ازدهار سوق المنتجات الطبية والوقائية المزيفة في زمن كورونا

10 ابريل 2020
المواد حاسمة بالنسبة للطواقم الطبية (ساشا شفيرمان/ Getty)
+ الخط -
ازدهرت عبر المواقع الإلكترونية مبيعات المنتجات الصحية والمعقمات المزورة، وذلك منذ انتشار فيروس كورونا الجديد وتحوله إلى وباء عالمي. تتعدد أساليب الاحتيال في هذا النوع من التجارة، ما يعرض حياة المستهلك للخطر
تتوالى التحذيرات من المسؤولين الصحيين الدوليين والجهات الأمنية في عدد من دول العالم بشأن مبيعات اللوازم الطبية والوقائية المزورة وغير الموثوق من سلامتها وفعاليتها، عبر الإنترنت، وهي المبيعات التي ازدادت في زمن فيروس كورونا الجديد. ولا يقتصر الأمر على المستهلكين الأفراد، بل تعرضت مؤسسات حكومة وشركات خاصة ومستشفيات ومراكز طبية لسرقة أموالها، كما تسلّم بعضها مواد غير فعالة.

نقلت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية أخيراً، عن روديغر شميت، وهو رئيس خدمة رعاية المرضى في إحدى الشركات الطبية، أنّ لدى شركته نقصاً بالكمامات، ويقوم مع المساعدين له بخياطة عدد منها في أوقات الفراغ، لا سيما مع عدم تلقيه من إدارة الصحة المحلية سوى 40 كمامة، أخيراً. ويعقب: "هذا العدد لا يكفي، فهذه الكمامات تدوم ليوم واحد فقط، ولدينا 45 موظفاً يرعون المرضى في منازلهم". يتابع أنّه بحث عن مصدّرين عبر الإنترنت، لكنّ الأسعار باهظة، وغير منطقية، خصوصاً أنّ النوعية رديئة. يلفت إلى أنّهم يعيدون غلي وتعقيم الكمامات القماشية لإعادة استخدامها: "من دون معدات وقاية يجب إعادة المرضى إلى المستشفيات".



وتحدث أشخاص يديرون عيادات طبية عن كثير من العروض المريبة، من بينهم أولاف بيرس، الذي يزود نحو 400 مستشفى ومركز تمريض ومراكز أخرى، في ألمانيا، بالمواد الطبية من جميع الأنواع. يشكو من أنّ التجار تحولوا إلى "مرابين وحوش همّهم الإثراء". وقال ديتر فلستروم، رئيس قسم المشتريات في إحدى عيادات بافاريا، إنّ أسعار المواد باتت خيالية، مضيفاً: "زملاء لي في بعض المستشفيات يائسون إلى حدّ أنّهم يشترون كلّ شيء. تجار الجملة تلقوا تحذيرات من الإدارات الرسمية تشير إلى تزايد أعداد المزودين المشكوك في بضاعتهم، إذ يحاول هؤلاء الاستفادة من تفشي فيروس كورونا الجديد".

وفي خضم ذلك، كشفت تقارير أنّ العمل ضمن القطاع الصحي بات مرهقاً، وقد خرج السوق عن نطاق السيطرة بخصوص مختلف أنواع المعدات، من نظارات وملابس واقية وقفازات وكمامات وغيرها، فالأسعار مرتفعة جداً، والمحتالون، وكذلك بعض التجار، يريدون استغلال الصيادلة والمراكز الطبية ببيعهم مواد مزيفة، وهذا ما يعرّض الأطباء والممرضين للخطر.

في هذا الإطار، حذر النائب في البوندستاغ الألماني (البرلمان الاتحادي) والخبير الصحي، كارل لوترباخ، من انهيار السوق العالمي في غضون أسابيع قليلة، مطالباً بأن تنتج ألمانيا الملابس الواقية بنفسها. كذلك، طالب بتدخل الحكومة فوراً لتنظيم المشتريات وعمليات التوزيع، معرباً عن اعتقاده بأنّه من خلال الاتفاقات بين الوكالة الاتحادية والشركات المصنعة يمكن التعامل من دون مصادرة الدولة لتلك القطاعات، مشيراً إلى ضرورة حماية الحلقة الأضعف، أي بيوت المسنين ودور التمريض، فترك المسألة يهدد هؤلاء بالموت بسبب النقص في معدات الوقاية .

