رمضان المغرب... كورونا يفرض سطوته على العادات

23 ابريل 2020
الإقبال ضعيف خوفاً من العدوى (العربي الجديد)
+ الخط -

فرض فيروس كورونا الجديد سطوته على استعدادات المغاربة لشهر رمضان، واضطرهم إلى التخلي عن عادات كثيرة ألفوها وتقاليد درجوا عليها، وذلك على خلفية إجراءات مواجهة الوباء العالمي التي حدّت بشكل لافت من تحركاتهم اليومية. وفي الوقت الذي اعتاد فيه المغاربة الإقبال الكثيف، منذ شهر شعبان، على الأسواق من أجل التبضّع والتهيؤ لإعداد موائد رمضان، بدا لافتاً أنّ تدابير حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المغرب منذ 20 مارس/ آذار الماضي قد أثّرت سلباً على الوضع هذا العام بسبب إغلاق محال تجارية عدّة.

"السويقة"، القلب التجاري النابض للمدينة العتيقة في الرباط، فقدت سحرها ونكهتها وبدت قبيل شهر رمضان خالية، هي التي كانت تعجّ بالحياة وبالحركة طوال أيام السنة. فقد أوصدت محال تجارية كثيرة أبوابها، وما بقي مفتوحاً منها قلّ زبناؤه، وهم من الراغبين في شراء توابل وأعشاب وقطاني ومكسّرات تُستخدم في إعداد أطباق وحلويات موائد المغاربة في رمضان.

في جولة لـ"العربي الجديد"، أكّد كثيرون توفّر السلع والمستلزمات الضرورية، بيد أنّ تفشي فيروس كورونا في البلاد انعكس سلباً على حركة السوق. يقول إدريس، وهو بائع: "الحمد لله، ثمّة وفرة وتنوّع في العرض. لدينا تمور مغربية وأخرى مستوردة وتوابل وفواكه مجففة، لكنّ وتيرة الإقبال أقلّ من تلك التي عهدناها بسبب ملازمة أغلبية الأسر بيوتها والتزامها بتدابير الحجر المنزلي". ويشير إلى أنّ "الظروف الاستثنائية التي فرضتها أزمة كورونا أفقدت المواطنين نكهة التسوّق استعداداً للمناسبة".

ولا يبدو بائعو الحلويات المغربية مثل "الشباكية" و"المخرقة" و"البريوات" أفضل حالاً، لا سيّما بعدما آثرت أسر عدّة، التزاماً بإجراءات الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي، تحضير الحلويات المغربية في البيوت بدلاً من شرائها. ويقول محمد، وهو بائع حلويات في السويقة: "نسجّل عادة إقبالاً كبيراً على الحلويات والأطباق التقليدية من قبيل السفوف قبل بداية الشهر الفضيل، لكنّ زبائن كثيرين بحسب ما يبدو فضّلوا إعدادها هذا العام في بيوتهم، ما أثّر بشكل كبير على مداخيلنا اليومية. لكنّ الأهمّ هو الحفاظ على حياة المواطنين. ونسأل الله أن يرفع عنّا الوباء لتعود الحياة إلى طبيعتها".



ومن أبرز العادات التي دأب عليها المغاربة قبيل حلول شهر رمضان، تبادل التهنئة والزيارات وإقامة الولائم، بيد أنّ الظروف الاستثنائية التي فرضها فيروس كورونا غيّبت ذلك وجعلت الناس يتكيّفون مع الواقع الجديد بملازمة بيوتهم والاكتفاء بالتواصل عبر الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي. وفي الوقت الذي يمثّل فيه شهر رمضان مناسبة دينية واجتماعية للتقارب الأسري، تلقي أزمة كورونا بظلالها على إحياء صلة الرحم، علماً أنّ المغاربة كانوا يحرصون على دعوة بعضهم البعض للاجتماع على مائدة إفطار واحدة وتشارك أوقات معاً. فالفيروس الجديد يفرض التباعد والالتزام بالتواصل عن بعد، الأمر الذي ينبئ بتراجع مبادرات مساعدة المحتاجين في هذا الشهر، سواء من خلال تنظيم موائد إفطار الصائمين أو توزيع المواد الغذائية على الفقراء بهدف تعزيز التكافل والتضامن بين كلّ أفراد المجتمع.

وشهر رمضان يكتسب قدسية وأهمية كبيرتين لدى المغاربة، فهم يستبقون حلوله عادة من خلال تهيئة بيوت الرحمن للمصلين، إلا أنّ كورونا الذي دفع السلطات إلى إصدار قرارات بإغلاق المساجد حرمهم هذا العام من الأجر ومن أجواء روحانية في المساجد في أثناء صلاة التراويح والقيام والتهجد. ويقول خالد، وهو إمام مسجد، لـ"العربي الجديد": "سنضطر إلى الاستغناء عن طقوس كثيرة تميّز بها شهر رمضان وفي مقدّمتها صلاة التراويح في المساجد وما يرافق ذلك من أجواء إيمانية. رمضان هذا العام سيكون من دون طعم". وكانت السلطات المغربية قد أعلنت، السبت الماضي، عن تمديد حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد حتى 20 مايو/ أيار المقبل، من ضمن تدابير للسيطرة على الفيروس. كذلك قرّرت إغلاق المساجد حتى إشعار آخر تفادياً لأيّ "كارثة وبائية".



وفيما راجت قبل حلول رمضان بأيام قليلة مجموعة من الدعوات عبر المنصات الاجتماعية قصد تأدية صلاة التراويح بشكل جماعي على أسطح المباني، رغم الخطر الذي قد يشكّله على المصلين في ظل التفشي السريع لفيروس كورونا، حسم المجلس العلمي الأعلى الجدال والنقاش المثار بشأن الاجتماع للصلوات، خصوصاً صلاة التراويح في خلال شهر رمضان، وأكّد أنّ الصلاة في المنزل تعوّضها وأنّ الحفاظ على الحياة مقدّم شرعاً.