الحكومة الأردنية تلجأ إلى الطلاب لإنهاء إضراب المعلمين المتواصل

01 أكتوبر 2019
امتثلوا لقرار نقابتهم باستمرار الإضراب (Getty)
+ الخط -
استجاب عدد محدود من الأهالي في الأردن، لدعوة وزارة التربية والتعليم لإرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية، اليوم الثلاثاء، غير أن المعلمات والمعلمين امتثلوا لقرار نقابتهم باستمرار الإضراب، الذي دخل أسبوعه الرابع يوم الأحد الماضي.

ووجّهت وزارة التربية والتعليم الليلة الماضية، رسائل نصية عبر الهواتف للمواطنين الأردنيين، تدعوهم من خلالها لإرسال أبنائهم الطلاب إلى المدارس، اعتباراً من صباح الثلاثاء الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كما تمّ رفع لافتات على بعض الشوارع، وإعلانات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأعلنت الوزارة في بيان صادر عنها اليوم الثلاثاء، انتظام العملية التعليمية في 1014 مدرسة حكومية للذكور والإناث بشكل كلي وجزئي في مديريات تربية وتعليم مختلفة، حتى الساعة العاشرة والنصف صباحا، مشيرة إلى انتظام 71758 طالبا وطالبة في صفوفهم، وبما يُشكّل نحو 5 في المائة من عدد الطلاب في مختلف أنحاء المملكة.

ويصل عدد التلاميذ في المدارس الحكومية في الأردن إلى نحو مليون ونصف المليون تلميذ في 3870 مدرسة، في حين يصل عدد المعلمين إلى نحو 120 ألفاً.

وتعليقاً على ذلك قالت نقابة المعلمين الأردنيين، إنّ المعلومات التي تنشرها بعض وسائل الإعلام بأعداد المدارس التي كسرت الإضراب هي أرقام وهمية لا صحة لها، وإن هدفها النيل من إرادة المعلم والتجييش ضده في مطالبه المشروعة، داعية المعلمين إلى عدم الالتفات إلى هذه الوسائل التي ابتعدت عن المهنية والموضوعية، وفق وصفها.

وشهدت بعض المدارس محاولات للضغط على المعلمين والمعلمات لفكّ الإضراب، عبر أفراد من المجتمعات المحلية، وفي أحيان قليلة من قبل مسؤولين حكوميين، فيما تم تداول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تأهب أمني في بعض الوحدات الشرطية.

وأعلن مصدر في وزارة التربية والتعليم، أنّ الوزارة ستبدأ مع نهاية دوام اليوم الثلاثاء الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، باتخاذ إجراءات إدارية بحق المعلمين الممتنعين عن التدريس، موضحا أن الإجراء الإداري يقتضي الخصم من رواتب المعلمين غير الملتزمين بالعملية التعليمية، بحيث يكون الحد الأدنى 15 دينارا (21 دولارا) عن كل يوم لا يلتزم به المعلم أو المعلمة في إعطاء الحصص المخصصة له في الغرف الصفية.

وأكدت وزارة التربية والتعليم في بيان آخر، أنها ستعمل على إنهاء تكليف عدد كبير من المعلمين الذين يقومون في الفترة المسائية بتدريس الطلبة السوريين، موضحة أن هذا القرار ستتبعه إجراءات إدارية تلتزم بها الوزارة، سعياً منها لحفظ حق الطلبة بالتعليم الذي تضرر منذ بدء تنفيذ الإضراب.

كما خصصت الوزارة العديد من الأرقام الساخنة لاستقبال ملاحظات الأهالي، مؤكدة استعدادها التام لاستقبال ملاحظات وشكاوى المواطنين.

وأوقف مدعي عام محكمة صلح الوسطية في محافظة إربد شمال الأردن، معلمين اثنين 15 يوما، وفق ما صرح به رئيس فرع نقابة المعلمين في إربد، شرف عبيدات، بتهمة الامتناع عن أداء الوظيفة العامة.

أين يقف الإعلام

وفي ظل الصراع الدائر بين الحكومة والنقابة ومحاولات كل طرف إنهاءه لصالحه، فإن الإعلام يلعب دورا مهما في ذلك؛ ففي الوقت الذي تميل فيه الكفة في وسائل التواصل الاجتماعي لمؤيدين للنقابة وإضرابها، تصطف الكثير من وسائل الإعلام التقليدية بشكل واضح إلى جانب الحكومة وتوجهاتها.


وفي هذا الاطار، يقول الخبير الإعلامي ورئيس لجنة الحريات الصحافية في نقابة الصحافيين الأردنيين يحيى شقير لـ"العربي الجديد"، إنّ الصحافة التقليدية في الأردن تاريخياً كانت تنام في حضن الحكومة، ولم تعد تقدم للقارئ سوى وجهة نظر تمجد أعمال الحكومة، أو تبرر فشلها.

ويشير شقير إلى تراجع الصحافة التقليدية في الأردن خلال السنوات الخمس الماضية، وإلى أن هذه السلطة تاريخيا هي إحدى أهم سلطات الرقابة على الحكومة، وعلى هذه الأخيرة أن تخشاها، وليس العكس، كما يحدث حاليا، مضيفاً "عندما تصبح الصحافة "ببغاء" تردد ما تقوله الحكومة، تكون صالحة فقط لتنظيف زجاج النوافذ".

ويتابع "في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات غدت منصات التواصل الاجتماعي تقوم بالدور الطبيعي للصحافة، لتكون صوت من لا صوت لهم، ومن يعيشون في أطراف البلاد، في القرى والبوادي"، لافتا إلى أن مثل هذه المنصات أصبحت منافسا لوسائل الإعلام التقليدية، والأكثر تعبيرا عن الرأي العام الأردني.



ويكمل "في نظرة سريعة على ما تنشره الصحافة التقليدية في قضية إضراب المعلمين يتبين  أنها أداة حشد خلف الحكومة، ولا يوجد فيها الرأي الآخر إلا على خجل، عكس منصات التواصل الاجتماعي التي من السهولة أن تقرأ فيها أصواتاً متعددة، مع الحكومة وضدها.

وينبه شقير إلى انتشار الذباب الإلكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، ومحاولة التدخل والتأثير على الرأي العام، بطريقة غير عادلة للدفاع عن رأي ووجهة نظر الحكومة، مضيفا "هذا يكشف أن الحكومة الأردنية تحاول استخدام آليات قديمة لمواجهة أحداث متغيرة وجديدة".

ورغم السجال الدائر في الإعلام وعلى مواقع التواصل حول إضراب المعلمين، لا يتوقع شقير أن يتسبب الإعلام بحدوث شرخ في المجتمع الأردني، أو صراع طبقي، بسب ارتفاع نسبة المتعلمين في الأردن ووجود إجماع وطني على التعددية، وأن الوحدة الوطنية مصونة في كل الأحوال. وكانت المحكمة الإدارية قد قررت، الأحد الماضي، وقف تنفيذ إضراب المعلمين إلى حين البت في دعوى قضائية مرفوعة من قبل اثنين من أولياء أمور الطلبة ضد مجلس نقابة المعلمين، ووزير التربية والتعليم، الدكتور وليد المعاني.​


المساهمون