متى يختفي داعش؟

29 يوليو 2016
ورود وهدايا لضحايا اعتداء نيس (فاليري هاش/فرانس برس)
+ الخط -
لا يمرّ أسبوع قبل أن يتبنى تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً دموياً، من الموصل والرقة، إلى بغداد ودمشق، مروراً بسيناء وسرت وسوسة، وصولاً إلى بروكسل وباريس ونيس وميونخ.
لم تعد تلك العمليات التي سقط فيها عشرات المدنيين، ظاهرة استثنائية بل واقع مكرر، ولم يعد التنظيم يعتمد على عناصره المدربة، بل على أشخاص عاديين لا يمكن تمييزهم في مجتمعاتهم. باتت صفة "الذئاب المنفردة" تطلق على كثير من منفذي تلك العمليات.

هنا يكمن الخطر، لقد أطلق تنظيم الدولة، سواء بقصد أو دون قصد، الإرهابي الكامن داخل آلاف البشر حول العالم. منح آلافاً من غير المقاتلين بالأساس، طريقة للتنفيس عن أمراضهم أو غضبهم، أو ربما وسيلة لمعاقبة العالم على الظلم الواقع على فئات أو دول أو مناطق، حتى لو كانت تلك الوسيلة هي القتل.

يدّعي التنظيم أن الإرهاب رد فعل على الظلم المتفشي، ويروّج لذلك قائلاً: أوقفوا الظلم يتوقف القتل. رسالة ظاهرها الحق وباطنها الباطل، فرغم انتشار الظلم حول العالم، إلا أن رسالة التنظيم المتطرف واضحة الزيف، فلا يمكن بحال لجم الظلم بالظلم.

ثم ما الذي يؤكد أنه في حال اختفى الظلم، على ما في الفكرة من خيال جامح، سيختفي تنظيم الدولة؟! ما الذي يمنع التنظيم وقتها عن ظلم ملايين البشر بدلاً ممن يظلمونهم حالياً؟!
قبل عامين تقريباً، بدأ التنظيم يروّج بيانات وتقارير وصوراً ومشاهد فيديو حول عملياته في أنحاء العالم، وفي المقابل كانت دول، عربية وغربية، تجتهد لنفي تلك البيانات ببيانات مضادة، وتحاول محاصرة التنظيم المصنف إرهابياً بكل الطرق، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

مع تكرار التنظيم بياناته، وتكرار البيانات المضادة، بات جلياً لكل متابع أن بيانات التنظيم الإرهابي عادة دقيقة، وأن البيانات المضادة عادة مضللة أو كاذبة، وعليه اكتسب التنظيم ومنصاته الإعلامية، والتي باتت تتزايد بشكل مطرد، مصداقية في مقابل زيادة الشكوك القائمة أصلاً في المصادر الرسمية.

في العام الأخير، بات التنظيم يتبنى عمليات عدة في أنحاء العالم، قبل أن يتم لاحقاً كشف أنه لا علاقة له بها على الإطلاق. تكرّر الأمر عدة مرات، حتى أصبحت الشكوك في بيانات التنظيم واقعاً، وإن كانت بيانات أخرى له صحيحة.

ربما يمكن النظر إلى تنظيم الدولة كعقوبة "إلهية" لسكان عالم مدان بانتشار الظلم بشكل غير مسبوق، لكن بقاء التنظيم يستحدث مزيداً من الظلم، ويضيف الكثير من المظلومين، ولا شك أن العالم بدونه كان أقل بؤساً وعنفاً. يظل السؤال: كيف ومتى يختفي داعش؟ وهل سيتغير تفكير العالم عندها؟ سنرى إن عشنا.

دلالات
المساهمون