تلوث الهواء لا يرحم جسم الإنسان

18 يونيو 2019
تحاول حماية نفسها (ألفريدو إستريلا/ فرانس برس)
+ الخط -

غالباً ما يربط الناس بين تلوّث الهواء وأمراض الجهاز التنفسي. إلّا أن الهواء غير النظيف قد يؤثر على مختلف أعضاء الجسم ويؤدي إلى الإصابة بأمراض كثيرة،  منها أمراض السرطان والكبد السكري وغيرها.

ليس سرّاً أن تلوث الهواء يسبّب أضراراً صحية، بحسب مراجعة أعدتها اللجنة البيئية لمنتدى الجمعيات الدولية للجهاز التنفسي. وتبين الضرر الناتج عن تلوّث الهواء على صحة الإنسان، إذ يسبب أمراض القلب والرئة والسكري والخرف، ومشاكل في الكبد وسرطان المثانة وهشاشة العظام وغيرها، كما يؤثر على الخصوبة والأجنّة. وتشير التقديرات إلى أن نحو 500 ألف حالة وفاة بسرطان الرئة، و1.6 مليون حالة وفاة بالانسداد الرئوي المزمن مرتبطة بتلوث الهواء. كما يعدّ مسؤولاً عن 19 في المائة من وفيات القلب والأوعية الدموية، و21 في المائة من وفيات السكتة الدماغية.

في هذا الإطار، تواصلت "العربي الجديد" مع الطبيب والباحث في أمراض السرطان البروفيسور فيليب سالم، للتعرّف عن كثب على ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض السرطان نتيجة تلوث الهواء. ويقول إن الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) خلصت في دراساتها إلى أن تلوث الهواء الخارجي يسبّب سرطان الرئة، كما يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة. يضيف أن مكوّنات الهواء الخارجي الملوث تعد عوامل مسرطنة، منها عوادم محركات الديزل، والمذيبات، والمعادن، والغبار وغيرها. لكن في الآونة الأخيرة، عُدّ تلوث الهواء الخارجي عاملاً مسبّباً للسرطان.

ويوضح سالم أنّ تلوث الهواء يزيد خطر الإصابة بأمراض أخرى غير السرطان، تحديداً أمراض الرئة. وفي عام 2010، أدى إلى 3.2 ملايين حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، منها 223 ألفاً إصابة بسرطان الرئة. ويوضح أنّه وفقاً للوكالة الدولية، فإن المصادر الصناعية التي تساهم في تلوث الهواء الخارجي هي النقل، وتوليد الطاقة الثابت، والأعمال الصناعية والزراعية، والتدفئة، والطبخ. يتابع أن للتدخين أثراً أكبر بكثير على الإصابة بسرطان الرئة من تلوث الهواء، كونه يرتبط بثلث الوفيات الناجمة عن السرطان في كل أنحاء العالم.




وعن مخاطر تلوث الهواء في المملكة المتحدة بالمقارنة مع دول أخرى، يشير سالم إلى أنها تعد منخفضة إلى حد ما. ونظراً لأن مستويات ما يعرف بإسم PM2.5 (جسيمات مجهرية مسؤولة في كثير من الأحيان عن المشاكل الصحية الناجمة عن تلوث الهواء) منخفضة نسبياً، فإن الخطر يبقى ضئيلاً إلى حد ما. على الرغم من ذلك، فإن التقديرات الإجمالية تقارب 1/10 لناحية حالات الإصابة بسرطان الرئة في المملكة المتحدة، نتيجة تلوث الهواء.
كما يتحدّث سالم عن ثاني أوكسيد النيتروجين كأحد ملوثات الهواء. ويقول إن المملكة المتحدة، خصوصاً في المدن، تنتهك معايير الاتحاد الأوروبي. لكن ليس من الواضح تماماً ما إذا كان ثاني أكسيد النيتروجين قد يسبب السرطان بشكل مباشر. من جهة أخرى، وإضافة إلى تلوث الهواء الخارجي، يمكن أن يكون لتلوث الهواء الداخلي مخاطر أيضاً نتيجة مصادر عدة، بما في ذلك الوقود المستخدم لتدفئة المنازل والطهي، ودخان التبغ. وفي المملكة المتحدة، فإن أكثر أنواع تلوث الهواء الداخلي شيوعاً هو التدخين غير المباشر.

ويختم سالم حديثه قائلاً: "التدخين خارج البيت يقلّل تعريض الآخرين في المنزل للضرر، والإقلاع عن التدخين سيكون له فوائد على صحة الفرد المدخن وصحة من حوله". ويُعد تلوث الهواء من المخاطر البيئية الرئيسية المحدقة بالصحة بحسب منظمة الصحة العالمية. ويعاني أكثر من 90 في المائة من سكان العالم من جراء الهواء الخارجي السام. ويشير تحليل جديد إلى وفاة 8.8 ملايين شخص في وقت مبكر كل عام أي ضعف التقديرات السابقة، ما يجعل تلوث الهواء أكثر خطراً بل وقاتلاً أكبر من التبغ.




لكنّ تأثيرات الملوثات المختلفة واحتمال زيادة نسبة الأمراض في حاجة إلى أدلة. وتفيد صحيفة "ذا غارديان" بأن فشل القلب والفشل التنفسي هما جزء من أمراض تلوث الهواء. ووصفت منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء بـ "القاتل الصامت". وتبدأ الآثار الضارة للهواء الملوث في الرئتين والقلب لدى استنشاقه، ما يؤدي إلى مشاكل في التنفس، وأمراض مثل الربو، وانتفاخ الرئة، إضافة إلى سرطان الرئة. وبات هناك أدلة على أن تلوث الهواء تنتج عنه أضرار كبيرة ليس على الرئتين فقط، لكن القلب أيضاً. كما يزيد من خطر النوبات القلبية ويؤثر على الشرايين ويضعف العضلات. ويقول البروفيسور دين شرافناغل من جامعة إلينوي في شيكاغو، والذي قاد البحث، إنّ الدراسات أظهرت أنّه يمكن للهواء الملوث أن ينتقل مباشرة إلى الدماغ. يضيف أن بعض الأبحاث تشير إلى أن تلوث الهواء يمكن أن يؤثر على عمل الجينات. يضيف أنّ السكتات الدماغية والخرف وانخفاض نسبة الذكاء كلها مشاكل ترتبط بتلوث الهواء، موضحاً أن قلة النوم يمكن أن تكون نتيجة لتنفس الهواء السام. ويتابع أن تلوث الهواء يؤثر على الكبد أيضاً. وتربط الأبحاث بين تلوث الهواء والإصابة بأمراض السرطان، بما في ذلك في المثانة والأمعاء، كما زادت نسبة الإصابة بمتلازمة القولون المتهيج أو القولون العصبي.