وكانت وزارة الصحة الاتحادية الألمانية، بهدف تسريع عملية شراء المواد الطبية، قد لجأت إلى ما يعرف بالـ"أوبن هاوس"، وهي طريقة لا تتفاوض الدولة فيها، بل تطلب وتشتري وتدفع، مع بعض الشروط البسيطة، من بينها توفر الحد الأدنى من المعايير في البضائع، والتزام المزودين بتسليم كميات معينة. وأشار وزير الصحة، ينز شبان، إلى تقديم أسعارعادلة وثابتة لجميع المزودين من ألمانيا وخارجها، على أن يجري توزيع هذه المواد لاحقاً على المؤسسات الصحية في الولايات.

في المقابل، أشار تقرير صادر عن الشرطة الأوروبية (يوروبول) إلى أنّ العصابات المنظمة في جميع أنحاء العالم تستغل مخاوف البشر خلال أزمة كورونا بالطرق الملتوية وعلى نطاق واسع، وتجد في تفشي الوباء فرصة لاختراق أنظمة الشركات وتعريض حياة الناس للخطر على الرغم من حالة الطوارئ العالمية، كذلك، تعرض أدوية ومنتجات مزيفة للبيع، ومن بينها مضادات الفيروسات، والفيتامينات. وكشفت "يوروبول" عن أنّه وفي معلومات من مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبعد تقييم الخبراء لديها، تبين أنّ هناك ارتفاعاً في معدلات التزوير والسرقة ومحاولات المجرمين الاستفادة من الطلب المتزايد على الأدوية ومواد الوقاية والتطهير المطلوبة للحماية، مثل الكمامات والقفازات. وأبرزت أمثلة على ذلك، كما في حالة إحدى الشركات الأوروبية التي طلبت مواد حماية، من بينها أقنعة ومعقمات ومطهرات، من شركة في سنغافورة مقابل 6.6 ملايين يورو، لكنّ البضاعة لم تصل. وفي حالة أخرى، خسرت شركة مبلغ 300 ألف يورو بعدما لم يجرِ شحن 3.85 ملايين كمامة طلبتها. كذلك، فإنّ عملية مشتركة للشرطة الأوروبية، بالتعاون مع 90 دولة، أسفرت عن مصادرة 34 ألف كمامة مزيفة على مستوى العالم، فضلاً عن العثور على 4.4 ملايين عقار مقلد، بعدما جرى اكتشاف 37 عصابة واعتقال 121 شخصاً. وفي هذا السياق، قالت رئيسة "يوروبول" كاثرين دي بول، إنّ من المدهش سرعة تطوير المجرمين لنماذج عملهم في عمليات الاحتيال. أضافت أنّ الناس يعانون من الأزمة، بينما المجرمون لا يتوانون عن استغلالهم، ولا يمكننا قبول تلك الأفعال، خصوصاً في أثناء أزمة صحية خطيرة يمكن أن تعرض حياة الناس للخطر.



من جهة أخرى، جرى تحديد أكثر من 2000 موقع إلكتروني يعرض مواد معقمة غير فعالة ضد الفيروس، وجرت مصادرة 4 ملايين وحدة دواء وأجهزة تنفس وهمية ضمن عمليات للشرطة الأوروبية. كذلك، جرى الإبلاغ عن تعرض مستشفى في جمهورية التشيك لهجوم إلكتروني، وفقاً لـ"يوروبول"، ما اضطر المستشفى لوقف نظام تكنولوجيا المعلومات لديه، ما أجّل المعاملات الطبية. وفي بلجيكا، أفاد تقرير بأنّ السلطات طلبت كمامات من أحد المعامل مقابل خمسة ملايين يورو ولم يجرِ تسليمها. وفي العاصمة الإسبانية مدريد، تبيّن أنّه جرى استخدام 60 ألف اختبار كورونا غير فعال، مع معلومات عن أنّ الاختبارات وصلت من شركة صينية.
المساهمون