحة ضفائرها
تنهدم المدن صفحةً صفحة
لا جدار يسقط عليَّ
من ذاكرة أبي
لا عطر يستوقفني في الشارع.
أغمض عينيَّ
ومن الرأس الذي يهوي في سطر ما
أصل إلى سطرٍ آخر
يعدو جنكيزخان على يديك
بأظافر مأكولة
أثر الحلقة التي تمّحي
خدشُ الزجاج المكسور
والسكين في المطبخ
أقبِّلُ أناملَكِ
وأقوم بدفن الرؤوس المبتورة.


3

خُذي مني الشارع الذي يتألّم
النافذةَ التي تتألّم
الستائرَ الحمراء
الأرائكَ الحمراء
العطرَ الذي يستوقفني في الشارع
كلَّ الألوان
وعاداتي في التقبيل
حرارةَ جسدي في العناق
هياجي في سلالم بيتك المظلمة
حتى أكون كتابَ تاريخ أقلَّ ألمًا
والمسافة بين جنكيزخان وهولاكو
لا تتجاوز فيه سوى صفحات.


4

أنا جميعُ الحروب التي لم أحارب فيها
جميع النساء اللاتي لم أعشقهن
جميع القصص التي لم تُرو
وأبدية الأشياء التي تعيدك في كلِّ غياب
وتخطف ذكرى أمِّي.
خذي سريري الأحمر وقماشَ ابنك
وتنورتك الوردية.
لا أعرف ما إذا كنتُ طريق الحرير
أو ثقبًا أسود في الفضاء
يعبر مني التجار ورجال الأعمال
ويطرحون ابتسامتك بالمزاد
صوتُ الباعة الجوالين
تائهٌ في الفلك
أسبق ذاكرتي بسرعة النور
الرعد والبرق مريران
حقلُ الألغام مُرٌّ
قهوة السكّر مُرَّةٌ
والخمرة في جمجمتي
الشوكران مُرٌّ
سرعة النور مُرَّة
أنا تائهٌ في الفضاء
وإخلاصي الأسود
ثقيل.


* شاعر إيراني من مواليد عام 1976 ويعيش بين إسبانيا والمكسيك

** ترجمة عن الفارسية حمزة كوتي، و"الشوكران مرٌّ" هو عنوان القصيدة الأصلي. 

اقــرأ أيضاً

 

المساهمون