هل قلتم اتحاداً للكتّاب؟

10 أكتوبر 2015
مانا نايستاني / إيران
+ الخط -

أعلن الشاعر (...) رسمياً العزم على الترشّح لشغل مركز الأمين العام لـ "الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب"، خلال الانتخابات التي ستجري بتاريخ 12 كانون الأول/ ديسمبر 2015، أثناء انعقاد المؤتمر العام السادس والعشرين للاتّحاد. جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي...

بالطبع، لا يهمّ هنا اسم الشاعر الذي "أعلن العزم"، لأنّنا سنعثر على الخبر بصياغات متشابهة، وبأسماء أخرى لشعراء وكتّاب "أعلنوا العزم" أيضاً على الترشّح للمنصب المذكور. المهمّ هو الخبر في حدّ ذاته، لأنه سيذكّرنا بوجود شيء اسمه "اتحاد عام للأدباء والكتّاب العرب".

هل قلتم اتّحاداً عامّاً؟

لا أعرف تماماً إن كان ما زال ثمّة اتّحادات مشابهة للكتّاب والأدباء في العالم، لكنّني أعرف أن الاتحادات العربية (الأصل وفروعه) تمثّل بقايا تلك النظرة الشمولية إلى الثقافة، وأن ممارساتها تشكّل مثالاً صارخاً للبيروقراطية ونموذجاً مصغّراً للأنظمة السياسية؛ حيث تحضر الدسائس وثقافة الريع والشللية وتغيب الشفافية والديمقراطية. هناك، يظلّ الرئيس رئيساً، دون أن تنجح أيّة انتخابات في إزاحته.

دعوني أتحدّث عمّا يُسمّى اتحاداً للكتّاب الجزائريين، ذلك الذي ترأّسته وانضمّت إليه – لا أعرف كيف حدث ذلك - أسماء أدبية مرموقة مثل مولود معمري ومالك حدّاد وعبد العزيز غرمول، قبل أن يصل إلى "شاعر" لم نقرأ له قصيدة ولم نعرف له كتاباً أو مقالة في الصحافة، ولم نسمع له رأياً في الشأن العام (إلاّ إذا كان منسجماً مع الهوى الرسمي).

الغريب أن "الشاعر" انتُخب بشكل مؤقّت، بوصفه الحلقة الأضعف في دائرة الكتّاب المنتمين إلى "الاتّحاد"، بهدف إزاحة رئيسه السابق، ومن ثمّ التفرّغ لإعداد "انتخابات شفّافة ونزيهة"، لكن صاحبنا فاجأ الجميع: تشبّث بمنصبه، كما يفعل أيّ رئيس لأيّ شيء في بلادنا العربية، وعجزت كلّ المحاولات عن إزاحته.

هل علينا أن نتساءل ماذا قدّم "الاتحاد" للثقافة الجزائرية؟

يملك "الاتحاد" مقرّاً في مبنى جميل في شارع رئيسي وسط الجزائر العاصمة، ويستفيد من ميزانية مالية تخصّصها له الدولة، لكنه كاد يكون غائباً تماماً عن المشهد الثقافي، على عكس بعض الجمعيات الثقافية الصغيرة التي تعمل دون مقرّ وتمويل حكومي، غير أنها ترفد المشهد بنشاطاتٍ لا تتوقّف على مدار السنة.

الحقيقة، ولكي نكون منصفين، فإن "الاتحاد" ليس غائباً تماماً، إذ يحضر، بين الفينة والأخرى، في معرض الحديث عن الانتخابات التي لا تأتي في الغالب برئيس جديد، وأحياناً بمناسبة قضايا صغيرة ومثيرة للسخرية. قبل سنواتٍ قليلة، دبّت خلافاتٌ بين أعضائه شغلت الصحافة طويلاً. والسبب، هو "مقهى" داخل مقرّه.

لا يُلام رئيس "الاتحاد" الذي وجد "باب رزق" يكسب منه قوت يومه ويوفّر له سفريات مدفوعة التكاليف إلى بلاد الدنيا، حيث يُقدَّم بوصفه "ممثّلاً للثقافة الجزائرية". اللوم على من لا يزال منخرطاً فيه، على من لا يعتقد بأن الإبداع أمرٌ فردي، يتجاوز الاتّحادات والنقابات والجمعيات وكلّ أشكال السُّلط.

بعد أحداث 5 أكتوبر 1988 وفتح المجال السياسي والإعلامي، سارع أصحاب المهن المختلفة إلى تأسيس اتّحاداتهم ومؤسّساتهم المستقلّة عن الدولة، بدءاً بالصحافيين ووصولاً إلى الفلاّحين والخبازين، إلاّ الكتّاب. بدوا كمن فُتح باب قفَصِه، لكنه رفض أن يخرج منه، لأنه اعتاد دفء العشّ الرسمي.

هكذا، قد نتفهّم تشبّث "قدامى الكتّاب" الذين يعتنقون فكرة الثقافة الرسمية ولا يستطيعون التنفّس خارج بيروقراطيتها. لكن المؤسف، أن نرى كتّاباً وشعراء شباب، يكرّرون أخطاء الجيل القديم.


اقرأ أيضاً: كتّاب المغرب: الاتحاد ليس غنيمة

المساهمون