بشار الخلف يتمنى العودة إلى المدرسة

22 فبراير 2018
"أتمنى أن تنتهي الحرب" (العربي الجديد)
+ الخط -
جراء الحرب المستمرة في سورية منذ العام 2011 وحتى اليوم فقد الكثير من الأطفال طفولتهم، وحرموا من مقاعد الدراسة، ومن بيوتهم، ومن أصدقائهم، حتى إن الكثيرين منهم حرموا من أهلهم.

بشار الخلف، ابن الثلاثة عشر ربيعاً، حاله كحال أي طفل سوري أجبرته الحرب على ترك بيته والنزوح إلى مكان آخر بحثاً عن الأمن والأمان ولقمة العيش، هو الذي فقد المعيل الذي كان يؤمن له ذلك.

يجلس بشار مع أخيه محمد على رصيف قريب من مخيم مار الياس للاجئين الفلسطينيين في بيروت، ليبيع المكانس للمارة، علماً أن تلك المساحة خالية من المارة الذين قد يستفيد منهم في المبيع. يفترش الأرض، ليأخذ قسطاً من الراحة بالقرب من مدرسة حُرم منها، وفي يده علبة من اللحم المعلّب التي يحاول فتحها ليأكلها من دون خبز.

يتحدّر بشار من ريف الرقة. كان يعيش هناك مع عائلته ويساعد والده في رعي الغنم، فعمل والده كان في تجارة الغنم. وقد خسروا كل ما يملكون من رؤوس الغنم أثناء الحرب، لكنهم وعلى الرغم من ذلك بقوا في بيتهم إلى أن قُصِف المنزل. بعد ذلك قام مسلحون بإطلاق النار على جد بشار الذي قتل على الفور. حدث هذا المشهد أمام ناظري والد بشار الذي أصيب بذبحة قلبية في وقت لاحق. بعدها اضطرت العائلة للمغادرة ونزحت إلى لبنان حيث تعيش اليوم في منطقة الرحاب، في بيروت.

يخبر بشار قصته: "عندما جئنا إلى لبنان استأجرنا منزلاً لنعيش فيه بمبلغ مائتي دولار أميركي. أعيش مع أمي وأخوتي. أخواتي البنات الأربع ما زلن في المدرسة، وعندي أخ صغير أيضاً في المدرسة. أبيع أنا وأخي محمد، الذي يكبرني سناً، المكانس حتى نستطيع توفير المال الذي يساعدنا على تأمين إيجار المنزل، وتوفير الملبس والمأكل". يتابع: "نجول أنا وأخي طوال ساعات النهار من أجل بيع بضاعتنا، ونعود عند المساء، وفي مرات كثيرة لا نبيع شيئاً".



يضيف بشار: "تركت المدرسة في سورية بعدما ضربني الأستاذ. صرت أذهب مع أبي لرعي الغنم. أما هنا فلا أستطيع الالتحاق بالمدرسة، لأنه يجب أن أعمل لتوفير ما نحتاجه من مال، فنحن ليس لدينا أي معيل، وليس هناك من يقدم لنا أي مبلغ ولا حتى المؤسسات الخيرية. صرت أنا المعيل الوحيد لأمي وأخوتي بالإضافة إلى أخي محمد".

يتابع بشار قصته: "أحب العودة إلى المدرسة، مثل أي طفل آخر، لكن الأمر صعب حالياً. أتمنى أن يحصل ذلك عندما نعود إلى سورية، وإلى بيتنا وأهلنا. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأعود مع عائلتي حتى لو كان بيتنا مدمراً. سنعاود بناءه من جديد. لأننا هنا نعيش حالة سيئة جداً، وليس لدينا ما يكفينا. في سورية إن لم أتمكن من العودة إلى المدرسة، فسأعود إلى عمل والدي الذي يغنيني عن الشعور بالمهانة وأنا أتجوّل في الشوارع ليحنّ عليّ احدهم فيشتري مما أبيع، والذي يجنبني العبارات القاسية والشتائم التي نتعرّض لها أنا وأخي كل يوم في الشارع".
المساهمون