"سيران" دمشق نزهة تحت القصف

17 فبراير 2014
+ الخط -

ظل "السيران" لسنوات طوال عادة مجتمعية حافظ عليها السوريون، على اختلاف المناطق التي يقطنون فيها قبل اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد، طالما ساعدتهم على تناسي أعباء الحياة المختلفة في عطلة نهاية الأسبوع.

ويبدأ التحضير للنزهة الخلوية المعروفة شعبيا باسم "السيران" بتحضير أدواته البسيطة التي تضم معدات بسيطة للطهي، وصنع المشروبات، وبعض السلطات والماء والعصائر إضافة الى الوجبة المراد تناولها والتي تختلف وفقا لميزانية العائلة فربما تتكون من المشاوي التي يمكن اعدادها في الطبيعة على منقل الفحم أو وجبة أخرى تعدها ربة المنزل ثم يتم تناولها في المكان المقصود.

وكان الدمشقيون عادة يقصدون أماكن محددة للسيران تمتد على طول طريق المطار أو باتجاه قرى وادي نهر بردى حيث الماء والخضرة، كما كان بعضهم يقصد الغوطة التي أصبح من الصعب حاليا أن يشدوا رحال سيرانهم إليها، مثلما حرم من يعيش داخلها من التمتع بسيران جميل في حدائق دمشق.

وبعدما كان السيران عادة أسبوعية لدى الكثير من الأسر السورية بات أمرا نادرا خاصة في ظل ارتفاع أسعار مواد السيران الأساسية، والمفارقة الحقيقية أن يستبدل كثيرون التنزه والسيران داخل الغوطة الدمشقية وسط جمال الطبيعة بسيران من نوع أخر قوامه الذعر من أصوات الهاون والمدافع الثقيلة وزخات الرصاص ومشاهدة الطلعات البهلوانية للطيران في سماء الغوطة وممارسة رياضة الركض لتجنب أماكن سقوط الصواريخ ثم ممارسة هوايتهم في إنقاذ الناس وحملهم بسرعة إلى المستشفيات الميدانية في طرقات السيران السوري.

ويظل استمتاع أهل الغوطة بالسيران الدامي وسط الطبيعة الجميلة يحسدهم عليه سكان العاصمة الذين افتقدوا الوصول الى أماكن السيران التقليدية، فقاسيون مثلا تحولت إلى منصة لإطلاق الألعاب النارية القاتلة باتجاه الغوطة الدمشقية ،التي خصها النظام بهذه الميزة، كما خص بعض سكان العاصمة بمسيرات سيران تؤكد وتثني على الجهد المبذول في هذا الاتجاه حتى لا يشعروا بالملل في منازلهم.

أصبح السيران على بساطته في السنوات الثلاث الأخيرة، عبئا كبيرا لا يمكن للعائلة السورية تحمل تكاليفه المختلفة، فاكتفى سكان العاصمة السورية أو ضواحيها بالنعمة التي حلت عليهم بالتسكع في شوارع دمشق في طريقهم إلى أعمالهم أو منها إلى بيوتهم ممارسين بذلك رياضة المشي للمسافات الطويلة في ظل صعوبة حركة وسائل النقل نتيجة ازدحام الحواجز على مداخل العاصمة.

دلالات
المساهمون