كيف ستقنع طفلك؟

18 اغسطس 2019
لاعبون من أنحاء العالم اشتركوا في البطولة (إريك أنانمالاي/Getty)
+ الخط -

العالم تغير، وما زال يتغير، لا شكّ في ذلك. ومع التغير في الثقافة المادية وما تضمه من اختراعات ومكتشفات هائلة في المعلومات والاتصالات، فإنّ هناك تغيراً آخر في الثقافة اللامادية، يبرز في التربية والتنشئة الاجتماعية وما تشبّ عليه الأجيال من قيم، وما يحكم العلاقات بين الناس في شتى المجالات.

يقول الخبر في نهاية يوليو/ تموز الماضي، إنّ "الفتى الأميركي كايل غيرسدوف (16 عاماً)، فاز بمبلغ قياسي بلغ ثلاثة ملايين دولار، بعدما أصبح بطل العالم الفردي في لعبة فورتنايت الإلكترونية التي أقيمت مسابقاتها في مدينة نيويورك. ويعدّ مجموع جوائز اللعبة الأكبر في تاريخ الألعاب الإلكترونية، إذ تشارك الفائزون في جوائز بلغت قيمتها 30 مليون دولار". يتابع الخبر: "شهدت نهائيات لعبة فورتنايت 100 لاعب يتقاتلون على شاشات كمبيوتر عملاقة، بينما حاول نحو 40 مليون لاعب التأهل للبطولة، على مدار 10 أسابيع من المنافسات على الإنترنت".

لطالما حثّ الأهل أطفالهم على ترك اللعب والانتباه إلى الدراسة. امتد تراث المنع هذا من الألعاب البدنية، خصوصاً الجماعية الشعبية ككرة القدم، مروراً بألعاب الفيديو ما قبل الإنترنت، وصولاً إلى الألعاب الرقمية المرتبطة بالشبكة، وانتهاء بالنسخ المعدلة من تلك الألعاب المرتبطة تحديداً بالتطور والقفزات في مجال صناعة الأجهزة، إذ بات لكلّ طفل كومبيوتره المحمول أو جهازه اللوحي أو هاتفه الذي يعبر منه إلى عالم افتراضي كامل مليء بملايين اللاعبين من أمثاله، ممن يتصارعون مع أهلهم حول الأولوية أهي للدرس أم للعب. الأزمة الحاصلة هي نفسها تتكرر، كما كانت مع لاعبي الرياضات المحترفين، من كرة قدم وسلة وتنس وفنون قتالية مختلفة، وهي أنّ الأهل يريدون لأطفالهم أن يتعلموا كي يؤمّنوا مستقبلهم في وظيفة ذات أجر ثابت، والأطفال ينظرون إلى أيقوناتهم من النجوم العالميين وما يتقاضون من أجور مختلفة، باعتبارهم الدليل الأصيل على فوائد الرياضة على الصعيد نفسه الذي يتحدث عنه أهلهم، وهو المال.



لكنّ الوضع أخطر الآن، فإمكانية التنافس مفتوحة للجميع من أيّ بلد كانوا، فليس لاعب الكرة العربي محتاجاً للسفر إلى إيطاليا أو ألمانيا كي يغامر لخوض تجربة مع فريق لن يقبله على الأرجح. هو هنا، من غرفة نومه قادر على منافسة أبطال لعبة إلكترونية، إن وصل إلى نهائياتها سيحظى بفرصة لم يحظَ بها مجموع سكان الحيّ الذي يعيش فيه ربما، فكيف سيقنعه الأهل بأن يركز على دروسه، بينما ينتظر شقيقه المتخرج منذ ثلاث سنوات "واسطة" تتيح له وظيفة متواضعة لا أكثر!؟
المساهمون